على غرار الروابط الثنائية القوية ، فإن علاقات التعاون الاقتصادي بين المغرب وبولونيا تعد بمستقبل مزدهر بفضل مؤهلاتهما المتعددة والإرادة المشتركة للمضي قدمًا نحو شراكة المستقبل النوعية . ويحافظ البلدان على علاقات متينة التي تستشرف المستقبل بفضل الحوار المنتظم وتقارب وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك ، مما يعطي قوة دفع عميقة لهذه العلاقة التي تشق طريقها بثبات .
ومن المؤكد أن الأزمة الصحية المرتبطة بانتشار وباء "كوفيد-19" قد قلبت المشهد الاقتصادي العالمي رأسًا على عقب ، لكنها لم تبطئ تطلعات البلدين لإعطاء دفعة كبيرة للتعاون الاقتصادي.
وتعتبر بولونيا المغرب شريكًا أساسيًا ولاعبًا محوريا ورئيسيًا في شمال إفريقيا نظرًا لاستقرار المملكة وموقعها المتميز كمركز اقتصادي في إفريقيا ، وهي نقاط القوة التي أشاد ويشيد بها المسؤولون البولونيون مرارًا وتكرارًا ،و في كل مناسبة يبرزون إمكانات وآفاق التعاون المتاحة للبلدين في مختلف المجالات الحيوية .
وهكذا أعرب العديد من الفاعلين الاقتصاديين البولونيين عن رغبتهم في خلق وتطوير مشاريع في المغرب ، الذي أصبح مركزًا قاريًا بفضل قربه من أوروبا ، وامتداده الإفريقي ، واستقراره السياسي ، ومرونة الاقتصاد وأدائه المتوازن .
وكان نائب رئيس صندوق التنمية البولوني ، بارتلومي بافيك ، قد أكد مؤخرًا أن المغرب وبولونيا تحدوهما رغبة مشتركة في تطوير علاقاتهما الاقتصادية على مستوى القطاعين العام والخاص ، مؤكداً أن المغرب بالنسبة لبولونيا هي البوابة المثالية نحو إفريقيا من أجل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري مع القارة.
وفي هذا الصدد ، أكد السيد بافيك على نقاط القوة العديدة للمغرب ، ولا سيما مرونة اقتصاده واستقراره السياسي وانفتاحه على الاستثمار الأجنبي.
وتم تقديم هذه الشهادة في نهاية اجتماع في وارسو حضره سفير المغرب في بولونيا ، السيد عبد الرحيم عتمون ، الذي سلط الضوء على مناخ الأعمال الملائم للمستثمرين والترسانة القانونية الهامة التي تسمح بحماية أفضل للاستثمارات ، مؤكدا أن اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعها المغرب مع الدول الإفريقية تجعل المملكة ليس فقط جسر تواصل بين أوروبا وأفريقيا ، بل هي أيضا أرض استثمار تقدم تحفيزات جذابة للشركات من مختلف دول العالم.
وركز هذا الاجتماع ، الذي يأتي في إطار مسعى تكثيف التعاون الاقتصادي بين المغرب وبولونيا ، على آليات قيام صندوق التنمية البولوني بمواكبة ودعم استراتيجية الاستثمار في المغرب لصندوق الاستثمار الخاص "إم إر بي فيزان " ، التي تعمل في العديد من مجالات الأعمال ، من الطيران إلى العقارات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتقنيات الهيدروجين.
وأكد رئيس صندوق الاستثمار الخاص "إم إر بي فيزان " ، ماسيج رودنيتسكي ، بهذه المناسبة ، أنه على الرغم من السياق الصعب المرتبط بوباء فيروس كورونا ، اتخذ الصندوق قرارًا بتوسيع الاستثمارات في المغرب.
وبعد أن أبرز طفرة التنمية في المغرب ، أعرب السيد رودنيتسكي عن رغبة الصندوق في الاستثمار في المغرب من خلال إنشاء مصنع لتجميع طائرات الهليكوبتر الخفيفة .
كما عكست الرغبة القوية في تعزيز علاقات التعاون الاقتصادي بين البلدين الصديقين في التوقيع في أكتوبر الماضي على اتفاقية شراكة بين غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة الدارالبيضاء-سطات وغرفة تجارة وارسو ، بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المغرب وبولونيا .
ووقع اتفاقية الشراكة رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات بالدارالبيضاء - سطات ياسر عادل ورئيس غرفة تجارة وارسو ماريك تراتشيك خلال اجتماع جرى عن بعد ، في وقت واحد في الدارالبيضاءووارسو ، وتهدف هذه الاتفاقية إلى تعزيز التبادلات التجارية والصناعية والتقنية بين البلدين.
ولتطوير الثقافة التجارية والحاجة إلى تعزيز خبرة وكفاءة الغرف التجارية ، تنص هذه الاتفاقية على عدة مجالات للتعاون بين الغرفتين المعنيتين .
وأكد رئيس غرفة تجارة وارسو ، ماريك تراتشيك ، أن الفرص التجارية التي يوفرها المغرب للشركات البولونية في مختلف قطاعات النشاط الاقتصادي مهمة للغاية ، مؤكدا أن المملكة وجهة استراتيجية للاستثمارات ،وبوابة نوعية وذات ميزة خاصة للمستثمرين البولونيين الذي يرغبون في الاستثمار في القارة الأفريقية .
من جانبه ، أكد السفير المغربي في بولونيا أن تشجيع المبادرات بين القطاعين الخاصين في البلدين سيمكن من تعزيز المبادلات التجارية وإطلاق مشاريع تنموية مشتركة ذات قيمة مضافة عالية ،ويكون لها ميزان تجاري قريب من التوازن بين البلدين ، ملاحظا أنه في سياق يتسم بالأزمة الصحية المرتبطة بوباء "كوفيد- 19 " ، من المهم ،أكثر من أي وقت مضى ،مضاعفة وتنويع الشراكات الاقتصادية .
وترجمت الديناميكية التصاعدية للعلاقات بين البلدين بإنشاء مجموعة الصداقة البرلمانية البولونية المغربية في مجلس الشيوخ في فبراير الماضي ، والتي تتكون من قطبين أساسيين في المشهد السياسي البولوني ، وهما حزب "القانون والعدالة" الحاكم و" المنبر المدني " المعارض .
وتبقى آفاق التعاون واعدة للغاية بين البلدين بالنظر إلى المكانة المميزة التي يحتلانها على الساحة الإقليمية والدولية ونوعية علاقتهما القوية ،و التي تتطلع بثبات نحو المستقبل .