الذكرى مناسبة لربط حاضر الأمة المغربية بماضيها ومستقبلها يقول الله جل جلاله في كتابه الحكيم: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا...) صدق الله العظيم.
فبمناسبة الذكرى 26 لوفاة جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله تراه، أقيم قبل صلاة العشاء من يوم الأحد 9 من ربيع الثاني 1445 الموافق ل13 من اكتوبر 2024 وفي أجواء روحانية بالمسجد العتيق بالحي القديم بمدينة تاوريرت، حفل ديني ترأسه عامل إقليم تاوريرت، وحضرته السلطات العسكرية والمدنية والقضائية وبعض المنتخببن ورؤساء المصالح الخارجية بالإقليم، بالإضافة إلى أعضاء وأطر المجلس العلمي المحلي ومندوبية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وأئمة المساجد ومجموعة من حفظة القرآن الكريم.
وفعلا فقد كان يوم التاسع من ربيع الثاني 1420 هجرية يوما حزينا بالنسبة للشعب المغربي داخل الوطن وخارجه.. ودعوا فيه قائدا عظيما وعاهلا فذا، خاض المعركة ضد الجهل والتخلف وحمل مشعل النهضة والتجديد مقتفيا آثار أجداده العظام في تربية الأجيال وتثقيفها ونشر ألوان العلم والمعرفة بين كافة طبقات شعبه العزيز...
لقد عاش المغاربة الأوفياء والبررة تحت رايته وقيادته لمدة 38 سنة حيث وحد طوال هذه الفترة الأمة وبنى أمجادها حيث قام من خلالها بإرساء قواعد ملكية دستورية ديموقراطية مما جعل النظام الملكي المغربي يكتسي طابعا خاصا يتلاءم وأصالته وقيمته الروحية ومقوماته المعنوية والدينية ويتماشى مع عبقريته الفذة في التسيير والتدبير.. كما قام (رحمة الله عليه) بمجهودات لا تعد ولا تحصى جعل بها بحنكته وتبصره وطنه مرفوع الرأس بين الشعوب والأمم...
وقد شهد الحفل الديني العظيم، تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم وإنشاد أمداح نبوية، وقف الجميع بكل خشوع وإجلال ترحما على روح فقيد العروبة والإسلام المغفور له الحسن الثاني طيب الله تراه، الذي بصم تاريخ المغرب المعاصر بانجازاته العبقرية، والدود على وحدته الترابية، كما رفعت (أيضا) أكف الضراعة للترحم على روح أبي الأمة ومحرر البلاد المرحوم محمد الخامس اسكنه الله فسيح الجنان.
إن إحياء ذكرى وفاة المغفور له الحسن الثاني رحمة الله عليه، هي مناسبة من المناسبات لتعميق التفاف المغاربة حول العرش العلوي المجيد. إضافة إلى أن الشعب المغاربي الأبي يعتز بالملوك العلويين، لأنهم نشروا العلم والدين، وحافظوا على شعائره وآدابه، ويرون أن هذه الذكرى تذكرنا بموحد الأمة وباني أمجادها جلالة المغفور له الحسن الثاني رحمة الله عليه.
إضافة إلى أن اتباع أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، على إحياء هذه الذكرى العظيمة، إنما هو ربط حاضر الأمة المغربية بماضيها وبمستقبلها، والشعب المغربي متشبث بملكه ومنضبط بتعليماته السامية، فإذا كان الحسن الثاني قدس الله روحه هو مبدع المسيرة الخضراء فإن الملك محمد السادس هو مبدع المسيرات التنموية،
وقد عرف المغرب خلال السنوات التي امسك فيها المغفور له الحسن الثاني بمقاليد الأمور، تغيرات جذرية وعميقة ، وتطورات حميدة ملموسة، من حيث الكم والكيف، بل وقد طرأت عليه وبشهادة الكتاب والنقاد والمحللين تحسنات شملت معالمه ووجوه النهضة فيه، على جميع الأصعدة، السياسية منها، والاقتصادية، والاجتماعية والعمرانية، والثقافية...
ولا أحد منا ولا فينا ينسى الدعاء الذي ختم به المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني إحدى خطبه السامية حيث قال: "ادم اللهم التواصل والتعاطف بيني وبين شعبي، ويسر لي ولشعبي كل مرام ومراد، واجعلني اللهم واجعل شعبي متمسكين دائما بكتابك المبين وسنة نبيك المصطفى الأمين واهدني واهد شعبي إلى سبيلك القويم واعي بتأييدك وتسديدك على ما وكلت إلي من عمل صالح ينفعني في الدنيا وفي دار الآخرة"... واختتم هذا الحفل الديني بالدعاء بالمغفرة والرضوان لجلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه ولجلالة المغفور له محمد الخامس بطل الاستقلال نور الله ضريحه وان يتغمدهما بواسع رحمته وان يسكنهما فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين...
هذا، ولم يفت الحاضرين في ختام هذا الحفل الديني، الذي تميز بالخشوع و الخضوع لله عز و جل، الابتهال إلى الله جل جلاله بأن يحفظ أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس بما حفظ به الذكر الحكيم٬ ويسدد خطاه، وبأن يكلل أعمال جلالته ومبادراته بالتوفيق والسداد، ويجعل النصر والتمكين حليفا له في ما يباشره ويطلقه من أوراش كبرى اقتصادية واجتماعية بمختلف ربوع المملكة، داعين الله أن يعين جلالته حتى تتحقق على يديه الكريمتين ما يصبو إليه الشعب المغربي من تنمية شاملة ورقي وازدهار وسلم اجتماعي، وان يحفظ صاحب السمو اللكي الامير مولاي الحسن ، وان يشد ازر جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الامير مولاي رشيد وكافة أفراد الأسرة الملكية الشريفة...