لم يعط الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة، لحسن الداودي لنفسه الوقت للاطلاع على مضامين تقرير مجلس المنافسة عن طلب رأي الحكومة بشأن مشروع تسقيف هوامش الربح للمحروقات السائلة، ولم يعمق النظر فيما ذهب إليه إدريس الكراوي رئيس مجلس المنافسة في الندوة الصحفية التي نظمها يوم الجمعة 15 فبراير الجاري لتقديم القرارات التي صادق عليها أعضاء المجلس في الدورة الأولى العادية للجلسة العامة التي انعقدت بيوم واحد قبل انعقاد هذه الدورة. الداودي هاجم مذكرة مجلس المنافسة، ودعا الكراوي إلى تنقية تقريره الصادر بشأن طلب الداودي من أجل تقنين أسعار المحروقات السائلة، واتهم تقرير المجلس بأنه يغلب عليه الطابع السياسي، وقال الداودي في تصريح صحفي: «ماكنت أتوقع أن يتدخل المجلس في تقييم قرارات الحكومة»، لافتا الانتباه إلى أن المجلس تدخل فقط في تقييم قرار الحكومة السابقة بهذا الخصوص، في حين تجاهل قرار حكومة أخرى متعلق ب «لاسامير».
وفي قضية «لاسامير» قال الكراوي في الندوة الصحفية إن قرار تحرير أسعار المحروقات، اتخذته الحكومة في فاتح دجنبر 2013، وإغلاق «لاسامير» تم في غشت 2015، مع العلم أن «لاسامير» هي المكرر الوحيد في المغرب، وتم إغلاقه مع معرفة الدور الاستراتيجي في التوازنات التنافسية، والأمن القومي وضمان تأمين تزويد الاقتصاد الوطني والمستهلك من هذه المادة الاستراتيجية. وقال الكراوي، إنه يزن ما يقوله، وهذه أمور جدية يجب التعامل معها بكل جدية.
وأضاف رئيس مجلس المنافسة، أن ملف «لاسامير» رغم أنه بين يدي القضاء، فقد كانت له فرصة الاطلاع على قضية هذه المحطة عن قرب حين كان مسؤولا في الوزارة الأولى، وكانت المشاكل التي أدت إلى إغلاق «لاسامير» هي نفسها التي حاولت الحكومة ما قبل الماضية حلها لتواصل المحطة عملها.
وذكر أن المغرب إن أراد الحفاظ على التوازنات داخل سوق المحروقات وتقوية مناعة الاقتصاد الوطني، وتحقيق توازن على صعيد القوى المتواجدة، لابد من الأخذ بعين الاعتبار مصلحة المستهلك والأخذ بعين الاعتبار كذلك القطاعات المنتجة، من فلاحة وصناعة وخدمات وسياحة وشركات وموزعين، وذلك لن يتم إلا بقرار سياسي جريء، إما بالمحافظة على المكرر الوطني أو اعتماد الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مع ضرورة القيام بدراسة جدية لإمكانية فتح نشاط التكرير للاستثمار الخاص على غرار اسبانيا وبعض الدول الأخرى، واعتماد المنافسة في هذا القطاع من أجل تأمين تزويد المغرب من هذه المادة الضرورية.
وقال إن مجلس المنافسة طلب من الوزير الداودي تزويد المجلس بالدراسة التي قامت بها الوزارة، والتي على أساسها يتم توضيح هامش التسقيف الربحي، لكن الداودي بعث لمجلس المنافسة، بوثيقة وحيدة ويتيمة، عبارة عن أرقام لا أقل ولا أكثر، وطلب المجلس من الداودي توضيح الأساس الذي اعتمدته وزارته في هذه الدراسة، ومتى أنجزت هذه الدراسة ومن قام بها، وما هي عينات الشركات التي اعتمدت عليها، وقد طلب المجلس من الداودي كل ذلك ليكون رأي المجلس له مصداقية، وليكون قراره مبنيا على أسس دقيقة وعلمية وخبرة مضبوطة لأن قضية مثل تسقيف هوامش الربح لا يجب التلاعب بها.
الأرقام التي بعثها الداودي لمجلس المنافسة تغطي ما بين 2015 و2018 ، وأكد الكراوي أن مجلسه لا يمكن أن يؤسس تحليله وقراره على انطباعات وأرقام تقديرية، في حين القانون يحتم على جميع الإدارات والمؤسسات الوطنية تزويد مجلس المنافسة بكل الوثائق التي يطلبها منها.
وأكد الكراوي أنه يتكلم عن هذا الموضوع من غير لغة الخشب، وأن الوثيقة التي توصل بها من الداودي تضم جدولا لهوامش ربح بعض الشركات. وقال إنه رغم ذلك يثق في هذه الوثيقة، وسيأخذها بعين الاعتبار، لأن مصدرها مؤسسة حكومية وعمومية محترمة.