ما إن حل موعد استحقاقات 12 يونيو 2009 الجماعية حتى تحركت آلة الفساد والإفساد الانتخابي مجسدة في السلطات المحلية وبتأطير وتوجيه من نافذين بالسلطة الإقليمية وتحت تأثير نفوذ تجار المخدرات والتهريب الدولي بالمنطقة ومروجي الرذيلة بجماعات دائرة غفساي حيث كان ظهورها هذه المرة لافتا أكثر من ذي قبل، فقد تركت لها الصلاحية التامة في تدبير ملف استحقاقات 12 يونيو 2009، دون خوف أو خجل سواء أثناء الحملات الانتخابية أو بعدها عند تشكيل مكاتب الجماعات. مما أفقد المنتخبين إشعاعهم الذي على أساسه اختيروا وحلت محله تبعيتهم لهذا أو ذاك. كما اتخذت الدعاية الانتخابية طابعا آخرا، لا يستند إلى خدمة المصلحة العامة أو الترويج لبرنامج حزب معين بل ساد الحديث عن ثقافة مروجي المخدرات وتجار القنب الهندي، مما انعكس سلبا على تشكيل المكاتب التي ستدير شؤون هذه الجماعات وأفرزت العملية رؤساء في بعض الجماعات لا يميزهم سوى انخراطهم في زمرة الفساد والإفساد إما بالترويج لملف المخدرات أو بالاستسلام لهم، خصوصا في الجماعات التي تتغلغل فيها زراعة القنب الهندي كتمزكانة وسيدي المخفي وودكة والرتبة وسيدي الحاج امحمد، فقد باتت السلطة تحت تأثيرهم وعملت على إرضائهم لتنال حظها من الغنيمة فلا نسمع إلا المجلس الفلاني تشكل تحت غطاء الأموال التي تتداول بشكل علني في المجالس والأسواق دون أي رقيب ولا حسيب، والأمثلة على ذلك كثيرة فمثلا بجماعة تمزكانة عرفت دوائر الجماعة أثناء الحملة نوعاً من الرعب والترغيب والترهيب فقد قاد الحملة مرشحو حزب معين مدعومين بأباطرة المخدرات بطوابير من السيارات الرباعية الدفع وأنواع أخرى وصلت في بعض الأحيان إلى 60 سيارة مداهمين دوائر الجماعة مخلفين نوعا من الذعر وكثيرا ما خلقوا اصطدامات مع سكان بعض الدوائر والسلطات تتفرج ولا من يحرك ساكنا ورغم هذه الحملات الاستفزازية للسكان من طرف هذه الجماعة لم يحققوا أهدافهم، مما جعلهم يلجأون إلى خطف أعضاء ليسوا من حزبهم بالوسائل المعهودة السلطة والمال وغيرهما كما أطلق العنان للمقدمين والشيوخ يوم الاقتراع لتبليغ الرسائل المشفرة إلى الناخبين ليكونوا عند حسن ظن رجال السلطة المؤطرين للعملية وغيرهم من ذوي النفوذ، والأمثلة كثيرة من جماعة سيدي الحاج محمد، ففي إحدى دوائر دوار شهريرة تحرك المقدم يوم الانتخابات للدعاية لابن عمه المرشح ورغم إخبار قيادة بني زروال بقي المقدم يواصل رسالته الى نهاية عملية الاقتراع، وقس على هذا في دوائر أخرى وفي جماعات أخرى ككسان وتافرانت وتبودة أما في جماعة سيدي يحي فقد تنوعت التدخلات لتنوع المؤثرين على سير العملية، ففي دائرة الزاوية مارس المقدم مهامه بكل إخلاص لكن المثير جدا هو ما وقع في دائرة الحوانت حيث كان التدخل من كل الأطراف، وعند فرز الأصوات أزاح الشيخ رئيس المكتب وجعل منه مساعدا له يسجل بقلمه ما يمليه عليه الشيخ، وأعلن الشيخ فوز المرشح الذي أوكل إليه إنجاحه وانتهت العملية، الى غير ذلك من أنواع ممارسات إفساد الانتخاب التي انتهجتها السلطة بجماعات دائرة غفساي. واضح جدا من كل ما سبق ذكره أن السلطة هذه المرة نوعت من أساليبها في إفساد الانتخابات بهذه الدائرة ولم تتعصب لحزب واحد كما كان سابقا، بل لحزبين على الأقل الجامع بينهما انتماء مرشحيهما الى تجار ومروجي المخدرات والتهريب وناشريه في الدواوير، فقد باتت تسجل حالات استعمال حقنات الكوكايين في بعض المناسبات بجماعات الدائرة يروجها أشخاص على علاقة وطيدة مع رجال السلطة استخدمهم كثيرمن المرشحين لمساعدتهم على الفوز بمقعد يوم 12 يونيو ففي كل جماعة يتداول اسم من الأسماء مقرونا اسمه بالترويج للمخدرات الصلبة وتداول الخمور المهربة ولا أحد يوقفهم، بل لهم علاقة وطيدة مع ذوي النفوذ تصل في بعض الأحيان الى مستوى الشراكة. وللإشارة فإننا ننبه الجهات المسؤولة الى التحلي بالوعي واليقظة تجاه ما حدث ويحدث الآن حتى لا يتسع الخرق على الراقع. كما نطالب الجهات المسؤولة بفتح تحقيق نزيه فيما جرى في هذه الانتخابات بهذه الدائرة.