نسبة كبيرة تؤيد تقنين صناعة المحتوى وتحذيرات من سلوكات التحرش والتشهري أجرى المركز المغربي للمواطنة استطلاع رأي لاستقصاء آراء المغاربة حول استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، ويندرج هذا الاستطلاع ضمن مبادرة "بارومتر المواطنة" الذي أطلقه المركز سنة خلال السنة الجارية. وذلك في سياق الانتشار الواسع لشبكات التواصل الاجتماعي كأحد أبر التحديات التي تواجه المجتمعات في العصر الرقمي، حيث تكمن صعوبتها في في السيطرة على تأثيراتها السلبية وتحقيق توازن بين فوائدها ومخاطرها بسبب سرعة تطور هذه الشبكات وقدرتها على الوصول إلى عدد هائل من الأفراد عبر مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية. وقد عرف الاستطلاع مشاركة 1201 شخصا من جميع الفئات العمرية يمثلون جميع جهات المملكة المغربية و1829 شخصا عبر منصة فيسبوك. وبناء على التقرير الذي أصدره المركز المغربي للمواطنة يرى %94 من المشاركين أن هناك حاجة لتشديد القوانين لمكافحة التشهير والقذف على منصات التواصل الاجتماعي، بينما وافق 81 من المشاركون من حيث المبدأ على فكرة منع الولوج إلى شبكات التواصل الاجتماعي التي تسبب ضررا على المجتمع والأجيال الصاعدة، فيما أعرب %87 من المشاركين عن تأييدهم فكرة حظر الولوج إلى المواقع الإلكترونية الإباحية، بينما يرى %87 من المشاركين ضرورة تنظيم وتقنين المهن الجديدة المرتبطة بصناعة المحتوى والمؤثرين الذي ينشطون على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي. فيما يخص ثقة المشاركين في مصادر الأخبار على شبكات التواصل الاجتماعي، فإن 51 % يثقون أكثر في الصحافيين المهنيين، و40% يثقون في معارفهم وأصدقائهم الذين ينشرون على حساباتهم، في حين يثق فقط 5 % في صناع المحتوى و2 % في المؤثرين. كما يرى 87 % من المشاركين أن المحتوى التافه يحظى بأكبر قدر من الانتشار على منصات التواصل الاجتماعي مقارنة بالمحتوى الهاد، ويعتقد 68% من المشاركين أن المغاربة لا يستفيدون بشكل إيجابي من المزايا والفوائد التي تقدمها منصات التواصل الاجتماعي. في حين يرى 64 % من المشاركين أن منصات التواصل الاجتماعي ساهمت في تحسين الوعي السياسي والمشاركة المدنية للشباب، ويرى حوالي 94% أن السعي لربح المال يفقد المؤثرين وصناع المحتوى مصداقيتهم وموضوعيتهم، فيما يعتبر %49 من المشاركين أن شبكات التواصل الاجتماعي تعتبر وسيلة فعالة لبناء العلاقات الاجتماعية بين الأفراد.
وقد خلص التقرير إلى أن شبكات التواصل التواصل الاجتماعي توفر فرصا كبيرة لتحسين التواصل وتبادل المعلومات وتعزيز الروابط الاجتماعية بين الأفراد. إلا أن استخدامها يأتي بتحديات جسيمة قد تؤثر سلبا على الأفراد وقيم المجتمع خصوصا الأجيال الناشئة. فالنتائج التي توصل إليها هذا الاستطلاع تبرز هذه الثنائية بوضوح، فمن ناحية، هناك تفاعل قوي ومستمر للمواطنين مع هذه المنصات، ومن ناحية أخرى، هناك انتشار لبعض الظواهر السلبية من سلوكيات مسيئة مثل التحرش والتنمر الإلكتروني والتشهير وانتشار المحتوى التافه الذي يلقى إقبالا كبيرا. كما خلص القرير إلى ضرورة الإعتراف بالفوائد العديدة لشبكات التواصل الاجتماعي ولكن دون إغفال العيوب الناجمة عن استخدامها. كما تضيف الابتكارات المستمرة في هذا المجال طبقة من التعقيد تتطلب تكيفا مستمر ا للممارسات بهدف خلق بيئة رقمية آمنة وإيجابية. كما ألقت النتائج الضوء على التحديات التي تواجه المجتمع في التعامل مع هذا التطور السريع. على الرغم من الوعي المتزايد بالمخاطر المرتبطة بشبكات التواصل الاجتماعي، لا يزال من الصعب على المجتمع اتخاذ تدابير فعالة للتخفيف من هذه المخاطر. كما كشف هذا التقرير عن الانتشار الواسع لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي في المغرب، مع التعبير عن القلق بشأن المخاطر المحتملة التي قد تواجه الأفراد والمجتمع بأسره، وهذا يؤكد على الحاجة إلى نهج متوازن للاستفادة من ايجابيات هذه الوسائل مع العمل على تخفيف آثارها الضارة، ويأخذ في الاعتبار التطورات السريعة في هذا المجال والتحديات المرتبطة بإدارته وتنظيمه.
وقد اقترح المركز المغربي للمواطنة تعزيز دور المدرسة في التوعية حول شبكات التواصل الاجتماعي، عبر دمج تعليم مبادئ وآليات استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في المناهج التعليمية، بهدف تزويد التلاميذ بالمهارات الأساسية للتفاعل مع هذه الوسائط بمسؤولية وأمان، إضافة إلى العمل على تعزيز استخدام مسؤول لشبكات التواصل الاجتماعي من خال تنفيذ برامج تعليمية وإطلاق مبادرات توعوية وتحسيسية. كما اقترح المركز تقوية الإطار التشريعي الوطني لضمان حماية أكثر شمولية للمواطنين من التعرض للتشهير والإساءة والكراهية والتمييز والتحرش، وتطوير تشريعات جديدة لتنظيم أنشطة المؤثرين وصانعي المحتوى، مع التركيز بشكل خاص على الشفافية والالتزام المجتمعي. كما دعا المركز إلى تنظيم مناظرات وطنية للحوار حول النموذج المثالي للتواصل الاجتماعي الذي يخدم الفرد والمجتمع، وإجراء دراسات مفصلة لاستقصاء التأثيرات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية لشبكات التواصل الاجتماعي بشكل أعمق على مختلف شرائح المجتمع المغربي، وتعزيز الشراكة بين الدولة والمجتمع المدني من خلال تطوير مبادرات متكاملة تهدف إلى تحسين استخدام شبكات التواصل الاجتماعي بشكل فعال وآمن.