قامت المندوبية السامية للتخطيط مشكورة بنشر معطيات إحصائية جد معبرة حول وضعية النساء المغربيات في سنة 2018، وذلك بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، وهي معطيات تعبر عن المنحى والتحول السلبيين لوضعية النساء ووضعية المجتمع المغربي. وحسب مذكرة المندوبية، فقد أصبح عدد النساء أكثر من الرجال في سنة 2018 و80 بالمائة منهن بدون شغل ودراسة وتكوين مع انخفاض قوي في الخصوبة وتزايد الأمية، وأن النساء الشابات المتراوح عمرهن بين 18 إلى 24 سنة هن الأكثر عرضة للعنف في الوسطين الحضري والقروي. ويقدر عدد النساء في منتصف عام 2018 بنحو 17.67 مليون ، أي ما يمثل أكثر بقليل من نصف سكان المغرب (50.1٪). ما يقرب من 49 ٪ من الساكنة دون سن 15 سنة من العمر هن نساء، وبين أولئك اللذين تتراوح أعمارهن بين 60 وما فوق ، تشكل هذه النسبة ما يقرب من 51 ٪. في عام 2017 ، كان 18.4٪ من أرباب الأسر من النساء ، 22.8٪ منهن تعشن بمفردهن. وهن أكبر سنا من نظرائهن من الذكور (50.1 ٪ سنهن أكثر من 54 سنة مقابل 37.4 ٪ من الذكور أرباب الأسر) ثم إن هاته النساء تدِرنَ أسراً أصغر مقارنة بنظرائهن من الرجال. بالإضافة لذلك فإن 7 من أصل 10 نساء من أرباب الأسر هن أرامل أو مطلقات و 65.6٪ منهن أميات والأغلبية (75٪) غير نشيطات. ولا يزال معدل وفيات الأمهات في المناطق القروية يمثل ضعفي المستوى في المناطق الحضرية، وترجع الأسباب في ذلك إلى قلة فحوصات ما قبل الولادة في المناطق القروية مقارنة بالوسط الحضري ، حيث إن20.4 ٪ من النساء القرويات الحوامل لم تستفد من أية فحوصات في 2018 ، مقابل 4.4 ٪ فقط في المناطق الحضرية. بالإضافة إلى ذلك ، لا تزال هناك تفاوتات مهمة فيما يتعلق بالولادة في مؤسسة صحية حيث إنَّ 73.7٪ من النساء الحوامل يستفدن في المناطق الريفية مقارنة ب 96٪ في المناطق الحضرية ،وِفقًا لنتائج البحث الوطني حول السكان وصحة الأسرة لسنة2017-2018. وانخفضت الخصوبة من 4,46 طفل لكل امرأة في سنة 1987 إلى 2,2 طفل في سنة 2014، مسجلة بذلك شدة انخفاض شبيهة بفرنسا والتي تقدر بطفلين لكل امرأة، وقد تراجعت الخصوبة في الوسط القروي من 5,95 طفل لكل امرأة سنة 1987 إلى 2,5 سنة 2014، وفي الوسط الحضري انخفضت إلى طفلين لكل امرأة، مما يعتبر مستوى أدنى من عتبة استبدال الأجيال. من بين 55.379 من القاصرين المتزوجين المحصيين سنة 2014 ، بلغت نسبة الفتيات 94.8 في المائة وفقا لأرقام إحصاء 2014، انخفض عدد القاصرين الذين تزوجوا قبل سن 18 عاما في المغرب بنسبة 12.8 في المائة خلال العقد الماضي حيث انتقل عددهم من 55.379 في عام 2004 إلى 48.291 في عام 2014. ولا تزال الفتيات، مع ذلك، المعنيَّات الرئيسيات بهذا النوع من الزواج (45.786 فتاة) بنسبة 94.8٪ من مجموع الارتباطات الزواجية التي أحد أطرافها قاصر. أضف الى ذلك أن حوالي ثلث البنات القُصّر المتزوجات (32.1 في المائة) لديهن طفل واحد على الأقل، وأن الغالبية العظمى من الفتيات غير المتزوجات 87.7 في المائة هن ربات بيوت. ولا تزال المرأة تعاني من بعض الحرمان ، ولا سيما في الوسط القروي، فواحدة من كل عشر فتيات في سن 7-12 هي غير متمدرسة في المناطق القروية و 14.8 ٪ من الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و 24 سنة أميات مقارنة ب 7.2٪ من الفتيان في نفس العمر. وفي سنة 2014 ، ظلت ست من بين كل عشر نساء قرويات أميات ، مقارنة بنسبة 35.2 في المائة بين الرجال القرويين و 30.5 في المائة من نساء المدن.
