حينما لم يحدد المشاركون في قمة الأمن الغذائي بروما هدفا أو جدولا زمنيا لزيادة المساعدات الزراعية للدول الفقيرة، ولم يستجيبوا لمقترحات المنظمة الدولية للأغذية والزراعة (فاو) بزيادة المساعدات إلى 44 مليار دولار، ثارت أسئلة بشأن ما إذا كانت تلك القمة قد تحولت إلى قصعة فارغة على مائدة أكثر من مليار جائع. وعندما لم يدرج في مسودة البيان الختامي تعهد بالقضاء على سوء التغذية بحلول عام 2025، وإنما تعهد خجول بالقضاء على الجوع "في أقرب وقت ممكن"، فإن الرقم الذي أعطته الأممالمتحدة بأن الجوع يحصد كل ثانية شخصا سيبدو في الوقت القريب رقما متواضعا للغاية. تفسيرات وبينما أشاد بعض الخبراء بمثل هذه الاجتماعات ، بوصفها أداة مهمة للتشاور ، ووضع الخطط والإستراتيجيات، اعتبرها آخرون عديمة الجدوى ، وشكلا من أشكال "النفاق" ، ورفع العتب، وربطوا الفقر والمجاعة بالسياسات الاستعمارية للدول الكبرى. أما المنظمتان المعنيتان بالتنمية «آكشن أيد» و«أوكسفام»، فحذرتا من أن "تتحول القمة إلى مضيعة للوقت والمال". الخبير في صندوق الأممالمتحدة للتنمية الزراعية (إيفاد) الدكتور غسان البابا ، أثنى من مقر القمة، على ما وصفها بالآلية الجديدة التي اتبعت في الاجتماعات الحالية ، وتكرست بتوقيع خطة تمويل مشتركة قيمتها 1.5 مليار دولار بين الصندوق والبنك الإسلامي للتنمية تتوجه إلى دعم الزراعة، وهي طريقة جديدة للقضاء على الجوع. ووصف البنك الإسلامي ذلك الاتفاق بأنه "مرحلة هامة تشهد إقرار الأسرة الدولية بأن التنمية الزراعية أمر أساسي لإطعام سكان العالم"، خصوصا في العالم العربي الذي تشير الإحصائيات المتعلقة به إلى أن نحو 40 مليون عربي يعانون من نقص التغذية. موسم النفاق أما الباحث المختص في قضايا التنمية، نادر فرجاني، فوصف ارتفاع أعداد الجياع في العالم إلى مليار نسمة ذوفقا لما أعلنته الأممالمتحدة- بأنه كارثة حقيقية، مفرقا في هذا الصدد بين الفقر والجوع الذي هو "حالة بشعة من الفقر" تمثل وصمة عار في جبين الإنسانية. ونعت القمة الحالية -مثل سابقاتها- بأنها "لا قيمة لها إطلاقا"، واعتبرها "موسما للنفاق لا يسمن ولا يغني من جوع". وبخصوص الوصفة التي يقدمها للقضاء على الجوع في العالم، قال الباحث المصري إن "الحل الوحيد للقضاء على الفقر هو إنهاء المشاريع الإمبريالية"، مشيرا في هذا السباق إلى أن "ما أنفق على تدمير العراق يكفي لإشباع العالم". وكان الزعيم الليبي معمر القذافي قد اعتبر أن التقارير ، التي تتحدث عن "موت طفل كل ثانية ، تدل على أننا لم نعمل شيئا في الماضي"، وربط استشراء ظاهرة الجوع بسياسات النهب الاستعماري و"سرقة" ثروات الآخرين. لا للمسكنات أما رئيس «الفاو»، جاك ضيوف ، الذي أبدى مرارته من غياب قادة مجموعة الدول الثماني -باستثناء إيطاليا المستضيفة- عن القمة، فدعا إلى التركيز على وسائل جذرية لمواجهة مشكلة الجوع بعيدا عما وصفه بالمسكنات. ومن ناحيته، شدد الأمين العام للأمم المتحدة ، بان كي مون، في كلمة أمام القمة ، على أنه "لن يكون هناك أمن غذائي بدون أمن مناخي"، وهي تصريحات وصفها الباحث فرجاني بأنها "هموم شبعان متخم" لن ينفع في إخفائها التظاهر بالصيام ليوم أو يومين، مشيرا بذلك إلى إعلان بان وضيوف صيامهما لمدة 24 ساعة تضامنا مع جياع العالم. وبينما ذهب البعض إلى أن شيوع ظاهرة الجوع مرتبطة بالسياسات الإنتاجية عديمة الكفاءة في العالم الثالث، وبكسل وخمول الفقراء أنفسهم، أصر آخرون على أنها نتيجة للاستعمار وسياساته، أما البعض الآخر فرأى أن المدخل الحقيقي للقضاء على الجوع والفقر هو القضاء على الرشوة والفساد.