عرض حاليا في بعض القاعات السينمائية ببلادنا فيلم نسائي أمريكي جديد يحمل عنوان « THE WOMEN « (113 دقيقة) قامت بإنجازه المخرجة و المنتجة و الممثلة و كاتبة السيناريو دييان إنغليش ، و شاركت في بطولته مجموعة من النساء من بينهم الممثلة ميغ رايان في دور «ماري» و الممثلة إيفا مانديس في دور «كريسطال». يعتبر هذا الفيلم الجديد بمثابة إعادة للفيلم القديم و المشهور «نساء» (1945)، و هو فيلم طريف لكونه عالم خاص بالنساء فقط و لا تشارك فيه إلا النساء العصريات من مختلف الأعمار و الأمزجة و المهن و الاهتمامت، العازبات أو المتزوجات، فيلم تظهر فيه الكلاب و لا يظهر فيه أي رجل أو طفل ذكر إطلاقا باستثناء صبي ذكر تلده أمه في نهاية الفيلم و لا يظهر إلا وجهه. القصة الرئيسية تدور أطوارها حول شخصية «ماري» المرحة و النشيطة التي كانت تعيش في سعادة تامة مع ابنتها و أمها و صديقاتها و زوجها «ستيفن» (الذي لا نراه في الفيلم و لا نسمع حتى صوته) قبل أن يتغير فجأة مجرى حياتها و تدخل مصدومة في دوامة الحيرة و القلق و الغبن بعدما اكتشفت أن زوجها يخونها مع امرأة أخرى تدعى «كريسطال» و هي امرأة مثيرة المظهر بلباسها و بشكلها و قامتها الطويلة و بجرأتها و وقاحتها أيضا، لأنها لا تخاف من الاعتراف علانية لأي كان بأنها على علاقة بالزوج «ستيفن» الذي ينفد لها كل طلباتها. الفيلم عبارة عن كوميديا خفيفة حافلة بكثرة الحوار في مختلف المواضيع المتعلقة بالعلاقة و المشاكل بين الرجال و النساء أو بين النساء و النساء، تتخللها بين الحين و الآخر بعض الأحداث و المواقف المحرجة المطبوعة بالطرافة السوداء، هو فيلم يقف إلى جانب النساء و يعاتب الرجال أكثر من النساء، قصته بسيطة بمضمونها و سطحية بطريقة تناول موضوعها الذي لا يخلو من عدة «كليشيات» و لا يخلو من معاني و دلالات بسيطة و معروفة و مستهلكة ترتبط بأسباب الخيانة الزوجية و بمخلفاتها النفسية و السلبية على افراد الأسرة عامة و الأبناء خاصة. الفيلم بسيط من الناحية الفنية السينمائية، أي أنه يهتم أكثر بضبط الجوانب التقنية دون تطعيمها باللمسات الفنية و الجمالية، و يهتم بتطورات القصة بسطحية ملموسة في بناء الشخصيات و الأحداث و بتساهل غير مقنع في خلق الصدف و في كيفية معالجة الأزمات و تجاوزها، هو فيلم يميل أكثر بشكله إلى الفيلم التلفزيوني خصوصا و أن مخرجته متخصصة في السلسلات التلفزيونية، كما يميل بعض الشيء إلى الجانب المسرحي في كيفية إدارة الممثلين و كيفية تأطير اللقطات و في الاعتماد كثيرا على الحوار التفسيري. الفيلم ساخر و خفيف بنوعه يسخر من تصرفات النساء و الرجال بطريقة مسلية، هو سريع الإيقاع في نصفه الأول و مثير بشخصياته النسائية المتعددة و المتنوعة المهووسة بمحلات التجميل و المهتمة يوميا بأناقتها و جمالها و مظهرها و ملابسها المواكبة لتطورات الموضة، و لكن نصفه الثاني يركز اهتمامه أكثر على شخصية «ماري» في علاقة مع إبنتها و أمها، و يتوسع بإيقاع هادئ و بطيء و رتيب أحيانا في معاناتها جراء الخيانة الزوجية قبل أن ترتفع حرارة الفيلم من جديد قبيل النهاية في عملية توليد ساخرة لإحدى صديقاتها التي أنجبت بعد صراخ و عويل و جهد جهيد مولودا ذكرا هو الذكر الوحيد الذي يظهر وجهه البريء في هذا الفيلم.