نبهت العصبة المغربية لحقوق الانسان في ندوة حول «تهجير الأطفال ، راهنية الحالة ورؤية الأفق»، نظمتها يوم السبت 21 نونبر الجاري بتنسيق مع الرابطة المغربية لرعاية الأطفال، إلى الوضعية الخطيرة التي يتعرض لها أطفال مغاربة هجروا قسرا إلى مخيمات العار في كل من تيندوف والحمادة. وقال الأستاذ عبد القادر العلمي رئيس العصبة المغربية لحقوق الإنسان، في كلمة افتتح بها الندوة، إن الهدف من طرق هذا الموضوع هو استعراض العديد من التجارب واقتراح مقاربات علمية لتجاوز إشكالية تهجير الأطفال وما تؤدي إليه من خطورة على حقوق الطفل. وأضاف أن تهجير الطفل قسرا يعني بكل تأكيد انتزاعه من جذوره وسلبه حريته وهويته وبالتالي فالطفل مهدد في كينونته وفي وجوده. وقال طارق السوداني رئيس الرابطة المغربية لرعاية الأطفال في هذه الندوة إن مشكل تهجير الأطفال قسرا يقض المضجع ويتفاحش بشكل يتحدى سيادة الدول والحرمات والأخلاق الإنسانية والاجتماعية، وارجع أسباب هذا الاشكال إلى مخلفات الاستعمار بالإضافة إلى عدم قدرة الدول المستعمرة سابقا على تدبير الملفات الاجتماعية بالشكل المطلوب. وندد السوداني بالاغراءات التي يقدمها السماسرة لاقتلاع الأطفال من دفئهم الابوي والرمي بهم في أشغال لا تناسب قواهم النفسية والصحية، ودعا المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إلى رصد أوضاع الأطفال المغاربة المحتجزين من طرف المخبرات الجزائرية في مخيمات تيندوف والحمادة، مؤكدا أنهم رحلوا قصرا تحت رحمة السلاح غداة رحيل اسبانيا عن الصحراء المغربية. وأكدت ندوة العصبة المغربية لحقوق الإنسان أن المتتبعين وعلى رأسهم الباحثون في العلوم الإنسانية والقانونية، سجلوا أن تلك الوضعية غير المطمئنة للطفولة محليا وإقليميا ودوليا، مؤكدة أن التطورات التي يعرفها واقع الطفولة اليوم، هي تطورات يمكن وصفها بالمقلقة سيما في ظل تنامي الاستعمالات والتوظيفات الاجتماعية السيئة بالأطفال، عبر آلية التهجير المنظم وغير المنظم. وأضافت أن ظاهرة تهجير الأطفال هي موضوع اليوم ، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي وذلك بالنظر إلى الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الصعبة التي تمر بها مجتمعات الجنوب، وهي أوضاع يرى فيها المحللون والمنشغلون بقضايا الطفولة وتهجيرهم، عوامل موضوعية تنمي عوامل وجود هذه الظاهرة وتجذرها كما أكد ذلك المشاركون في هذه الندوة. وقد تم التأكيد على أن قضية تهجير الأطفال قد وجدت ما ينميها، ومن نتائجها التسليم بظاهرة سوسيو نفسية جديدة تسمى بالأطفال المهجرين.وهم اليوم يمثلون نسبة كبيرة يصعب ضبطها إلا أن ذلك لا يعني عدم القدرة على تمثل حالتها المأساوية على اعتبار أن تهجيرهم يكون من أجل استعمالات وتوظيفات متعددة، إما لعسكرتهم أو استغلالهم جنسيا، وإما لتشغيلهم في أسوإ الظروف. وذلك بعد تهييئهم وتدريبهم في شبكات الدعارة والمخدرات وهذا في أحسن الأحوال لأن هناك من الأطفال من يتم استغلاله لأغراض طبية وغيرها. وتعتبر ظاهرة الأطفال المهجرين كما يكشف عن ذلك واقع الأمر، ليست مجرد معطى مادي، وإنما هي أيضا معطى سوسيو نفسي، حيث الانتماءات الاجتماعية والتنظيمات والتمثيلات والبناءات الأمنية، تلعب دورا كبيرا كما أنها معطى قانوني وحقوقي لأن وجود هذه الظاهرة، يسجل انتهاكات خطيرة لحقوق الطفل المنصوص عليها في المواثيق الدولية وهي أيضا معطى سياسي لأن تهجير الأطفال وإن كان على صعيد أفقي داخل البلد الواحد الجنوبي، فإنها تتم بين بلدان الجنوب وبلدان الشمال. ومهما اختلفت الآراء، ومهما تنوعت المواقف حول هذه الظاهرة إلا أن خصائصها العامة تظل هي نفسها على أساس أن التهجير يتم بصورة غير قانونية وفي ظروف خطيرة وصعبة ويقتصر على الأطفال فقط دون غيرهم، سواء كانوا من المدن أو البوادي وإن كانت بعض المؤشرات تشير إلى نسبة كبيرة في البوادي. وأكدت الندوة على وجود شبكات للتهجير سواء في البلدان الأصلية أو المستقبلة وهي شبكات ذات إمكانيات متنوعة وخطيرة، تشتغل بشكل مافيوزي يؤشر على استغلال أسوأ للأطفال. وتعتبر ظاهرة الأطفال المهربين ملفتة للنظر، سيما بما تحمله من مآسي اجتماعية ونفسية، وبما ترمز إليه من سوء الأوضاع، ودعت العصبة المغربية لحقوق الإنسان في نفس الوقت وبشكل ملح إلى تحديد كل الأطراف المسؤولة والمعنية بهذه الظاهرة، وحثهم جميعا على التعاطي بموضوعية، ووضع هذه الظاهرة تحت المجهر لمعرفة واقعها ومسبباتها وتطوراتها والبحث في طرق وسبل معالجتها. وأشارت أن المسلك الوحيد للتعاطي المنطقي والموضوعي مع هذه الظاهرة، هو الاشتغال الشمولي بأبعاده المختلفة: القانونية والأمنية والعلمية والسياسية. وتعتبر المساءلة حول الظاهرة هي خطوة لابد منها في أفق تحقيق النتائج الملموسة والمطلوبة ووضع الإجراءات العلاجية الدقيقة والحاسمة المرجوة. وقد تمت مناقشة هذا الموضوع من خلال فعاليات هذه الندوة انطلاقا من رؤية متعددة وعبر طرح العديد من التساؤلات همت البرامج والسياسات أي آليات التعاطي مع ظاهرة تهجير الأطفال والعوائق والإمكانيات وأسباب تجاوز هذه المشاكل وانعكاساتها النفسية والاجتماعية على شخصية الأطفال المهجرين، واقتراح آليات قانونية دولية أو وطنية لحماية الأطفال من التهجير القسري.