الجزائر تترنح وتدفع ثمن قرارها الاعتباطي برفض المشاركة في الموائد المستديرة المرتقبة فيما يناقش مجلس الأمن الدولي بعمق واهتمام سبل إحياء مسلسل الموائد المستديرة قريبا تزامنا مع تزكية تعيين ستافان دي ميستورا مبعوثا شخصيا للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية، تركز الجزائر وصنيعتها البوليساريو جهودهما لعرقلة المسلسل السياسي الأممي لحل النزاع الإقليمي المفتعل، سواء عبر تعبير الجزائر الصريح عن مقاطعتها لمسار الموائد المستديرة التي اعتمدته الأممالمتحدة منذ عقد لحلحلة خيوط الملف، و اشتراط قيادة الرابوني بعودة المسار الأممي إلى نقطة البداية و تبديد الجهود و التوافقات التي تم إحرازها على مدى عقدين من المسلسل الأممي، ضمن محاولة لنسف جهود الوساطة المتتالية للمبعوثين الأمميين، و الضغط من أجل استدامة وضع الستاتيكو الذي يخدم المصالح الداخلية للنظام الجزائري و يوفر للبوليساريو هامشا زمنيا لإعادة ترتيب أوراقها الداخلية و الخارجية المتلاشية و استئناف حروب بالوكالة نيابة عن الجزائر لاستنزاف المغرب اقتصاديا و إنهاكه سياسيا .
مصادر دبلوماسية من كواليس الأممالمتحدة بنيويورك كشفت أن أعضاء مجلس الأمن الدولي دعوا خلال مشاوراتهم المغلقة المبعوث الشخصي الجديد إلى استئناف المسلسل السياسي في أقرب الآجال الممكنة من حيث انتهى سلفه، وهو ما سيفضح في نظر المتتبعين مناورات و ألاعيب اللوبي الانفصالي الذي استبق هذه المشاورات بمحاولة ابتزاز المنتظم الدولي عبر التشكيك في مصداقية محطات كاملة من المسلسل السياسي الأممي لتسوية الملف، و يضعها أمام مسؤولية الحضور الفعلي والمشاركة الفاعلة و دون شروط مسبقة في الموائد المستديرة التي سيعلن عنها المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي على الأرجح بعد الحصول على التوجيه السياسي من مجلس الأمن الدولي الذي سيتبنى بعد أسبوع قرارا جديدا يمدد بموجبه عهدة بعثة المينورسو .
وزير الخارجية الجزائري رمتان لعمامرة يقود منذ شهر تحركات مكثفة على صعيد القارة الافريقية لم تفلح في إقناع معظم العواصم الافريقية بتبني مقاربته المبنية على الزج مجددا بمؤسسات الاتحاد الافريقي في النزاع الإقليمي في تناقض صارخ مع قرارات الاتحاد و مخرجات قمته الاستثنائية بنواكشوط.
الجزائر المصدومة من اقدام قرابة ثلث الدول الافريقية على فتح تمثيليات قنصلية لها بالأقاليم الجنوبية للمملكة و المستكينة الى سياسة الهروب الى الأمام في محاولة للالتفاف حول المكاسب الدبلوماسية و السياسية المتتالية للرباط , تجرعت أول أمس مرارة ما خلصت اليه ندوة إقليمية احتضنتها العاصمة التنزانية دار السلام و عالجت موضوع مساهمة تسوية قضية الصحراء في تعزيز استقرار إفريقيا واندماجها , حيث دعا نداء صريح للمشاركين في الندوة من الخبراء والجامعيين وأعضاء مراكز التفكير وباحثين وشخصيات سياسية إفريقية بارزة، الى طرد ما يسمى بالجمهورية الوهمية في تندوف من الاتحاد الافريقي و اعتبروا وجود "كيان غير حكومي" بين الدول الأعضاء ذات السيادة في الاتحاد الإفريقي بمثابة "خطأ تاريخي مرهق وانحراف قانوني وتضارب سياسي". ودعوا إلى وضع حد لكل أشكال الانفصال السياسي والتطرف الديني وتفكك الهوية، من أجل النهوض بالقارة الإفريقية وإنجاح تجربة منطقة التجارة الحرة فيها وأهداف أجندة 2063.
في نفس السياق و تماهيا مع افتقاد جبهة البوليساريو الانفصالية لكل مقومات و شروط تمثيل الصحراويين، أصدرت حركة صحراويون من أجل السلام التي تنازع قيادة البوليساريو أحقية تمثيل الصحراويين في مسار المفاوضات نداء دعت من خلاله جبهة البوليساريو الى الانخراط بجدية في العملية السلمية، قصد البحث عن الحل المتفق عليه، حسب كافة القرارات الدولية، والتوقف عن استغلال معاناة الصحراويين في صراع إقليمي يهدد أمن واستقرار المنطقة.
الحركة التي كانت قد أدانت في رسالة لمجلس الأمن تنصل قيادة البوليساريو من جانب واحد من اتفاق وقف إطلاق النار اعتبرت بداية الشهر الجاري أنه لا يمكن لجبهة البوليساريو أن تستمر في الادعاء بتمثيل الشعب الصحراوي بعد نصف قرن من الأخطاء والتجاوزات التي خلفت جراحًا عميقة في المجتمع الصحراوي.