حكومة سانشيز ماضية في تنفيذ خارطة الطريق بين البلدين رغم مناورات الأصوات المناصرة للبوليساريو حرك قرار الحكومة الإسبانية بدء المفاوضات حول إدارة المجال الجوي للأقاليم الجنوبية للمملكة جدلا في الأوساط السياسية الإسبانية، ففي جواب لها عن أسئلة برلمانيين الأسبوع الماضي أكدت حكومة بيدرو سانشيز أن المفاوضات بين المغرب وإسبانيا قد بدأت، وأن هذا الموضوع يأتي تنفيذا لخارطة الطريق المعلن عنها السنة الماضية عقب استقبال جلالة الملك في السابع من أبريل من السنة الماضية، حيث أن النقطة السابعة من هذا الاتفاق المشترك بين البلدين تشير إلى هذا الموضوع الذي لم تتم إثارته في اللقاء رفيع المستوى بين البلدين في فبراير الماضي، وإنما أوكل إلى لجنة مختصة.
فرغم عزم الحكومة المركزية الإسبانية على التفاوض مع المغرب بحسن نية حول كافة القضايا المشتركة، فإن مسألة إدارة المجال الجوي للأقاليم الجنوبية و ترسيم الحدود البحرية بين المغرب وإسبانيا خاصة تلك المقابلة لجزر الكناري ما زالت تثير الكثير من الجدل والأطماع لدى بعض الأوساط السياسية الإسبانية المناصرة للبوليساريو في إسبانيا وفي جزر الكناري التي تريد الاستحواذ على مناطق هي من حق المغرب . كما أن بعض الأصوات التي لم تستفق بعد، وما زالت لم تهضم استرجاع المغرب لأقاليمه الجنوبية، ما زالت تعتقد أن بإمكانها الحديث عن إدارة الأجواء والحدود البحرية لهذه الأقاليم التي استرجعها المغرب، وكأنها ليست تابعة له.
وفي هذا السياق حرك إعلان الحكومة الإسبانية عن فتح مفاوضات للتنازل عن السيطرة الجوية على الصحراء المغربية للمغرب المكونات اليسارية للأغلبية الهشة لرئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز.ومنها حزب اليسار الموحد، وهو عضو في الحكومة، يترأسه وزير الاستهلاك، ألبرتو غارثون الذي اعتبر أن فتح الحكومة الإسبانية للمفاوضات مع المغرب في هذا الشأن إهانة أخرى لإسبانيا كدولة، التي عليها حسب زعمه، أن تواصل القيام بواجبها التاريخي تجاه «الشعب الصحراوي»، ومضى في هذيانه بالمطالبة بما سماه «تقرير المصير» الذي أقبرته الأممالمتحدة منذ سنوات، ولم تعد تتحدث عنه منذ تقرير مبعوثها السابق جيمس بيكر، واقتراح المغرب للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية سنة 2007، والاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء ، والتأييد المتواصل للحكم الذاتي المغربي من طرف مجمل دول الاتحاد الأوروبي.
ومن ناحية أخرى، لم يعلق حزب بوديموس، المكون الآخر للتحالف الذي يحكم إسبانيا منذ يناير 2020، رسميًا حتى الآن على بدء مفاوضات نقل السيطرة الجوية على الصحراء إلى المغرب. ويذكر أنه تم استبعاد جميع وزراء تحالف يونيداس-بوديموس، القريب من البوليساريو، من الاجتماع رفيع المستوى بين المغرب وإسبانيا، الذي عُقد في الرباط يومي 1 و 2 فبراير الماضي، وذلك بسبب مواقفهما المؤيدة علنا للأطروحة الانفصالية.
وفي جزر الكناري تعالت أصوات أحزاب المعارضة المؤيدة للبولساريو ضد الحكومة الإسبانية التي أعلنت عن بدء مفاوضات للتنازل عن السيطرة على المجال الجوي للصحراء للمغرب. وقال الأمين العام لائتلاف الكناري وعضو مجلس الشيوخ فيرناندو كلافيجور أنه لا يعلم شيئاً، عن الموضوع وأن حزبه يريد تفسيراً، وأنه إذا استمر الأمر على هذا الحال فسوف يستيقظون يومًا ما حسب زعمه ليجدوا جزر الكناري قد أصبحت ملكًا للمغرب.
وأعرب كلافيجور عن قلقه من التنازل الذي يمثل، حسب قوله، خيانة «للشعب الصحراوي» موجها أصابع الاتهام إلى ما سماه تواطؤ حكومة الأرخبيل في هذا الملف. وقال إن رئيس جزر الكناري، فيكتور طوريس على علم بذلك وأخفاه.
و كان طوريس قد زار المغرب يومي 15 و 16 مارس الجاري ، وأشار إلى أن المفاوضات بين الرباط ومدريد بشأن هذه القضية، تهدف بشكل أساسي إلى تحسين إدارة المجال الجوي. وأثنى على العلاقات المغربية الإسبانية ، كما سبق له أن أكد في تصريحات لوسائل الإعلام، أن الاتفاق بين إسبانيا والمغرب في أبريل من العام الماضي، في نقطته السابعة، يشدد على فتح باب المفاوضات بشأن إدارة المجال الجوي وأضاف هو الاخر حسب زعمه، أنه لن يكون في أي حال من الأحوال ، أي تنازل إسباني في هذا الموضوع.
وتنتاب نفس الحساسية أحزاب اليسار المؤيد للبوليساريو بخصوص تحديد المجال البحري المقابل للأقاليم الجنوبية، وفي هذا الإطار أثارت النائبة البرلمانية «ميرا بيتا «عن المجموعة المختلطة للكونغريس الإسباني الموضوع في سؤال لها لوزارة الخارجية الإسبانية، حيث تساءلت عن مصير المفاوضات بهذا الشأن، وكان جواب وزارة الخارجية أن بحث الأممالمتحدة للطلب المتعلق بجزر الكناري الذي سجلته الحكومة الإسبانية سنة 2014 لم يبدأ بعد، وليس لحد الآن مدرجا في جدول أشغال لجنة التحديد القاري.
وأضافت الوزارة أنه بسبب تأخر تكوين اللجن المصغرة التي تدرس طلبات توسيع المناطق القارية التي تتابع بشكل دقيق نظام الطلبات المدرجة، فإن وزارة الخارجية ترى أن تشكيل اللجنة المصغرة الخاصة بجزر الكناري سيتأخر لسنوات. وفي ردها ذكرت البرلمانية ميرا بيتا أن المغرب صادق ومن جانب واحد سنة 2020على قانونين يوسعان حدوده البحرية مع إسبانيا والصحراء ضاما إلى حدوده المناطق التي تطالب بها إسبانيا لدى الأممالمتحدة.
وأضافت أن القانونين اللذين صادق عليهما المغرب يجعلان مياهه الإقليمية تمتد ل12 ميلا التي تحدد منطقته الاقتصادية في 200 ميل، ويوسع منطقته القارية إلى حدود 350 ميل.