ضعف استخدام امكانيات اليد العاملة النسوية حسب معطيات البحث الوطني حول التشغيل لسنة 2018، بلغ معدل النشاط للنساء بالكاد نسبة 22,2% على المستوى الوطني. وهو ما يمثل بشكل نسبي، أقل من ثلث المعدل الخاص بالرجال (70,9%). إضافة إلى هذا، فإن النساء يعانين من البطالة أكثر من الرجال. فمعدل البطالة لديهن، و الذي هو في تزايد مستمر، يظل مرتفعا مقارنة مع معدل الرجال (14 مقابل 8,4% سنة 2018). ويتميز نشاط النساء أيضا بهشاشته. ففي سنة 2017، كان ما يقرب من 40,5% من النساء النشيطات المشتغلات (مقارنة ب 9 % من الرجال) يشتغلن كمساعدات عائليات بدون أجر. وأيضا، 8,9% فقط من المشغلين و 14,1% من العاملين لحسابهم هن نساء. وبالإضافة إلى ذلك، فإن أكثر من ربع الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، أي ما يعادل 1,7 مليون شاب مغربي، لا يشتغلون، ولا يدرسون ولا يتلقون أي تكوين؛ بينهم 80% من النساء. وبلغت نسبة ولوج المرأة للمناصب العليا ومناصب المسؤولية في الإدارة العمومية حوالي 22% سنة 2016 ، وتبلغ النساء 81 امرأة من بين 395 نائباً في البرلمان. وبخصوص العنف ضد النساء، فالأكثر عرضة له هن النساء الشابات بالوسط الحضري، ففي سنة 2009، بلغ معدل انتشار العنف ضد النساء ضمن مختلف الفضاءات 62,8% (67,5% بالوسط الحضري و56% بالوسط القروي)، 55% بالفضاء الأسري و32,9% بالفضاءات العامة، وتعرض حوالي23% من النساء لعنف جنسي في فترة من فترات عمرهن.و النساء الشابات المتراوح عمرهن بين 18 إلى 24 سنة هن الأكثر عرضة للعنف بشتى أنواعه: 79,3% بالوسط الحضري و60,4% بالوسط القروي. إن المعطيات التي أوردتها المندوبية السامية للتخطيط، تعكس تحولا سلبيا ملموسا في المجتمع المغربي، ينبغي على المرء قراءته في إطاره الموضوعي، فتدني وضعية المرأة ينعكس بشكل تلقائي ومباشر على الرجل و الأسرة والمجتمع. وهذا الوضع يفرض على الجميع المساءلة، من قوى سياسية وفاعلين مجتمعيين و” منظرين” وكذلك المنتفعين والمنتفعات من أموال المنح والمشاريع الخارجية التي تنفذ أجندات خارجية تستهدف تدمير كينونة و هوية نواة الأسرة والمجتمع المغربي، لصالح إشعال نعرات الصراع النسواني الأنثوي المزعوم ضد الذكور، والدفاع عن الانحرافات الأخلاقية والمجتمعية غير السليمة وغير السوية المعروفة في كل زمان ومكان، لصالح نمط معولم مخدوم، يدعي ظاهرا وزورا التمدن والتحرر، لكنه في الباطن يسلب الكينونة الإنسانية للمرأة والرجل ويدمر مجتمعهما لصالح عبودية وسوق نخاسة معولم، تفقد معه المجتمعات إرادتها وتسلب منها ماهيتها الإنسانية وكرامتها البشرية. فبمناسبة اليوم العالمي للنساء، قالت رئيسة إحدى جمعيات المجال النسوي، أن الدراسات بخصوص وضعية مايسمى بالأمهات العازبات في المغرب غير متوفرة، بسبب التكتم الخطير، وعدم الكشف عن أرقام “الأمهات العازبات” في المغرب من طرف الجهات المعنية، سواء تعلق الأمر بالمستشفيات، أو الجهات المختصة، و أن الأرقام المتداولة حسب دراسة أنجزت قبل سنوات تشير على الأقل إلى 352 ولادة طفل بشكل يومي خارج إطار الزواج الشرعي. أما الخطاب الحكومي الذي جاء على لسان رئيس الحكومة في الاجتماع الأسبوعي لمجلس الحكومة، يوم 7 مارس الجاري، فهو خطاب تبريري لواقع بئيس، فقد أشار رئيس الحكومة إلى أن المرأة المغربية حسب التقرير الأخير لمنظمة اليونسكو حاضرة في مجال البحث العلمي وفي جميع المهن، وهي حاضرة أيضا بمسؤوليتها وزيرة حيث يفوق عدد النساء أعضاء الحكومة الحالية عددهن في الحكومات السابقة. إنه خطاب من الخطب السطحية الرسمية التبريرية البعيدة عن الواقع وما يعانيه المجتمع في نواته الصلبة.
معطيات حقيقية صادمة حول الوضعية الراهنة للنساء المغربيات في يومهن العالمي