في خطوة من شأنها أن تزيد من الغضب الاجتماعي تجاه عنف الشرطة ضد المتظاهرين المعارضين للحكومة، تعرض أحد رموز حركة "السترات الصفراء" لإصابة بليغة على مستوى العين جراء قذيفة يدوية للشرطة، هذا السبت، على هامش الفصل الحادي عشر من تعبئة "السترات الصفراء". وكان جيروم رودريغيس، ضمن آلاف المحتجين، الذين احتشدوا هذا السبت في ساحة الباستيل العريقة في قلب باريس، وبينما كان هذا الأخير يقوم ببث المظاهرة على "فيسبوك"، أصابته قذيفة مصدرها أحد رجال الشرطة. ما استدعى نقله بشكل عاجل إلى المستشفى على متن سيارة إسعاف. وانتشرت صور ومقاطع فيديو تظهر عينه الملطخة بالدماء كالنار في الهشيم على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث ندد الكثيرون ب"عنف الشرطة". كما لم يمر هذا المشهد مرور الكرام على الطبقة السياسية المُعارِضة، في مقدمتها زعمية أقصى اليمين مارين لوبان التي كتب على حسابها على "تويتر": "ما حصل مع جيروم رودريغيز يجب أن يقود كل الجمهوريين إلى التساؤل .. الفرنسيون يطمحون إلى النظام العام، لكن النظام ليس تشويه الخصوم السياسيين ولا الاستخدام غير العقلاني للقوة من قبل الحُكم الماكروني (نسبة إلى الرئيس ماكرون)". من جانبه تساءل زعيم اليسار الرديكالي جان ليك ميلانشون في تغريدة على "تويتر": "من أعطى الأمر باستهداف السيد رودريغيز؟ من يجب أن تتم مُعاقبته، مطلق القذيفة اليدوية أو الذي أعطاه الأمر؟ على وزير الداخلية كريستوف كاستانير أن يتحمل مسؤوليته! ويجب أن يتم على الفور سحب هذا النوع من أسلحة القمع." وبعد وقت قصير من الحادثة و نقله إلى المستشفى، نشر جيروم رودريغيز صورة على "فيسبوك" وأرفقها بالتعليق التالي: "لقد نالوا مني.. سأخسر عيني”. بدورها، فتحت وحدة التحقيق الخاصة بالشرطة الوطنية تحقيقاً حول هذه الحادثة، التي تضاف إلى 81 حالة اعتداء من أجهرة الشرطة ضد متظاهرين يجري التحقيق فيها، وفق ما أفاد به وزير الداخلية كريستوف كاستانير قبل أيام خلال جلسة استماع بالبرلمان، والتي أقر كذلك على هامشها بتعرض أربعة محتجين لإصابات بليغة على مستوى العين، وقد يفقد بعضهم حاسة البصر. ومع ذلك، شدد الوزير الفرنسي على أن هناك حاجة كبيرة لاستخدام الشرطة الغاز المسيل للدموع ضد المتظاهرين، بهدف الحفاظ على الأمن العام. كما دافع كاستانير عن استخدام الشرطة لما يعرف ب"القاذفات الدفاعية المطاطية" المثيرة للجدل، معتبراً أنه من دون استخدامها فإنه لن يكون أمام رجال الشرطة سوى الالتحام الجسدي مع المتظاهرين، مما سيؤدي إلى ارتفاع حصيلة المصابين في صفوف الطرفين. وكذلك فعل لوران نونير، كاتب الدولة لدى وزير الداخلية، بقوله إن "القاذفات الدفاعية المطاطية" تحمي رجال الشرطة والدرك، الذين أصيب منهم نحو ألف عنصر منذ بدء تعبئة السترات الصفراء قبل شهرين. ومما لا شك فيه، أن إصابة جيروم رودريغز البلغية على مستوى العين، ستزيد من حدة التوتر المتصاعد منذ أيام بين عناصر الشرطة وعدد كبير من محتجي "السترات الصفراء" الذين ينددون بعنف الشرطة تجاههم. وأصيب أكثر من 1800 شخص في صفوف "السترات الصفراء" منذ بدء فصول تعبئتهم الوطنية (كل يوم سبت) في السابع عشر من نونبر، وفق أرقام وزارة الداخلية. كما طال عنف الشرطة بعض الصحافيين، الذين نددت بعض جمعياتهم وفي مقدمتها "مراسلون بلا حدود"، بالاعتداء على عدد من زملائهم خلال تغطيتهم للمظاهرات، من قبل بعض متظاهري "السترات الصفراء" بالاضافة الى عناصر الشرطة.