الطيب حمضي يوضح الأسباب التي تجعل من الحقنة الثالثة من اللقاح ضد كوفيد ضرورة ملحة بالمغرب أكد العديد من الخبراء في علم المناعة دوليا أن جميع اللقاحات المستعملة حاليا ضد كورونا تولد استجابة مناعية توفر حماية من كوفيد-19، وبخلاف الإنفلونزا الموسمية التي تتطلب لقاحا مختلفا في كل عام لتحول الفيروس بسرعة، كما أنه لا توجد مؤشرات قوية حتى الآن على أن ذلك ينطبق على فيروس كورونا.
لكن ظهور سلالة كرونا المتحورة تزامنا مع حملات التلقيح، التي تخوضها جل دول العالم، خلق الكثير من الارتباك والتوجس حول احتمال أن يتسبب الفيروس المتحور في مشاكل في التطعيم أو يقلص من فعاليته؟
يصبح هذا التساؤل أكثر إلحاحا إذا ما علمنا، أنه لم يتضح بعد إلى أي مدى ستستمر الحماية التي يسببها التطعيم الذي استأنف دوليا قبل ثمانية أشهر، الأمر الذي يحتّم معرفة كيفية ارتباط الجوانب المختلفة للاستجابة المناعية بالحماية، وماهي أفضل طريقة لقياسها، بحيث يكون من الممكن تقييم مستويات المناعة لدى الأشخاص بشكل أفضل، وتحديد عدد المرات التي يلزم فيها التطعيم لتحقيق مناعة جماعية، وهل من جدوى لتعزيز هذه المناعة بلقاح ثالث؟
ولعل ما يشغل اهتمام المتلقي للقاح حول مدى نجاعته بعد ظهور سلسلة الفيروس المتحور، يشغل أيضا وبالدرجة الأولى صانعيه ومختلف هيئات الصحة الدولية، حيث يسود حاليا نقاش علمي وعالمي حول ضرورة الجرعة الثالثة من عدمه، وإن كان لابد منها فهل ستكون عامة أم ستخص فئة معينة من الأشخاص وحول توقيتها بالضبط؟
للإجابة عن هذه الأسئلة يقول الطيب حمضي، طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية، في توضيح مفصل لجريدة "العلم الإلكتروني"، إنه لابد من الحديث عن الفرق بين الجرعة الثالثة وجرعة التذكير، " فالتجربة العلمية أثبتت أن فعالية جميع اللقاحات داخل الجسم محددة بفترة زمنية تختلف باختلاف الحالة الصحية وسن المستضيف لهذا اللقاح، بعد ذلك تبدأ هذه الفعالية بالتراجع التدريجي، للحفاظ على المناعة الجيدة يصبح لزاما أخذ جرعة ثانية يصطلح على تسميتها ب" التذكير" إما بعد سنة أو خمس سنوا ت وأحيانا بعد عشر سنوات"، وأضاف الدكتور حمضي أن التذكير يكون دائما من أجل تعزيز ورفع مستوى المناعة.
وبخصوص الجرعة الثالثة أضاف المصدر أن الامر يختلف تماما عن جرعة "التذكير"، حيث أنه استأنفت عملية التلقيح قبل ثمانية أشهر، وتم تسجيل ملاحظتين هامتين تخص كل من الفئة التي تعاني من أمراض معينة والفئة المتقدمة في العمر، بخصوص أولها فإن الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري، نقص في لمناعة، قصور الكلي، أمراض السرطان، أو يتناولون أدوية تسبب في نقص المناعة، لوحظ حين تلقيهم جرعة من أي نوع من لقاحات كرونا، أن مناعتهم بخصوص التصدي لفيروس كرونا تنقص مع مرور الوقت.
حول تراجع المناعة ضد الفيروس بعد تلقي اللقاح بالنسبة للفئة المذكورة أعلاه، أوضح الدكتور الطيب "أن أمر اعتيادي وأنها مسألة معروفة خصوصا حين يتعلق الأمر بكبار السن، حيث أن مناعتهم تتجاوب ما بين 40 و50 في المائة مع أي لقاح كان سواء تعلق الأمر بكرونا أو بغيره، مقارنة مع فئة الشباب الذين تتجاوب مناعتهم بنسبة 70 إلى 80 في المائة.
وأضاف أنه بخصوص اللقاح ضد فيروس كرونا فإن نسبة التجاوب لدى الفئة العمرية المتقدمة في السن أو تلك التي تعاني من أمراض يكون جزئي وليس 100 في المائة كما هو الحال عند فئة الشباب.
خلص ذات المصدر قائلا " إنه رغم الجرعتين أتبت التجربة أن المناعة ضد كوفيد تتدهور لدى المسنين ومرض الامراض المزمنة المذكورة مع مرور الوقت، كما أن الفيروسات المتحورة تقلل من فعالية اللقاحات أو بالحري على فعالية المناعة، كما أبانت الأبحاث أن مضادات الحيوية تنخفض في الجسم عند مثل هؤلاء الأشخاص ".
وأكد المصدر أن هناك اجماع عالمي على أن الأشخاص الذين لهم أمراض مزمنة تتعلق بضعف المناعة أو سرطانات أو قصور الكلي يحتاجون لجرعة ثالثة دون أي مناقشة وفي أي مكان في العالم، فقط هناك نقاش لم يحسم فيه بخصوص تعميم اللقاح على الفئات العمرية من 50 سنة وما فوق.
و بالنسبة المغرب فالمصدر يظن " أن النقاش محسوم بالنسبة للفئة التي تعاني من الامراض المذكورة فهم في حاجة قصوى للجرعة الثالثة لتعزيز مناعتهم وحتى لا تتعرض حياتهم للخطر، أما بخصوص تعميم اللقاح على الفئة الخمسينية وما فوق، فالكل في انتظار معطيات علمية لأن الدراسات والأبحاث المتوفر ليس بالشاملة وما زالت في بدايتها وبالتالي لم يحسم في الأمر بعد".
وأشار الدكتور الطيب أن المسألة الثانية المطروحة في النقاش السائد دوليا هي اللامساواة في توزيع اللقاح، لأنه إذا أرادت بعض الدول أن يغطي برنامج التلقيح نسبة 100 في المائة من ساكنتها بما فيه توفير اللقاح للأطفال لما فوق12 سنة، فسوف لن تتمكن غالبية دول العالم من الحصول على اللقاح حتى بلوغ سنة 2023.
وأكد أن اللامساواة في الحق في التطعيم ضد الجائحة، هي إشكالية أكثر من كونها لا أخلاقية فهي أيضا تحجم من محاربة الجائحة، فحتى إن تمكنت بعض الدول من تلقيح 100 من ساكنتها فستبقى هناك دول ينتشر فيها الفيروس بشكل متسارع وستظهر سلالات من الفيروس المتحور جديدة للأسف أكثر خطورة واكثر انتشارا و قد لا تجدي فيها اللقاحات المتوفرة حاليا.