تقرير مثخن بالانتهاكات ينضاف لسجله الأسود يتزامن وزيارة المقرر الأممي الخاص بحقوق الإنسان إلى الجزائر تزامنا والزيارة الرسمية التي يقوم بها «كليمان نيالتسوسي فول» المقرر الأممي الخاص بحقوق الإنسان إلى الجزائر خلال الفترة ما بين 16 و26 شتنبر الجاري، بهدف تقييم الامتثال لحقوق الحرية في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات داخل هذا البلد ذي السجل الأسود في خرق أبسط المبادئ الكونية المتعارف عليها لحقوق الإنسان، أصدرت منظمة العفو الدولية "أمنيستي" تقريرا مثقلا بالخروقات والانتهاكات الجسيمة التي ما فتئ النظام الجزائري يقترفها ضاربا عرض الحائط كل الانتقادات المصوبة نحوه والرامية إلى لجمه عن التمادي في قمعه الممنهج لكل الأصوات المعارضة. وتأتي زيارة المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، في وقت يقبع فيه عشرات النشطاء والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان خلف أسوار السجون، وذلك حسب تأكيدات منظمة العفو الدولية التي قالت إن أعداد المعتقلين تتزايد مع قيام النظام في الجزائر بمزيد من حملات الاعتقالات وتوجيه المزيد من التهم ضد الأشخاص الذين يمارسون ببساطة حقوقهم في حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها. في هذا الصدد، دعت المنظمة الحقوقية السلطات في الجزائر إلى وضع حد لاعتداءاتها التي لا هوادة فيها ضد حرية التعبير والنشاط السلمي، معلنة إطلاقها حملة جديدة ترمي من ورائها إلى تسليط الضوء على تأثير حملة القمع التي تشنها هذه السلطات على الأصوات المعارضة الشجاعة، حسب تعبيرها. وفي ظل الزيارة الحالية التي يقوم بها المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات إلى الجزائر، فإن سجل الجزائر المتردي في مجال حقوق الإنسان يخضع لتدقيق دولي نادر. أمام هذا الوضع، أكدت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية أنه «في الجزائر اليوم، لا أحد يتحدث بشجاعة وانتقاد في مأمن من براثن السلطات القمعية، وأي شخص يعتبر تهديدا، من الطلاب لكبار السن، يجد نفسه في مواجهة المضايقة والترهيب أو الاعتقال التعسفي لمجرد ممارسته لحقوقه الإنسانية»، داعية إلى وجوب توقف النظام الجزائري عن حملات القمع فورا والإفراج غير المشروط على جميع ضحايا هذه الانتهاكات. ولم تفوت «أمنيستي» الفرصة لمطالبة السلطات الجزائرية بالعمل بشكل بناء مع المقرر الخاص أثناء زيارته للبلاد، بما يضمن وصوله الكامل وغير المقيد وقدرته على إجراء اتصالات سرية وغير خاضعة للإشراف مع أي شخص يرغب في مقابلته، ملحة عليها ضمان عدم تعرض أي فرد يتعامل مع المقرر الخاص لأعمال انتقامية. وخلال العامين الماضيين، حاكمت السلطات الجزائرية أو اعتقلت أو احتجزت ما لا يقل عن 12 صحفيا وعاملا في وسائل الإعلام، وإلى حدود العام الجاري، قامت بمحاكمة خمسة صحفيين، وأغلقت شركتين إعلاميتين على الأقل، وأوقفت وسيلة إعلامية واحدة لمدة 20 يوما. وحسب تقرير منظمة العفو الدولية، أصدرت محكمة قسنطينة في 29 غشت الماضي حكمها على الصحفي مصطفى بن جامع والباحث رؤوف فرح بالسجن لمدة عامين، وحكمت على كل منهما بغرامة قدرها 200,000 دينار، وذلك بناء على تهم واهية ولا أساس لها من الصحة تتعلق ب «نشر معلومات ووثائق مصنفة» و«تلقي أموال من مؤسسات خارج الوطن وداخله». وفي يونيو 2023، رفعت محكمة الاستئناف في الجزائر العاصمة عقوبة السجن بحق الصحفي البارز إحسان القاضي من خمس إلى سبع سنوات، منها سنتان مع وقف التنفيذ، وهو محتجز في سجن الحراش في الجزائر العاصمة منذ دجنبر2022 بتهم تتعلق بعمله الصحفي. وفي 20 غشت، اعتقلت السلطات ما لا يقل عن 40 ناشطا لمنع تجمع في إفري، وهي قرية تقع شرق الجزائر، لإحياء ذكرى مؤتمر الصومام عام 1956، كما استهدفت على نحو متكرر محمد تجاديت، الذي عرف خلال حركة الحراك الاحتجاجية باسم «شاعر الحراك»، واعتقلته أربع مرات على الأقل مع تعريضه للتعذيب بسبب مشاركته في الاحتجاجات السلمية وممارسته حقه في حرية التعبير. وتتحجج السلطات الجزائرية، حسب تقرير أمنيستي، بتهم الإرهاب لكتم وإخراس الأصوات المعارضة، وهو ما حدث مثلا مع كل من محاد قاسمي وسليمان بوحفص ومحمد بن حليمة، المنتمين إلى جمعية «تجمع، عمل، شبيبة»، كما دفعت حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية إلى حل نفسه. وتعرضت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، أقدم منظمة مستقلة لحقوق الإنسان في الجزائر، لهجمات ممنهجة استهدفتها من طرف السلطات، حيث تعرضت للحل في يونيو 2022، كآخر مرحلة من مراحل التضييق عليها في مسلسل طويل كان من ضمن حلقاته إغلاق فرع لها في تيزي وزو ومنع الوصول إلى مقرها المركزي في مدينة بجاية. ويذكر أن المقرر الخاص الأممي يركز خلال زيارته التي من المرتقب أن تنتهي اليوم الثلاثاء 26 شتنبر على قدرة منظمات المجتمع المدني والنقابات العمالية والأحزاب السياسية على العمل بحرية، فضلا عن تدابير حماية الحق في التجمع السلمي، على أن يعرض تقريره الشامل عن الزيارة على أنظار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في يونيو 2024.