إستطاع «فريدريك الثاني» من سلالة «هوهنشتاوفن» إجراء تجربة تقضي بأن يمنع المرضعات من التكلم مع الأطفال بأي لغة كانت، والنتيجة أن الأطفال ماتوا جميعا، بمعنى أن غياب اللسان يعادل الموت، وهذا ماحدث لوزير الثقافة المصري «فاروق حسني» ونعني خسارته المذلة أمام البلغارية «إيرينا جيفا بوكوفا» لمنصب المدير العام لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) خلفا للياباني كوشيرو في الجولة الخامسة، وذلك بسبب تصريحاته في البرلمان المصري حول إحراق الكتب الاسرائيلية، وما خلفته من استقطابات بين الشمال والجنوب وتحالفات بين أوربا وأمريكا لإسقاط كل التكهنات بأن يفوز «فاروق حسني» بمنصب المدير العام الذين توعد بإحراق الكتب. صحيح أن عدم الكلام يعني الموت في تجربة «فريدريك الثاني» لكن الكلام هنا يعني الحرق بالمجان وأمام الملأ، ورغم حنكة الوفد المصري للتصدي للتشويش العالمي ضدا على هذه التصريحات، وقيامه بالإعتذار أكثر من مرة للإسرائيليين على قضية حرق الكتب، بل نُشر قال بصحيفة لومند الفرنسية لطمأنة الرأي العام الدولي بما اقترفه لسان الوزير، بل أكثر من هذا وعد الوزير بترجمة أعمال أديبين إسرائيليين، إلا أن كل هذا لم يشفع في انتشال الحلم من الصفيح الساخن، بل صارت عليه مقولة الشاعر «شوقي مسلماني» في مطلع قصيدته «أول الفشل»: أخطاء كثيرة، لاخطأ أو خطآن، قل جلها أخطاء وليست أية أخطاء، الأخطاء الشرسة التي لها براثن ، مخالب، أنياب» أخطاء تنتزع الفرح بكل مرارة، وتعلب كل كلامنا في متحف العار واليأس. ألم يقل الروائي جيمس جويس «أن الرجل العبقري لا يرتكب الأخطاء، أخطاؤه إرادية وهي بوابات الاكتشاف»، وهذا ما حصل فعلا ، حيث كان الاكتشاف عظيما، ولمسنا بالواضح مدى شراسة أوربا تجاه العالم العربي.