استشعرت وزارة التربية الوطنية هذا الموسم: خطر الهدر المدرسي الذي يهدد أطفال البادية والمناطق النائية بحرمانهم من التعليم وبادرت باحتواء المشاكل والعراقيل والظروف الاجتماعية التي تجبر الأطفال على عدم التوجه إلى المدارس، وهو انجاز ساهمت فيه كل الوزارات في نطاق الاهتمام بالعالم القروي. ولكن الهدر المدرسي أصبح الآن يهدد حتى أطفال المدن وخاصة في الدارالبيضاء بسبب أزمة النقل بحيث يتعذر على كثير من تلامذة التعليم الإعدادي والثانوي الالتحاق بأقسامهم نظرا للازدحام الخانق الذي تعرفه الحافلات ونظرا لأن بعض السائقين لا يقفون عند بعض المحطات كما أن بعض «الروسوفرات» يمنعون التلاميذ من ولوج الحافلات بدعوى أنهم لا يؤدون ثمن التذكرة وبدعوى أنهم يتسيبون في الفوضى والشجار. واستحضر الآن سنوات السبعينيات وثمانينيات القرن الماضي عندما كانت تخترق شوارع البيضاء حافلات خاصة بالنقل المدرسي وضعتها شركة «الطاك» في إطار خطة مدروسة تراعي مواقيت دخول وخروج التلاميذ من مدارسهم ولا أحد ينكر ما تبذله الحكومة من مجهودات لاصلاح التعليم والرفع من مستواه إلا جاحد أو حاقد ولكن يجب ان تتضافر جميع مكونات المجتمع المدني لانجاح هذا المشروع الحضاري ومن ضمن المعنيين بالشأن التعليمي شركات النقل الحضري من وصول أولادنا وبناتنا إلى مدارسهم وإعدادياتهم وثانوياتهم في ظروف مريحة ونفسيات متزنة تشجعهم على الاقبال على دراستهم بدل تعرضهم لمعاناة يومية قاسية مع المواصلات أدت منذ أيام قليلة إلى وفاة تلميذ بعد إسقاطه من إحدى الحافلات. فلماذا لا تمنع لشركات نقل المسافرين رخصا استثنائية لنقل التلاميذ خلال الموسم المدرسي من أجل سد النقص الذي تعاني منه شركات النقل الحضري؟ في انتظار الترامواي إنها مجرد وجهة نظر.