في مثل هذا اليوم من سنة 1979 استرجع المغرب اقليم وادي الذهب متمما المسيرة الجهادية التي سنها لنفسه لاستكمال وحدته الترابية. وكان المغرب قبل أربع سنوات من ذلك التاريخ قد استرجع أقاليمه الجنوبية التي كانت تحت نير الاستعمار الاسباني بعد أن أقرت أكبر هيأة عدلية في العالم وهي محكمة لاهاي بحق المغرب في هذه الأقاليم وبالمشروعية التاريخية التي تربطه بها ألا وهي مشروعية بيعة السكان للعرش العلوي الضامن لوحدة تراب هذه الأمة ورمز وحدتها، مفندة بذلك المزاعم الاستعمارية. فلم تجد اسبانيا بذلك بدا من الاعتراف بالواقع وتسليم الأرض للمغرب معلنة بذلك نهاية الحقبة الاستعمارية في أقاليم المغرب الجنوبية. يتذكر المغاربة تاريخ 14 غشت 1979 حينما عاد اقليم وادي الذهب الى حظيرة الوطن، وعندما استقبل المغفور له الحسن الثاني ممثلين عن سكان اقليم وادي الذهب الذين جاءوا لتجديد البيعة رابطين الماضي بالحاضر ومجددين الولاء للعرش العلوي الذي كان دائما المؤلف بين أقاليم المغرب شمالها وجنوبها شرقها وغربها. ومنذ ذلك التاريخ انكب المغرب على تأهيل هذا الاقليم وتدشين مسيرة نمائه بعد مسيرة استرجاعه. وهكذا انطلقت أوراش البناء والتشييد في مختلف المجالات بعزم أكيد وبمجهود لايضاهى لرفع الحيف عن هذه الأقاليم التي طالها التهميش من قبل المستعمر حتى تلحق بباقي أقاليم المملكة في نهضتها . واضحى إقليم وادي الذهب ورشا كبيرا للتشييد والبناء. واليوم وبعد ثلاثين سنة من استرجاع هذا الاقليم وعودته الى حوزة البلاد يتذكر أبناء هذا الاقليم كيف كان وما أصبح عليه، حيث لم يعد هناك فرق بين الداخلة وأكادير أو بين أي جزء من تراب المملكة. فقد شيدت الطرق والمدارس والإدارات والمؤسسات الصحية والميناء ومد الاقليم بالماء والكهرباء.. حتى أصبح الآن وجهة سياحية واستثمارية بامتياز. وإذا كان لهذه الذكرى التي يخلدها المغرب اليوم من مغزى فإن أروعها تأكيد المغرب على أن هذه الأقاليم جزء لايتجزأ من ترابه الوطني رغم مناوءة الخصوم ومناورة دعاة التقسيم والانفصال. إن مسيرة التعمير لدليل قاطع على اعتزاز المغرب بعودة هذه الأقاليم ودليل قاطع على حسن اختياراته التنموية وسيره في الطريق الصحيح، طريق الجهاد الأكبر بعد الجهاد الأصغر. يؤكد المغرب اليوم من خلال تخليد هذه الذكرى التي تأتي يومين فقط، على انتهاء مفاوضات غير رسمية بين خصوم الوحدة أنه متشبث بوحدته التي أقرها المنتظم الدولي ودعمها المغرب بمجهوده النمائي ودفاعه المستمر عن حوزتها، واختياره الأسلم بمنح الأقاليم الجنوبية للمغرب حكما ذاتيا موسعا تحت السيادة المغربية وهو الاختار الذي أثبت نجاعته ومصداقيته، حيث لقي صدى ايجابيا لدى الأوساط الدولية وسحب البساط من تحت أقدام أعداء الوحدة الترابية. وإذا كانت دعوة المغرب هذه جاءت لتضع حدا لهذا النزاع المفتعل فإنها أولا تنسجم مع سياسته اللامركزية التي دشنها في مختلف عمالات وأقاليم المملكة، وهي أيضا تشبث بسيادة المغرب ووحدته التي قدم في سبيلها تضحيات جسام لا يحق التفريط فيها. المغرب يستحضر هذه الذكرى وكله عزم على استكمال وحدته الترابية بعودة باقي الثغور المحتلة في شمال البلاد الى حوزته، وكله عزم على تثبيت الوحدة الترابية والسير قدما في سياسة النماء التي تعتبر أحسن رسالة توجه لخصوم الوحدة الترابية