التسريبات تتغلب على تعهدات الحكومة لتحصين امتحانات الباكالوريا الأسئلة على شبكات التواصل الإجتماعي والوزارة تنفي!
* العلم: عبد الناصر الكواي
ما يحدث في اختبارات الباكالوريا الجهوية والوطنية، هو مؤشر على الإفلاس بكل معنى الكلمة، ليس فقط للمنظومة التربوية، ولكن أيضا للمنظومة الأخلاقية في هذا البلد السعيد.. وإلا كيف يمكن لكافة أفراد المجتمع وللمسؤولين عن قطاع حيوي ومفصلي وحاسم في حياة الشعوب كالتعليم الذي يُقرن دائما بالتربية والتكوين، أن يفسروا هذه الهجمة المسعورة على شرف العلم والتعلم ومصداقية شهادة فارقة في تاريخ كل فرد في العصر الحديث هي الباكالوريا؟ والمرجو ألّا تكون الإجابة بالمقاربات الزجرية والأمنية لأنها أثبتت فشلها الذريع على مدى سنوات!
وحتى لا نكون طوباويين، فقد شهد اليوم الأول من الامتحان الوطني لنيل شهادة الباكالوريا خروقات فاضحة، منها أن اختبارات عدة مواد كالفيزياء والعربية سُربت لصفحات بمواقع التواصل الاجتماعي ليلة الامتحان وصباحه، ورواد هذه المواقع على ذلك من الشاهدين، وتم الإخراج المخزي للمسرحية الدرامية من خلال مشاركة هؤلاء في صياغة الأجوبة، حيث نشرت إحدى هذه الصفحات "تسريبات 2019" أجوبة خاصة باللغة العربية، وتكلف مجموعة من زوارها (في التعاون على الغش والفوضى)، بنشر تسريبات مواد أخرى على التعاليق وصور لأوراق الامتحان تتضمن أسئلة وإجابات.
من جهتها وكعادتها، نفت وزارة التربية الوطنية على لسان مصدر فيها، أن يكون ما نشر على مواقع التواصل الاجتماعي صباح الثلاثاء "تسريبات" تخص الامتحان الوطني للسنة الثانية بكالوريا، موضحة أن كل ما وقع هو أن بعض المرشحين تمكنوا من التقاط صور الأسئلة بواسطة هواتفهم الذكية أثناء الامتحان، وأرسلوها إلى بعض الصفحات الفيسبوكية بغرض مدهم بالأجوبة.
وأكد مصدر الوزارة، أنه تم التعرف على هويات المرشحين المعنيين ومعهم المشرفين على الصفحات وجاري توقيفهم من طرف السلطات الأمنية. ومن المتوقع أن تصدر وزارة التربية الوطنية بلاغا توضيحيا حول حقيقة وحيثيات تسريبات اختبارات الدورة العادية للامتحان الوطني الموحد لنيل شهادة الباكالوريا لسنة 2019 التي يشارك فيها أزيد 441 ألف مترشح ومترشحة.
الأسئلة على شبكات التواصل الإجتماعي والوزارة تنفي!
والواقع أن المغاربة لم يعودوا في حاجة لانتظار تأكيد من وزارة التربية الوطنية، إن كانت هذه التسريبات حقيقية أم مزيفة، لأن الممتحَنين المعنيين سبقوها في العالم الافتراضي إلى ذلك، وتلك هوّةٌ أخرى على الوزارة جسرها. يكفي أن تنتبه الوزارة إلى أخطائها المتكررة في الامتحانات رغم ما تسوق له من مجهود «عظيم» في إعدادها وتوزيعها وتصحيحها، وليس أدل على ذلك من فضيحة الجهوي حين قدمت لتلاميذ السنة أولى باكالوريا مادة الفنون التطبيقية بسلا، الذين درسوا الرياضيات طيلة السنة بالعربية اختبارا بالفرنسية.
ولم تقتصر اختلالات الامتحان الجهوي لهذه السنة على الرياضيات، فقد مست اختبارات الفرنسية بجهة مراكشآسفي مما خلق ارتباكا لدى المترشحين، بعدما لاحظوا خطأ فادحا على مستوى نص الامتحان، الذي ذُيّل بسطرين خارج السياق، حيث إن مقاطع من رواية «La Boîte à merveilles» تسللت لنص رواية «Le Dernier jour d'un condamné»، ما اعتبرته أطر تربوية فضيحة.
ليس السرعة القصوى لنشر الاختبارات في مواقع التواصل الاجتماعي، ولا اتهام الوزارة الوصية بالتقصير في حماية تكافؤ الفرص ما يهم وحده، فهناك «ظاهرة» أخرى هي التآزر الغريب من رواد مواقع التواصل المغاربة مع الغش، والمبرر معروف هو أن هذه الشهادة بات غير مجدية سواء حصل عليها المترشح بالكد أو بالغش، خاصة إذا كانت بمعدل بئيسة كبؤس حالة شريحة واسعة من الشباب العاطل لدينا، وجلهم من حملة الشهادات، من ثم فقد أباح هؤلاء المساعدة على الغش وأراحوا ضميرهم إن كان له ضمير طبعاً!