مستفيدا من موقعه الجغرافي المتميز، ومن مؤهلاته الطبيعية والتاريخية والثقافية، أصبح المغرب وجهة سياحية عالمية، عززها الإرادة السياسية القوية من أعلى هرم السلطة في البلاد التي وضعت خطة وطنية طموحة، ساعدت القطاع كي يتحول إلى واحد من الروافد الأساسية للنهوض الاقتصادي والتنموي الشامل في المملكة. ومع بداية العام الجاري، بدأ المغرب في حصد نتاج سياساته الاستراتيجية التي تؤطر هذا القطاع، وذلك بتجاوز سقف 14 مليون سائح زاروا المملكة، مدرين على خزينة البلاد مبالغ مالية مهمة تتجاوز 100 مليار درهم، في إنجاز قياسي غير مسبوق، قاد المنظمة العالمية للسياحة لإدراج المغرب في المرتبة 22 على الصعيد الدولي كأفضل الوجهات السياحية في العالم، وهو الترتيب الذي ينتظر أن يتجاوزه قريبا بفضل القفزات الحقيقية التي يحققها القطاع، والتي ستعززها التظاهرات العالمية المرتقب إقامتها في المغرب، وما احتضانه فعاليات كأس العالم لكرة القدم إلا مثال على ذلك، محققا بذلك طموحه المعلن في وصول رقم 26 مليون سائح في أفق سنة 2030. وتراهن البلاد ضمن استراتيجيتها الطموحة التي تحمل اسم «رؤية 2020» إلى جعل تحويل القطاع السياحي إلى واحد من القوى المحركة الأكثر ديناميكية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وذلك عبر إحلال المملكة ضمن أفضل 20 وجهة سياحية في العالم لترسيخ مكانتها كمرجع في منطقة البحر الأبيض المتوسط. وترتكز الخطة المغربية للنهوض السياحي على ثلاثة أهداف استراتيجية، تتجلى في مضاعفة سعة الإيواء السياحي، عبر بناء حوالي 200.000 سرير جديد، ومضاعفة عدد السياح، عبر مضاعفة حصة المغرب من الأسواق الأوروبية التقليدية الرئيسية، وجذب مليون سائح من الأسواق الناشئة، وأخيرا، رفع عدد الأسفار الداخلية إلى ثلاثة أضعاف. ومن ضمن المبادرات الرامية لتحقيق هذا المبتغى الطموح، تعمل وزارة السياحة على تثمين العنصر البشري كمحور لأي إقلاع سياحي منشود، ولهذه الغاية قامت بإحداث «جوائز المغرب للسياحة»، وهي التظاهرة التي تروم تكريم الفاعلين الأكثر دينامية ونشاط في القطاع. وهكذا، انتزعت مدينة الصويرة جائزة «وجهة سنة 2023» خلال حفل نظم يومه الثلاثاء 16 يناير، بالرباط، بينما تم اختيار عادل الفقير، المدير العام للمكتب الوطني المغربي للسياحة، ك«شخصية السنة»، فيما تم تتويج حميد بن طاهر، رئيس الكونفدرالية الوطنية للسياحة، بجائزة «شخصية السنة»، إضافة إلى حصول عثمان نايت، المدير العام لشركة « Travel Link Morocco»على جائزة «شاب السنة». كما فازت جمعية التهيئة والترويج لمحطة تغازوت (SAPST) بجائزة «المؤسسة المسؤولة بيئيا لهذه السنة»، في حين ذهبت جائزة «الالتزام الاجتماعي للنساء المرشدات» إلى المديرة العامة لمؤسسة Intrepid Travel بالمغرب، هالة بنخلدون. وعادت جائزة «مطعم السنة» إلى إيمان الرميلي، رئيسة الفيدرالية الوطنية للمطاعم السياحية، بينما نالت رقية العلوي، رئيسة المجلس الجهوي للسياحة بجهة طنجةتطوانالحسيمة، جائزة «سيدة السنة». وفي فئة وكالات الأسفار، فازت شركة «Atlas Voyage» بجائزة «وكالة السنة»، في حين فازت شركة «S.Tours» بجائزة «شركة تدبير الوجهات»، أما جائزة «أفضل مجموعة فندقية لهذه السنة» فقد منحت لمجموعة «Hivernage Collection»، بينما ذهبت جائزة «أفضل مؤسسة فندقية لهذه السنة» إلى فندق «Fairmont La Marina « بالرباط سلا. كما حاز على جائزة «فندقي السنة» نوري سلادين، المدير العام لفندق «موفنبيك» بمراكش، في الوقت الذي منحت فيه «الجائزة الشرفية» لعمر القباج، الرئيس المدير العام لفندق «حياة ريجنسي» بالدار البيضاء. ورغم الإنجازات غير المسبوقة التي حققها القطاع، إلا أن الطريق أمامه ما زال طويلا، وهو ليس معبدا تماما، وذلك بالنظر لحجم الإكراهات التي تعترضه والتحديات التي تواجهه، ضمن سوق دولية مطبوعة بتنافسية شرسة، وهو ما كان قد نبه عليه المجلس الأعلى للحسابات ضمن تقريره السنوي برسم 2022/2023، وذلك بوقوفه على جملة من الاختلالات التي تعيق النمو المطرد للقطاع، وضمنها التقصير المسجل في تشجيع السياحة الداخلية وتطويرها، مع تنويع العرض السياحي الوطني وملائمته وتطلعات السياح الداخلين، والرفع من تنافسية المنتوج السياحي وملائمة الأسعار مقارنة بالخدمات المقدمة. كما سجل المجلس التأخر الملحوظ في إنجاز مشاريع السياحة القروية والسياحة البيئية المسطرة في برامج العقود الجهوية، إضافة إلى تعثر تطوير الاقامات العقارية الموجهة للإنعاش السياحي، وذلك رغم الحوافز المادية التي تتعلق بالإقامات العقارية للإنعاش السياحي، موصيا في هذا الإطار بإحداث مديرية مركزية مخصصة للسياحة الداخلية، مكلفة بالقيادة الاستراتيجية والتنسيق بين المؤسسات المعنية بتنفيذ استراتيجية الوزارة في مجال تطوير السياحة الداخلية، وإعادة النظر في الحكامة الترابية لمشاريع تنمية السياحة الداخلية، وتعزيز النقل الجوي الداخلي عبر توفير خطوط جوية إلى مختلف الوجهات السياحية الوطنية بأسعار تناسب القدرة الشرائية للسياح الداخليين.