قال لحسن الداودي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة "إن مجلس المنافسة خرق واجب التحفظ، بعدما أقحم نفسه في تقييم قرار الحكومة بتحرير أسعار المحروقات، والقول بأن الإعداد له لم يكن جيدا"، وذلك في أول رد له على رفض مجلس المنافسة لتوجه الحكومة نحو تسقيف أرباح شركات المحروقات. وأضاف الداودي في تصريح صحفي إن ما صدر عن مجلس المنافسة يتطابق مع ما يمكن أن يصدر عن حزب معارض. واعتبر الداودي أن مجلس المنافسة ليس من حقه تقييم التاريخ، وإلا كان عليه أن يقدم تقييما لقطاع المحروقات منذ الاستقلال إلى الآن. وتابع الداودي بالقول :"إذا كان مجلس المنافسة يعتبر أن الحكومة اتخذت قرارا بتحرير أسعار المحروقات رغم علمها بأن السوق سيفقد شركة التكرير الوطنية الوحيدة، فلماذا لم يقل أن خوصصة هذه الشركة كان خاطئا من الأصل". وقال الداودي إنه يحترم توصيات مجلس المنافسة وسيأخذها بعين الاعتبار، مضيفا "ليس لدي أي ملاحظة على باقي ما ورد في رأي المجلس، بل إنه رأي محترم، وسنأخذه بعين الاعتبار، لكن من الواجب الابتعاد عن السياسة". وفي تعليق على رد فعل الداودي، قال إدريس الكراوي، رئيس مجلس المنافسة، إن "رأي المجلس حول تسقيف أسعار المحروقات، رغم طابعه الاستشاري، له قوة أخلاقية وسياسية ومعنوية". وأكد الكراوي، خلال الندوة الصحفية، التي عقدها اليوم الجمعة بالرباط، على أن مجلس المنافسة، "مؤسسة دستورية، رئيسها معين بظهير"، مشددا على أنه من حق الحكومة أن تتخذ قرارها بالتسقيف، وأن الرأي المعبر عنه من قبل المجلس، الذي يرى أن ذلك لن يحل المشكل، فهو في نظره غير كاف وغير مجد. وشدد على أن المجلس "اتخذ رأيه بطريقة مستقلة ومجردة"، وذلك في رد على وزير الشؤون العامة الحكامة، الذي اعتبر أن مجلس المنافسة خرق واجب التحفظ. وأشار الكراوي إلى أن المجلس عبر عن رأيه في إطار الصلاحيات المخولة له، وسينتقل إلى ملف آخر، مشيرا إلى أن التسقيف يعود لتقدير الحكومة، رغم تعبير المجلس عن عدم استيفاء طلب الرأي للشروط الواجبة. واعتبر مجلس المنافسة، اليوم الجمعة، أن تسقيف أسعار وهوامش الربح للمحروقات السائلة "لن يكون كافيا ومجديا" من الناحية الاقتصادية، والتنافسية ومن زاوية العدالة الاجتماعية. كما اعتبر مجلس المنافسة، في رأي له بشأن طلب للحكومة من أجل تقنين أسعار المحروقات السائلة، أن التسقيف يعتبر تدبيرا ظرفيا محدودا في الزمان من طرف القانون، مضيفا أن هذه المدة، بالرغم من كونها محدودة في الزمن، فهي مدعوة، كما هو الحال دائما في سوق المحروقات، لمواجهة تغيرات متكررة نتيجة للتقلبات غير المتوقعة وغير المتحكم فيها للأسعار العالمية التي لا تضبط الحكومة بأي شكل من الأشكال التغيرات الفجائية التي تعرفها. وفقا للرأي الذي تم تقديمه في ندوة صحفية من طرف رئيس المجلس، إدريس كراوي، فإن التدخل الوحيد في أثمنة وهوامش ربح الموزعين بالجملة والتقسيط لن يغير من واقع الأسعار، ولن يؤدي بالموازاة إلى حماية المستهلك والحفاظ على قدرته الشرائية. وبالنسبة لمجلس المنافسة فإن السؤال الحقيقي لا يكمن في تسقيف الهوامش، ولكن في تحديد إجراءات مواكبة لفائدة القطاعات والفئات الاجتماعية التي ستتضرر أكثر من الارتفاعات غير المتوقعة لأسعار المحروقات السائلة. وأوضح المجلس أن التسقيف يشكل تدبيرا تمييزيا يطبق بدون استثناء على كافة المتدخلين في القطاع مهما كانت أحجامهم وبنية تكاليفهم. وهذا ما يمثل خطرا حقيقيا قد يضر بالمتدخلين الصغار والمتوسطين الذين ستتصاعد هشاشتهم. وأضاف، في نفس السياق، أن تسقيف الأسعار وهوامش الربح يؤثر سلبيا على الرؤية المستقبلية للمتدخلين في القطاع. فضلا عن ذلك، فقد تم تجريب هذا التدبير ما بين دجنبر 2014 ودجنبر 2015 ولم يفض إلى النتائج المرجوة، لأن المتدخلين يعتمدون عادة الأسعار القصوى المحددة دون بذل مجهودات لتخفيض الأسعار، حيث يتحول السعر الأقصى تلقائيا إلى سعر أدنى، وفقا لرأي مجلس المنافسة بشأن طلب الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة من أجل تقنين أسعار المحروقات. وسجل المجلس أن سوق المنافسة يعاني من عدة اختلالات ذات طبيعة بنيوية لا يمكن لتدابير جزئية وظرفية الإجابة عنها، مشيرا إلى أن هذه الخلاصة تنبني على تحليل لشروط تطبيق التحرير الكلي لأسعار المحروقات المعمول به منذ دجنبر 2015. وفيما يتعلق بتحرير للأسعار، أشار المجلس إلى أنه تم إنجاز هذا التحرير دون الأخذ بعين الاعتبار عددا من عناصر السياق الوطني التي كان بالإمكان أن تنبه الحكومة إلى مدى ملاءمة دخول عملية التحرير الكلي حيز التنفيذ وطرق أجرأته.