في ظل الظرفية الحالية المتسمة بالانفتاح الاقتصادي وتحرير التجارة وتصاعد المنافسة الدولية شرعت الحكمة المغربية في تعميق التفكير في استراتيجية لتحسين مناخ الأعمال والاستثمار تهدف إلى تنفيذ التدابير لخلق بيئة أكثر جاذبية للمستثمرين الوطنيين والأجانب ودعم المقاولات كيفما كان حجمها جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها الكاتب العام لوزارة الشؤون الاقتصادية والعامة نيابة عن الوزير نزار بركة في افتتاح أشغال المناظرة الدولية حول سياسة المنافسة والتقنين الاقتصادي دعامة للتنمية التي ينظمها بمراكش من 3 إلى 5 دجنبر الجاري تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة مجلس المنافسة بمشاركة وزارة الشؤون الاقتصادية والعامة. واستعرض الكاتب العام لوزارة الشؤون الاقتصادية والعامة الخطوط العريضة لسياسة المغرب في مجال المنافسة وتحسين مناخ الأعمال والتي ترتكز على خمس محاور رئيسية وهي: استقرار الإطار الماكرو اقتصادي وتحسين مناخ العمل وتوضيح الرؤيا للفاعلين الاقتصاديين من خلال تحديد القطاعات الداعمة للاقتصاد المغربي وتطوير سياسات قطاعية جديدة وتحرير التجارة وانفتاح الاقتصاد المغربي على الخارج للاستفادة من الفرص التي تتيحها العولمة. وأوضح أن الحكومة المغربية جعلت من سياسة المنافسة إحدى أولوياتها مؤكدا على دور المنافسة الشريفة والشفافة في دعم التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، وكذا دور السوق في خلق توازن ليس فقط بين العرض والطلب بل توازن توافقي ما بين مصالح المستهلك ومصالح المنتج ومصالح المجتمع. وأشار بأن تحرير السوق يستوجب بالضرورة تأطيرا قانونيا ومؤسساتيا يحميه من بعض التصرفات غير الاقتصادية التي من شأنها أن تخل بالتوازن الطبيعي الذي يجب أن يميزه، وتحريفه عن دوره في ضمان توزيع فعال وعادل للموارد. وتحدث الكاتب لوزارة الشؤون الاقتصادية والعامة عن الواقع المغربي في مجال المنافسة مشيرا إلى أن التشريع بهذا الخصوص الذي دخل حيز التنفيذ سنة 2001 يقوم على تصور يعتبر المنافسة أداة من بين أخرى لضمان التقدم الاقتصادي وليس غاية في حد ذاتها. فالمغرب يضيف على غرار بلدان أخرى يعتبر المنافسة كهدف وسيط والتنمية الاقتصادية هي الهدف النهائي. ومن جهة ألح عبد العلي بنعمور رئيس مجلس المنافسة على وجود استثناءات يجب مراعاتها في البلدان النامية لتعزيز منطق السوق ومواجهة الأزمات الظرفية مؤكدا على وجوب التفكير في هذه الاستثناءات مه ضمان الشفافية ومساءلة المقاولات. وأبرز بأن على السلطات المعنية الأخذ بعين الإعتبار ليس فقط الحصيلة التنافسية لبعض الملفات بل أيضا الحصيلة السوسيو اقتصادية ومنها تلك المتعلقة بالاختلالات التي توجد بين بلدان الشمال وبلدان الجنوب وطبيعة ومحتوى القوانين التي تهم المنافسة والسلطات المعنية بتطبيقها. وبالنسبة للمغرب يقول بنعمور هذه الاستثناءات تمتد إلى مستوى اجتماعي يتعلق بمستوى المعيشة وأداء صندوق المقاصة بالاسئلة التي يطرحها اليوم مثلما تمتد إلى المستوى الاقتصادي الذي يخص معالجة القطاع الغير نظامي الذي يعطي الشركات التي لاتدفع الضرائب والسوق السوداء والمنافسة الغير مشروعة. كما يهم المستوى الاقتصادي المؤسسات التي تعرف بالأبطال الوطنيين والمقاولات التي تعمل في شفافية تامة وتحتاج إلى تحفيزات مهمة وأوضحت كاميليا سويكا ممثلة الاتحاد الأوربي بالمغرب بأن المنافسة تعني تضييق بعض القواعد لكي تقوم المقاولات بمنافسة مشروعة وصحية لكي تبيع منتوجاتها وتبدع وتقدم أثمنة مثيرة للمستهلكين مشيرة بأنه بدون هذه السياسة فكل واحد سيعمل حسب مصالحه وتبعا لذلك ستتقاسم السوق مما قد يفضي إلى إزالة المنافسين من السوق ولن يستفيد المستهلكون من خدمات ومنتوجات جيدة . ومعلوم أن أشغال هذه المناظرة تتمحور حول أربعة قضايا هي مباديء المنافسة والتنظيم وخصوصيات الاقتصاديات النامية والتنافسية بين اقتصاديات الشمال والجنوب والرهانات المؤسساتية. ويساهم فيها عدد من رؤساء مجالس المنافسة بمجموعة من البلدان الأوربية والعربية وثلة من المفكرين الاقتصاديين والفاعلين في المجال.