بدأت غيوم الكآبة تنزاح عن صدور المراكشيين الذين بدأوا يتعافون من هول صدمتهم وكفكفوا دموعهم التي أسالها زلزال "الحوز" الذي هدم بعض معالم مدينتهم و بمدن أخرى كالحوز وشيشاوة و تارودانت وورزازات، حيث خلف خسائر في المباني والأرواح والأبدان. فقد انزاحت الغيوم بعدما هبوا من صدمتهم التي جثم هولها على صدورهم طيلة أسبوع بعد الزلزال العنيف، واستعادت العديد من المقاهي والمطاعم نشاطها، وفتحت محلات الأسواق أبوابها وملئت شوارعها بالغادين والرائحين من سكان المدينة وعدد كبير من زوارها من سائر المدن الذين أبوا إلا أن يؤازروا إخوانهم المراكشيين ويدعمونهم نفسيا من خلال إسهامهم في عودة الحياة للقطاع السياحي الذي يعد عصب الحياة الاقتصادية بمراكش، ويساعدونهم لتجاوز محنتهم التي بسبب زلزال الحوز. ولم يقتصر أمر هذا الدعم على المواطنين المغاربة بل لوحظت أفواج من السياح يتجولون بكل طمأنينة بأحياء بالمدينة وهم بذلك يقدمون للعالم صورة تعكس همة وإصرار المراكشيين على استمرار دوران عجلة الحياة، وهم المتضررون من الزلزال، ومنهم من فقدوا أهاليهم أو بيوتهم أو جزءا منها، ومنهم من صاروا بدون مأوى وكل هؤلاء - ومن ورائهم إخوان لهم من كل ربوع المملكة مابخلوا بغالٍ ولا بنفيس - شحذوا هممهم فاستأنفوا أعمالهم وفتحوا دكاكينهم ومحلاتهم وأكشاكهم و مطاعمهم ومخابزهم و ورشاتهم في الوقت الذي انكبت فيه فرق من عمال الجماعة على تنقية المسارات من الأتربة لإزالة آثار الدمار. وعموما، فإن الحياة دبت في أوصال القطاعات الاقتصادية الحيوية بمراكش خاصة القطاع السياحي الذي يسترجع عافيته شيئا فشيئا، ولعل ما يبشر بذلك على سبيل المثال، ما أوردته الأرقام الصادرة عن الاتحاد الإسباني لوكالات السفر، والتي تشير إلى أن ما بين 4000 إلى 5000 من السياح الإسبان يقيمون حاليا في منطقة مراكش. وما يثلج الصدر أيضا، هو انه رغم حدة الضربة التي خلفها الزلزال فقد لملم المراكشيون أنفسهم واستجمعوا قواهم لتجاوز هذه الكارثة مستشرفين المستقبل، آملين في أن تستعيد قريبا مدينتهم واحوازها نشاطاتها بالكامل، في أن يتم الإسراع بإعادة تأهيل المعالم التاريخية وفتحها لتستقبل زوارها وتكثيف الجهود لإزالة ما تبقى من آثار الدمار من الأحياء والدروب المتضررة بعد إزالة الأخطار التي تشكلها بقايا البيوت التي تهدمت أجزاء منها والشروع خلال الأيام المقبلة في بناء ما هدمه الزلزال من بيوت ودكاكين وأسوار، وترميم المتصدعة منها لتسترجع مراكش رونقها وبريقها ولتعلو البهجة على محيا البهجاويين.