(... وإن لفي هذه الالتفاتة المولوية الدليل القاطع على ماتكنه جلالتكم للقضاء من حرص وتقدير وما تنشده من مكانة وسؤدد واستقلال ونزاهة هادفين من وراء ذلك إلى تأمين حقوق رعاياكم ومصالحهم المشروعة... ومما يبشر بالخير بمستقبل القضاء في هذه المدينة العظيمة (فاس) أن تنصيب محكمة الاستئناف يوافق افتتاح كلية الحقوق فيها، ترمي كلتا المؤسستين إلى رفع راية القانون والعلوم القانونية والقضاء...). إنها فقرة من الخطاب الهام الذي ألقاه المجاهد الأستاذ محمد بوستة بوصفه وزيرا للعدل أمام جلالة الملك المغفور له الحسن الثاني عند تنصيب محكمة الاستئناف بفاس وذلك يوم 10 جمادى الأولى 1382 الموافق 19 أكتوبر 1962. هذا الخطاب ومحضر جلسة التنصيب كانا من الملصقات الكبرى والوثائق والأرشيف الفني والكثيف الذي أثت فضاء هذه المحكمة بمناسبة يوم الأبواب المفتوحة الذي نظمته هاته الأخيرة مؤخرا بمساهمة جميع الدوائر القضائية التابعة لها، والفعاليات المرتبطة بها. و امتدت هذه التظاهرة طيلة يوم كامل في شكل لقاء تواصلي مفتوح مع مختلف المواطنين باختلاف شرائحهم الاجتماعية بهدف إبراز ما تم إنجازه على المستوى اللوجيستيكي والمعلوماتي بالدائرة القضائية بمحكمة الاستئناف والتي تضم المحاكم الابتدائية بكل من مدن: فاس، وصفرو، وتاونات، وميسور، ومن أجل ذلك تم استعمال خلال هذه التظاهرة مختلف الوسائل الوسائطية لتعريف وتقديم كل المعلومات والمعطيات المتعلقة بمختلف مكونات المنظومة القضائية بهذه المنطقة سواء على صعيد رئاسة محكمة الاستئناف أو النيابة العامة بها أو الفعاليات المرتبطة بها كنقابة هيئة المحامين والمجلس الجهوي للعدول والمجلس الجهوي للهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين وكذا المجلس الجهوي للموثقين... حيث تولت خلية عن كل هذه المؤسسات بتقديم الشروحات المدعمة بوثائق ومطويات تعرف بها وبإنجازاتها بالإضافة إلى فتح حوار فاعل ومنتج حول مختلف المحاور التي تهم المتقاضين وعموم المواطنين. كما كان للبحث العلمي حضورا متميزا من خلال عرض نماذج من الأبحاث العلمية و الحقوقية خصوصا من طرف طلاب الماستر بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة سيدي محمد ين عبد الله والذي توج بتوقيع اتفاقية بين المؤسستين القضائية والجامعية فيما يخص التوثيق الأسري. هذا وقد حظيت هذه التظاهرة باهتمام عدد من الزائريين الذين عبروا عن ارتياحهم لمثل هذه المبادرة كما قام وفد رسمي برئاسة والي الجهة محمد الغرابي، والعمال، ورئيس الجهة الأخ محمد الدويري، وعمدة مدينة فاس الأخ حميد شباط، ورئيس مجلس العمالة الأخ محمد اليماني، ومدير ديوان وزير العدل، وعدد من المسؤولين بزيارة لمختلف أروقة ومكونات هذا المعرض القضائي . وفي هذا الصدد خص الرئيس الأول لمحكمة الاستناف بفاس الأستاذ محمد برادة غزيول جريدة ( العلم) بتصريح استهله بتوجيه تشكراته وتقديره للعلم على اهتمامها ومتابعتها لهذا الحدث الهام، مؤكدا أن هذه التظاهرة جاءت في إطار التوجهات العديدة لوزارة العدل الرامية إلى تحديث هذا القطاع وانفتاح المحاكم على محيطها الخارجي مع المواطنين ومختلف فعاليات المجتمع المدني بما في ذلك الفئات التي لها ارتباط بالحقل القضائي والقانوني، وكذلك نظرا لما يلاحظ من جهل للإجراءات والمساطر القضائية وعدم فهم جل المتقاضين للمصطلحات القانونية والقضائية وعدم معرفة المواطن لحقوقه ولواجباته القانونية وبسبب وجود أفكار مسبقة لا تساعد على الثقة في المؤسسات القضائية والتخوف والتوجس في ولوج فضاء المحكمة واعتباره عند البعض فضاء خاص بمحاكمة المجرمين... من أجل تحقيق هذه الهداف وغيرها وقد تم وضع إجراءات لتسهيل التواصل والذي يعتبر هذا اليوم المفتوح جزء من إستراتيجية متكاملة...).