كشف بحث أعدته مجموعة "سيتيزن لاب" الكندية المعنية بالأمن الإلكتروني أن إيران سعت إلى تطوير نظام مراقبة غير مسبوق، ويعد الأضخم في العالم، للتجسس على الهواتف المحمولة في جميع أنحاء البلاد. وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية إن البحث الصادر يوم الاثنين الماضي، واعتمد على وثائق ومستندات سرية تعرضت للقرصنة وتم التحقق من صحتها، أشار إلى أن إيران بحثت تطوير هذا النظام مع شركتين غربيتين. وأضافت الصحيفة أنه استنادا إلى الوثائق، فقد تركزت طموحات السلطات الإيرانية، التي لا يمكن الاستهانة بها، على مراقبة منظومة مزودي خدمة الهاتف المحمول بشكل فعال. ولا تشير الوثائق السرية، التي تغطي الفترة بين عامي 2018 و2021، بشكل قاطع ما إذا كانت إيران قد نجحت في تشغيل النظام جزئيًا أو كليًا، على الرغم من أن المناقشات مع الشركات الغربية وصلت لمراحل متقدمة جدًا، وفقا للباحثين في المجموعة الكندية. ومع ذلك يؤكد الباحثون أن هذه المعطيات تلقي الضوء على اتباع إيران والأنظمة القمعية الأخرى تكتيكات ترمي لتضييق الخناق على المحتجين. وقال مؤلفو التقرير إن "من الواضح أن هذه الوثائق تعكس تطلع طهران لإنشاء أنظمة مراقبة غير مسبوقة من شأنها أن تؤدي إلى مزيد من الانتهاكات في مجال حقوق الإنسان". وجدت الأبحاث التي أجريت على الوثائق المقدمة من قبل موقع "الإنترسبت" الأميركي لمجموعة "سيتيزن لاب" أن نظام المراقبة من شأنه توفير معلومات شاملة حول مشتركي خدمة الهاتف النقال في إيران، بما في ذلك المعلومات الشخصية للمواطنين والأجانب بمجرد شرائهم بطاقة "سي كارد". ووجد الباحثون أن كمية المعلومات التي يمكن للسلطات الإيرانية جمعها من مزودي خدمات الهاتف المحمول من خلال هذا النظام ستكون ضخمة جدا. تشمل المعلومات كذلك، الأشخاص الذين تواصل معهم المستخدم ومتى وأين وعدد المرات والفترة الزمنية التي استغرقها في الحديث. وأيضا تتيح للسلطات الدخول لسجل استخدام الإنترنت والرسائل النصية وكذلك تحديد الموقع الجغرافي للمستخدمين، والوصول لمعلومات التعريف الشخصية مثل شهادة الميلاد وأرقام جواز السفر. وبشكل غير مسبوق يسمح النظام للسلطات بإجراء تغييرات على هاتف المستخدم، مثل إجباره على استخدام شبكة انترنت أبطأ. ووفقا للصحيفة فقد تم الحصول على هذه الوثائق السرية بعد اختراق بريد إلكتروني صادر من شركة اتصالات إيرانية تدعى "أيريان تيل"، مبينة أن الوثائق كشفت أيضا عن مفاوضات بين إيران وعدة شركات أجنبية، بينها واحدة روسية وأخرها مقرها المملكة المتحدة وواحدة في كندا. واشتكى الإيرانيون بشكل منتظم من تباطؤ الوصول إلى الإنترنت على الأجهزة المحمولة أثناء فترات الاحتجاج، وهو تراجع مفاجئ في الخدمة يجعل استخدام الهاتف الذكي صعبا إن لم يكن مستحيلا. وكانت شركة متخصصة بالحماية الرقمية كشفت الأسبوع الماضي عن قيام النظام الإيراني بالتجسس على مواطنيه من خلال تطبيق "العين الثانية"، بالتزامن مع تصاعد حدة الاحتجاجات الشعبية في البلاد. وقالت شركة "Bitdefender" في تقرير موسع نشرته على موقعها الرسمي إن تطبيق "العين الثانية" أو "Second Eye" يعد أحدث أداة تستخدمها السلطات الإيرانية ضد مواطنيها لتتبع سلوكهم. وأضاف التقرير أن التطبيق، الذي تم تطويره في إيران، يسوق من قبل النظام على أنه يستخدم كأداة من قبل الوالدين لمراقبة أطفالهم أو لمراقبة أداء الموظفين. ولكن السلطات تستغل التطبيق من خلال تحويله لبرنامج تجسس يطلق عليه اسم "EyeSpy"، وفقا للتقرير. تتضمن آلية عمل التطبيق نشر برامج ضارة مخبأة في حزم "VPN" المجانية، والتي ازداد استخدامها في إيران منذ القيود التي فرضتها طهران على الوصول للإنترنت خلال الاحتجاجات الأخيرة. بمجرد تنزيل البرنامج، فإن المستخدمين يكونون معرضين للمراقبة الرقمية على مدار الساعة، بما في ذلك سرقة المعلومات الحساسة على أجهزتهم ككلمات المرور المخزنة وبيانات المحفظة المشفرة والمستندات والصور وكذلك عمليات استحواذ كاملة على الحسابات وسرقة الهوية. وعلاوة على ذلك، يمكن للمهاجمين الوصول إلى الرسائل التي كتبها الضحية على وسائل التواصل الاجتماعي أو البريد الإلكتروني، بحيث يمكن استخدامها لابتزاز الضحايا، كما جاء في التقرير. واجتاحت المظاهرات الجمهورية الإسلامية منذ وفاة الشابة الكردية مهسا أميني (22 عاما) في حجز للشرطة ي سبتمبر الماضي. وشكلت الاضطرابات أحد أكبر التحديات أمام القيادة الدينية الإيرانية منذ ثورة 1979.