لمقاربة إشكالية مدونة الأسرة ورهانات تطبيقها على أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج التي طرحت للنقاش في ندوة نظمتها أخيرا الوزارة المكلفة بالجالية المغربية بشراكة مع وزارة العدل، طرحت جملة من الأسئلة المرتبطة بالموضوع المشار إليه ومن هذه الأسئلة ما يتعلق بتحليل التمثلات حول القضايا المرتبطة بالمجالين الخاص والعام ومنها ما يتعلق بوضع استراتيجيات لمقاربة واستيعاب الإصلاحات خصوصا تلك المرتبطة بمدونة الأحوال الشخصية بالإضافة الى بعض الاشكالات ذات الصلة بضرورة استحضار حق او واجب التدخل لفك العزلة عن الفضاء للنساء المهاجرات. وأكد المشرفون على تنظيم الندوة أن من بين أهدافها الأساسية القيام بعملية التحسيس من أجل النهوض بحقوق النساء المغربيات المهاجرات قصد الاستفادة الكاملة من المكتبات المتضمنة بمدونة الأسرة. وترتكز أهداف الندوة على مبدأ الاعتراف بتكافؤ المرأة والرجل داخل الأسرة وحاجتهما معا الى الكرامة والمساواة ومبدأ الإقرار بالقيم الانسانية المشتركة وتساوي الثقافات في تنوعها بغية تسهيل التقارب في وجهات النظر بين القضاة المغاربة ونظرائهم المنتمين لمختلف بلدان الاستقبال. وفي موضوع النماذج المختلفة من تنازع قوانين الطلاق بين المغرب وهولندا أكدت جميلة أوحيدة وهي استاذة القانون الدولي الخاص بجامعة محمد الخامس ان السلطات الهولندية تمتزج بين مصطلحي الإدماج والاستيعاب وتوازي بينهما في الوقت الذي نجد فيه السياسة الرسمية للبلد الأصلي ترفض رفضا تاما فكرة إدماج المواطنين في دول الإقامة وترغب في الحفاظ على تقافته الأصلية وهويته وتعلقه بالروابط العائلية. وأضافت أن الرهان القائم بين دول الإقامة والبلد الأصلي ينعكس سلبا على عملية طلاق المغاربة بهولندا وعلى أحوالهم الشخصية وقالت، إن هذه الوضعية تزداد سوءا لعدم وجود إطار قانوني بين البلدين في مجال حرية الأشخاص على خلاف مانجده بالنسبة لبعض دول الاتحاد الأوربي كفرنسا التي يتم التوقيع والمصادقة على اتفاقية في هذا المجال ثم بلجيكا التي تم هي الأخرى التوقيع معها على مجموعة من الاتفاقيات بالرغم من أنها لحد الآن لم تتم المصادقة عليها. وذكرت أن القانون الدولي الخاص الهولندي يعطي للقاضي الهولندي الحق او اختصاص النظر في جميع قضايا الطلاق المتعلقة بالمغاربة بمجرد ان يكون أحد الزوجين متمتعا بالجنسية الهولندية أو أن يكون احدهما مقيما بهولندا منذ سنة أو متمتعا بالجنسية الهولندية منذ 6 أشهر. وقالت إن جل الأحكام الهولندية كانت تصدر في اطار مدونة الأحوال الشخصية التي لم تكن تذيل بالصيغة التنفيذية في المغرب بحجة عدم تطبيقها لمقتضيات القانون المغربي أوحتى احيانا تعليلها تعليلا غير سليم مثل صدورها عن قاض غير مسلم. وتعتبر هذه الحجة غير قانونية إذ بإمكان القانون المغربي ان يطلب تذييل مثل هذه الأحكام بالصيغ التنفيذية بالاعتماد فقط على المادة 431 من قانون المسطرة المدنية . وفي موضوع تجليات «المقاربة التوفيقية وعوائقها في أفق خلق نظام قانوني موحد للأسرة المغربية المقيمة بأوربا» أكد سفيان ادريوش نائب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بوجدة ان مقاربة مدونة الأسرة تحتاج الى استيعاب فلسفتها وليس فقط انتقادها والاستجابة الى فهم مضمونها واقترح العديد من التعديلات لانهاء العلاقة الزوجية بالنسبة للجالية المغربية المقيمة بالخارج وذلك في اطار تصادم المرجعيات بين قانون الأسرة المغربي وبين الأنظمة القانونية في أوربا. ومن بين هذه التعديلات ذكر المساواة بين الرجل والمرأة طبقا للمادة 75 من مدونة الأسرة استجابة لمقتضيات الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان التي لم يصادق عليها المغرب ولايعتبر طرفا فيها وأضاف الطابع القضائي في الطلاق، والتنصيص على ضمانات مالية وكذلك الطلاق الانفرادي واعتبره مازال يناقض مبادئ حقوق الإنسان وتوسيع مفهوم الضرر المبرر للطلاق وإمكانية تبرير الزوجة للطلاق وتضمينه لعقد الزواج وإمكانية فسخ عقد الزواج طبقا للمادة 63 من مدونة الأسرة، وتبسيط مسطرة تبديل الأحكام الأجنبية بصيغة تنفيذها طبقا للمادة 128.