صدر مؤخرا، ضمن منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، كتاب جديد، من الحجم 24/17، يحمل عنوان «رباعيات عمر الخيام باللغة الأمازيغية»، ويتضمن هذا الكتاب تقديما بقلم الأستاذ أحمد بوحسن، ومقدمة المترجم الأستاذ فؤاد ساعة، وترجمة لتسع وخمسين رباعية إلى الأمازيغية مكتوبة بخط تيفيناغ مع النص الأصلي للرباعيات بالفارسية، وخاتمة مرفقة بثلاثة ملحقات، نجد في الملحق الأول تدوينا للرباعيات المترجمة بالخط العربي، والثاني عبارة عن تدوين لهذه الرباعيات بالخط اللاتيني، وخصص الملحق الثالث لشرح الكلمات في معجم أمازيغي عربي فارسي. تندرج هذه الترجمة ضمن اهتمامات ثقافية وعلمية، تقتضي الأولى التواصل بين ثقافتين من خلال الترجمة باعتبارها وسيلة لا غنى عنها في التبادل الفكري والفني بين الثقافات. أما الجانب العلمي من هذا العمل فيتجلى في عملية التحويل من لغة أجنبية هي الفارسية إلى لغة مستقبلة، وما يترتب على ذلك من تطويع للغة المترجم إليها فنيا ودلاليا ولغويا. وقد جاءت فكرة ترجمة الرباعيات في خضم الاهتمام المتزايد بالأمازيغية من أجل النهوض بها، وذلك بتأهيلها لمسايرة العصر والانفتاح على الثقافات الأخرى. كما جاءت استجابة لرغبة ملحة في ترجمة الأعمال الخالدة، استجابة فيها نوع من التحدي لما يفرضه النص الشعري من صعوبات أمام الوضع اللغوي للأمازيغية المترجم إليها (أمازيغية واحة فكيك)، وضع من شأنه أن يتسع لمجاهل حقول الإبداع الفكري والفني التي لم تكن من أولوياته. من هنا كانت هذه التجربة لا تخلو من متاعب التوفيق بين غنى النص الأصلي اصطلاحا ومضمونا وشكلا وبين إمكانيات هذا الوجه اللغوي المحدودة. ولحل هذه المعادلة الصعبة كان لابد من اللجوء إلى الأساليب البلاغية من مجاز وكناية واستعارة، لسد ثغرات معجمية ممثلة في مفاهيم وكلمات لا مناص من تمزيغها أو نحتها واشتقاقها. انبثقت إذن هذه الترجمة في خضم التقابل بين هذين النسقين الفكريين واللغويين بما يجسدانه من إرث إنساني يتجاذبه الكلي والخاص.