يشهد فصل الصيف انتعاشا كبيرا لظاهرة الوجبات السريعة وتناول الوجبات خارج المنزل، و إن نظرة عامة لعدد من المحلات التي تقدم هذه الوجبات وكذا الأشخاص المشرفين على تسييرها يعطي الانطباع بوجود تجاوزات عديدة فيما يخص الجو العام الذي تحضر فيه هذه الوجبات ويطرح السؤال حول مدى جودتها ومراعاتها للشروط الصحية اللازمة وقابليتها للاستهلاك. فيما يلي حوار مع الأستاذ نبيل العياشي، مختص في الحمية و التغذية بالمركز الاستشفائي الجامعي»ابن سينا» بالرباط، ورئيس الجمعية المغربية لعلم الحمية والتغذية. > ما تعليقكم على ظاهرة الوجبات السريعة؟ بالنسبة لظاهرة تناول الوجبات السريعة، وخصوصا في فصل الصيف، فهي منتشرة على نطاق واسع، وفي غالب الأحيان فإن هاته الوجبات تتكون من أغذية مقلية في الزيت كالبطاطس أو أغذية تحتوي على نسبة عالية من الدهنيات كما هو الحال بالنسبة للنقانق أو اللحم المفروم «الكفتة»، وغالبا ما يرافق تناولها استهلاك المشروبات الغازية الغنية بالسكريات، وبطبيعة الحال فإن تناول هذا النوع من الوجبات والاعتياد عليه يؤثر سلبا على النظام الغذائي للإنسان ويحدث لديه خللا على هذا المستوى. > هل يمكن لكم التفصيل أكثر في مؤاخذاتكم على الوجبات السريعة، خصوصا من حيث جودتها وطريقة تحضيرها؟ بطبيعة الحال، هناك مجموعة من المؤاخذات تطرح عند الحديث عن الجودة الغذائية للوجبات السريعة وظروف تحضيرها وعرضها للبيع. فبالنسبة لمسألة الجودة الغذائية، فإن الأغذية التي تقدم ضمن هاته الوجبات تكون غنية بالدهنيات المشبعة، وهي دهنيات غير صحية، وبالإضافة لذلك فإن هاته الوجبات لا تحتوي على الألياف الغذائية الضرورية لعمل الأمعاء، وهي فقيرة من حيث الفيتامينات والأملاح المعدنية الضرورية كالكالسيوم.. ونفس الشيء بالنسبة للمشروبات الغازية، فهي غير صحية وليست جيدة من حيث قيمتها الغذائية فهي تحتوي على نسبة كبيرة من السكريات السريعة. أما بالنسبة لطريقة التحضير والعرض فنحن نلاحظ على سبيل المثال أن الباعة المتجولين أو الذين يبيعون الوجبات في الشارع العام والهواء الطلق «كباعة النقانق مثلا» لايحترمون شروط تحضيرها وعرضها، إذ تبقى معرضة لأشعة الشمس وتتأثر بالجو الملوث بدخان وسائل النقل وغيره، وهو ما يشكل خطرا على صحة المستهلك. أما بالنسبة للمحلات التي يقوم أصحابها ببيع الوجبات السريعة، فإننا نسجل مجموعة من الظواهر السلبية التي ترافق تحضيرها كاتساخ البذلة التي يرتديها العاملون، وعدم ارتدائهم للقفازات، وعدم ملاءمة الهندسة العامة للمحل بحيث لا تتوفر الشروط الملائمة لتحضير الوجبات كالتهوية والنظافة والمساحة الكافية... إلخ. بالإضافة إلى الأغذية التي تقدم ضمن الوجبة السريعة، هناك من يقدم سلطات خضر منوعة، ما رأيكم فيها؟ > السلطات بطبيعة الحال أحسن من الوجبات السريعة، لاحتوائها على الألياف الغذائية والأملاح المعدنية والفيتامينات. لكن يجب احترام قواعد وظروف تحضيرها كغسل الخضر جيدا ووضعها في إناء به ماء به قطرات من ماء جافيل، وبالنسبة للشخص المكلف بتحضيرها فيجب أن يحترم شروط النظافة من غسل جيد لليدين واستعمال للقفازات وأواني نظيفة، ذلك أن السلطات تقدم نيئة ولا تطهى في درجة حرارة عالية يمكنها أن تقضي على الميكروبات، هذا في ما يخص طريقة التحضير، أما بالنسبة لطريقة العرض فيجب عرض السلطات في مكان بارد ومغطى ونظيف. لكن يجب أن نشير إلى أنه غالبا ما تكون السلطات مرفوقة ب»المايونيز» وهو عبارة عن خلطة تصنع أساسا من الزيت والبيض، ونحن باعتبارنا مختصين في الحمية ننصح بتجنب استهلاكهة لأنه غني بالكلسترول و يفسد بسرعة اذا لم يحفظ في مكان بارد. > لوحظ في الآونة الأخيرة، إقبال أصحاب المحلات على طهو كميات كبيرة من “كبد الدجاج” وبيعها كوجبة رئيسية، لقيت تجاوبا من طرف المواطنين، ربما لكلفتها، ما رأيكم في جودة هذا النوع من الوجبات؟ بالنسبة للكبد عموما فهو غذاء غني بالكولسترول)300 إلى mg 400 في كل 100غرام) ، ولهذا فبالإضافة للمؤاخذات التي ذكرناها في البداية والتي تتعلق بظروف تحضير الوجبات، فإن استهلاكه بكمية كبيرة يؤثر سلبا على صحة المستهلك. > بخصوص التأثير على صحة المستهلك، ماهي مضاعفات تناول الوجبات السريعة وأين تتجلى خطورتها على صحة المستهلك؟ بخصوص الأضرار والمضاعفات التي يمكن أن تؤثر سلبا على صحة المستهلك فإننا نميز بين نوعين من الأضرار: أولا: أضرار على المدى القريب والمباشر، وتتمثل في التسمم الغذائي الذي يتلو تناول الوجبات التي لا تحترم شروط النظافة أثناء التحضير والعرض، وفي حالة حصول التسمم فإننا ننصح بالتوقف عن أكل أي شيء والاكتفاء بشرب الماء والتوجه لمصلحة المستعجلات بالمستشفى والاتصال بالمركز الوطني لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية. ثانيا: أضرار على المدى البعيد، ذلك أن الاستهلاك المفرط للمأكولات ا لغنية بالكولسترول مثلا يؤدي مع مرور الوقت إلى ارتفاع نسبته في الدم وهو ما يسبب أمراضا متعددة كمرض تصلب القلب والشرايين، كما أن الدراسات أكدت وجود علاقة مباشرة بين التغذية ومرض السرطان، وفي هذا الإطار نورد الدراسة التي قام بها الباحثان الكنديان ريتشارد بليفو ودينيس كينكراس في كتابهما « الأغذية ضد السرطان» والتي أشارا فيها إلى أن 30 بالمائة من حالات السرطان ناتجة عن التغذية. وبطبيعة الحال فهذا الرقم المهول يوجب على الإنسان الاهتمام بنظامه الغذائي والابتعاد عن استهلاك الوجبات السريعة غير الصحية ، والاستعاضة عنها بالفواكه والعصائر الطبيعية والمنتجات الحليبية التي تخضع لشروط الحفظ والعرض المناسبة.