النظام الجزائري يكتوي بنار الانفصال التي ظل يشعل فتيلها خارج حدوده مازالت السلطات الجزائرية تتستر على أحداث الهجوم المسلح الذي تعرض له قبل أسبوع مجموعة من حرس الحدود الجزائريين أقصى جنوبالجزائر على الحدود مع مالي و أدى الى مقتل ما لا يقل عن 16 جنديا جزائريا و تبنت تنفيذها مجموعة مسلحة تطلق على نفسها حركة تحرير جنوبالجزائر التي تقدم نفسها كحركة انفصالية مسلحة هدفها انشاء دولة مستقلة بالجنوبالجزائري عاصمتها مدينة تمنراست المركز التاريخي لقبائل الطوارق بالمنطقة و الواقعة على مسافة 400 كلم شمال الحدود البرية مع مالي.
النظام الجزائري مرعوب ليس من حصيلة القتلى بالوحدة التابعة للجيش الجزائري بالمنطقة الحدودية التي عادة ما تشهد مناوشات متكررة بين القوات النظامية و مجموعات المهربين أو المسلحين الناشطة بالشريط الصحراوي للساحل الافريقي الممتد من مالي الى صحراء ليبيا .
القيادة العسكرية بالجزائر دأبت خلال الأشهر الماضية الأخيرة عن الإعلان عن عمليات تدخل نوعية لوحدات الجيش الجزائري بأقصى الجنوبالجزائري و تعداد سقوط قتلى في أوساط من تصفهم عادة بلاغات الجيش بالإرهابين .
ما يؤرق قصر المرادية الذي سارع قبل أيام الى إستدعاء المجلس الأعلى للأمن بالجزائر لاجتماع طارئ للتداول في الوضع بالحدود و تنسيق الجهود لتأمين أزيد من 6500 كلم من الحدود البرية ثلثاها عبارة عن خط تماس مباشر مع مناطق شديدة الحساسية أمنيا , هو أن نشر وتداول معلومات العملية النوعية التي أودت بحياة جنود جزائريين , معناه التسويق لمشروع انفصالي جاد و مهم ينازع الدولة في السيادة على زهاء نصف مساحة الصحراء الجزائرية التي تتربع على زهاء 80 في المائة المساحة الكلية للتراب الجزائري وينضاف الى مطالب الانفصال و الاستقلال عن السلطة المركزية التي ترفعها شمالا منطقة القبائل و التي تطورت الى مستوى إعلان حكومة انفصالية بالمنفى و إطلاق تسمية جمهورية القبائل على الكيان الجغرافي و البشري الذي يوجد في حالة صدام مستمر و متجدد مع رموز و هيئات السلطة بمناطق واسعة من الشمال الجزائري يحتضن أزيد من 2 مليون نسمة من الساكنة التي تطالب باستمرار بالاستقلال الذاتي و تقاطع كافة المواعيد الانتخابية الرسمية .
عمليا ورغم انضباط مكونات الاعلام الجزائري لمطلب التعتيم على حادث الجنوب , و زعمه بأن جدول أعمال اجتماع مجلس ألأمن الجزائري خصص لمناقشة التهديدات الحدودية المترتبة عن مناورات تمرين الأسد الافريقي في دورته الأخيرة إلا أن تحركات للجيش الموريتاني بمناطق الشمال الشرقي لتأمين مناطق التماس البري مع الجزائر , وتزامنه مع تدهور مفاجئ للأوضاع الأمنية بمنطقة الساحل شمال مالي و إعلان مجموعة من مسلحي الأزواد عن القيام بعمليات مداهمة نوعية بصحراء شمال مالي و النيجر تمهيدا لبسط سيطرة مشروع إمارة إقليمية لتنظيم داعش الإرهابي , كلها دفعت مجموعات منظمة و مسلحة من شعب طوارق صحراء الجزائر الذين ألغت السلطات الجزائرية وجودهم و صوتهم خلال عقدين من تدخلها في الشأن المالي لايجاد حل لمشكل أزواد مالي الذين تعتبرهم الجزائر تهديدا مباشرا لأمنها و سيادتها الترابية الجزائرية لذلك تسعى كل مرة لارضاء قياداتهم الميدانية وفرضهم على حكومة مالي كطرف في مخططات تسوية الأزمة المالية , حتى لا تمتد طموحاتهم و أطماعهم الى الجنوبالجزائر الذي يكتنز 95 من حقول الغاز و النفط الجزائري .
إعلان حركة تحرير جنوبالجزائر عن أولى عملياتها العسكرية و أهدافها السياسية المتمثلة في وطن مستقل يقتطع من التراب الجزائري الرسمي زهاء نصف مساحته, و تقاطع مطالبه مستقبلا حتما مع مطالب و شعارات أزواد شمال مالي , يعني أن السلطة الجزائرية المركزية التي تتقن تاريخيا مؤامرات تدبير الحركات الانفصالية و حتى الانقلابية بالعديد من مناطق القارة السمراء , ستكون مطالبة بالتعامل مع مطالب انفصالية جادة و مؤثرة و قوية بداخل الحدود الرسمية المنتفخة للجزائر التي ورثتها عن حسابات استراتيجية و قراءات مصلحية لفرنسا الاستعمارية قبل أزيد من قرن .....