ينظم حزب الاستقلال اليوم السبت في الساعة الرابعة بعد الزوال بالمركب الثقافي أحمد بوكماخ بمدينة طنجة، الذكرى الخامسة والأربعين لوفاة زعيم التحرير الأستاذ علال الفاسي، التي تحلّ في ظروف تشتدّ فيها الحاجة إلى الرجوع للأفكار التنويرية البنَّاءة والرائدة التي أبدعها الوطني الكبير والمجاهد الفذ والزعيم الشهم، وإلى العودة للمواقف الوطنية الحاسمة التي اتخذها في مراحل تاريخية مفصلية اجتازها المغرب خلال العقود الأخيرة، فكانت نبراساً للفكر الوطني القابل للتجدّد، والمساير للمتغيّرات، والباني للنهضة الوطنية على قواعد الملكية الدستورية، وسلطة القانون، ومبادئ الديمقراطية والتعادلية والإنسية المغربية.
ولقد جاء الموضوع الذي اختاره حزب الاستقلال هذه السنة لهذه الذكرى الوطنية المجيدة التي سيترأسها الدكتور نزار بركة الأمين العام للحزب، اختياراً مناسباً ومعبراً عن الخصائص المميزة لمدرسة علال الفاسي السياسية والفكرية والعلمية والوطنية. ذلك أن الربط بين (الفكر المقاصدي)، وبين (النموذج التنموي الجديد)، هو ربط محكَم متين النسج؛ لأن فكر الزعيم علال فكرٌ واقعيٌّ وعمليّ وموضوعيّ، وليس فكراً مثالياً طوباوياً، يقتحم المشاكل، ويخترق القضايا، ويعالج المسائل الحياتية برؤية شفافة، وبموضوعية بعيدة عن العواطف والمشاعر الذاتية، ويتعامل مع الواقع كما هو لا مع الخيال والوهم، ولذلك فهو فكر مقاصدي، له أهداف واقعية، يقصد إلى البناء على قواعد صحيحة، ويرمي إلى النماء الشامل على أساس من الانتماء إلى العصر والولاء للوطن.
وكم نحن في أشدّ الحاجة إلى الاستنارة بالفكر المقاصدي الذي أرسى الزعيم علال الفاسي قواعده، فكان رائداً على صعيد العالم العربي الإسلامي، برؤيته المستنيرة، وبعقليته المتفتحة، وبواقعيته التي انفرد بها بين القادة السياسيين والمفكرين المنظّرين والبناة للنهضة الماهدين. وكم يحتاج الوطن لحركة وثّابة تجدد النموذج التنموي الذي ثبت فشلُه، وحان الزمن لتغييره، لإنقاذ بلادنا، وللدفع بها إلى الأمام وفي الاتجاه الصحيح، لبناء التنمية الشاملة المستدامة، وللحفاظ على المكاسب ولتحقيق الأهداف الوطنية الكبرى، وحتى يكون المغرب دولة صاعدة تركب قاطرة المستقبل.
وتلك هي العبرة من اختيار هذا الموضوع ليكون شعاراً للذكرى الخامسة والأربعين لوفاة زعيم التحرير الأستاذ علال الفاسي.