تخوفات الأوساط الفلاحية تسبب تأخر التساقطات المطرية في ظهور معطيات متقلبة حول مدى إمكانية نجاح الموسم الفلاحي الجاري، على اعتبار أن الفلاح المغربي يراهن بقوة على تساقط الأمطار خلال الشهر الجاري من أجل تجاوز مختلف الإكراهات التي يعيش تحت وطأتها اقتصاديا واجتماعيا، خاصة في ظل تداعيات أزمة فيروس «كورونا»، حيث أن هذه الظرفية الصعبة من شأنها التأثير سلبا على القطاع الفلاحي، وتراجع محصول إنتاج الحبوب.
وزادت مخاوف الفلاحين من حدوث موسم جاف، في ظل التغيرات المناخية التي تعرفها بلادنا حاليا، والتي تتزامن مع تأخر التساقطات المطرية خلال هذه الفترة التي تعتبر عادة، مؤشرا على ايجابية الموسم الفلاحي، حيث أن عامل تأخر التساقطات المطرية ستكون له تأثيرات كبيرة على الزراعات البورية، خصوصا منها الحبوب بجميع أصنافها والقطاني، حيث أصبح الفلاحون يعيشون بين سندان تأخر التساقطات المطرية، ومطرقة ارتفاع أسعار الأعلاف الضرورية للقطيع، خصوصا أن مربو الماشية ينتظرون من الوزارة الوصية دعم وعرض الأعلاف بأسعار تحفيزية، وذلك حفاظا على التوازنات الماكرو اقتصادية لهذه الفئة، وأيضا تمكين الفلاحين لاسيما منهم المتوسطون والصغار من الاحتفاظ بقطيعهم في انتظار ما ستجود به السماء من قطرات خلال الأيام المقبلة، والتي من شأنها المساهمة في توفير العشب والكلأ للماشية بالأراضي الرعوية.
وفي هذا السياق، أكد أحمد المزابي، أحد مربي قطيع أغنام «الصردي» بمنطقة كيسر ضواحي إقليمسطات، أنه أصبح يتخوف كثيرا من عدم تساقط الأمطار ما سيؤدي لامحالة إلى غلاء أسعار علف الماشية، خاصة أنه تعود في هذه الفترة على تربية قطيعه بأقل تكلفة من خلال رعي القطيع بالأراضي الرعوية، مشيرا إلى أن الفلاح الصغير والمتوسط يعاني كثيرا من التقلبات المناخية التي تؤثر سلبا على وضعهم، وتحول دون قدرتهم على المساهمة في توفير اللحوم الحمراء بالسوق الوطنية، مشددا على أن العديد من المؤشرات تسير في اتجاه الدفع بأسعار علف الماشية إلى الارتفاع، مما سيفرض على العديد من المربين (الكسابة) الشروع في بيع المواشي بأسعار بخسة للوسطاء بغية تقليص الخسائر المالية التي بدأوا يتكبدوها بفعل ارتفاع تكاليف تربية القطيع، نتيجة تداعيات الجفاف الذي ضرب جزءا كبيرا من المناطق الفلاحية بالمنطقة، موضحا في السياق ذاته، أن أغلب الفلاحين سواء الصغار أو المتوسطين، أصبحوا يقتنون كميات كبيرة من الخبز الجاف قصد استعماله في عملية العلف، لكون سعر علف (الخرطال) بلغ أزيد من 4 دراهم للكيلوغرام، كما هو الشأن بالنسبة لعلف «النخالة» الذي انتقل سعره من 75 درهما إلى أزيد من 135 درهما للقنطار، فيما يظل سعر الشعير مكلفا في الوقت الراهن، مضيفا في اتصال هاتفي مع جريدة «العلم»، أن تداعيات الأزمة وتراجع المياه الجوفية بالمنطقة، جعل المصاريف الخاصة بتربية المواشي ترتفع إلى مستوى يفوق قدرات «الكسابة»، وأغلبهم يسعى إلى وقف نزيف خسائره المادية في هذه الظرفية الصعبة التي تتزامن مع تأخر التساقطات المطرية واستمرار تداعيات جائحة (كوفيد-19).