العربية بقلم// عمر نجيب يوم الجمعة 24 نوفمبر 2017 قتل مسلحون أكثر من 305 مصليا وأصابوا بجروح متفاوتة 109 آخرين في مسجد قرية الروضة في منطقة بئر العبد غربي مدينة العريش عاصمة محافظة شمال سيناء. بعد ذلك بساعات وخلال كلمة له عن المذبحة كشف الرئيس المصري أنه رفض توصيات بإخلاء منطقة العريش من السكان لتسهيل الحملات الأمنية والعسكرية ضد التنظيمات الإرهابية. مصادر رصد أوروبية أفادت أن هجوم مسجد قرية الروضة يدخل في نطاق مخطط متجدد يهدف إلى تهجير أكبر عدد ممكن من سكان شبه الجزيرة الصحراوية والمقدر عددهم بحوالي نصف مليون نسمة ضمن 104 مليون يشكلون مجموع المصريين داخل وخارج البلاد. دولة واحدة بين النهر والبحر قبل 14 يوما من مذبحة المسجد دعت وزيرة "المساواة الاجتماعية" في الحكومة الإسرائيلية، جيلا جمليل، إلى إقامة دولة فلسطينية في شبه جزيرة سيناء المصرية. ونقلت القناة السابعة في التلفزيون العبري عن جمليل، قولها "إن هذه الدعوة قد تكون غير مقبولة من قبل المجتمع الدولي والدول العربية المجاورة لإسرائيل، إلا أنها تنطلق من حقنا في أرض إسرائيل المبدئي والتاريخي"، على حد زعمها. وأبدت الوزيرة الإسرائيلية معارضتها لوجود دولة فلسطينية في الضفة الغربية، حفاظا على أمن المستوطنين، معتبرة أن هذا الأمر يعد "خطرا على دولة إسرائيل التي لا يمكن أن يكون بين النهر والبحر دولة غيرها لأسباب إيدولوجية وأمنية". وأضافت "الضمانات التي قدمها المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية مقابل الانسحاب الإسرائيلي من الضفة الغربية ليست مقنعة". وتابعت "يجب أن يؤخذ في الاعتبار إقامة هذه الدولة الفلسطينية على أجزاء من الدول العربية مثل شبه جزيرة سيناء، مع منح هذا الكيان الجديد إمكانية التواصل الجغرافي مع قطاع غزة، والوصول إلى البحر من خلال فكرة إقامة جزيرة اصطناعية". وذكرت الوزيرة الإسرائيلية أن فكرة إقامة دولة فلسطينية في سيناء ستحسن من الوضع الاقتصادي المصري، وتزيل تهديد تنظيم داعش. ومن الجدير بالذكر أن فكرة إقامة دولة فلسطينية في سيناء ظهرت مجددا على الصعيد الإعلامي في شهر فبراير سنة 2017 في أقوال أدلى بها وزير الاتصالات الإسرائيلي أيوب قرا "الليكود". فقبل لقاء بين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في واشنطن، ذكر قرا أن الرئيسين سوف يبحثان خطة لإقامة دولة فلسطينية في غزة وشبه جزيرة سيناء، وليس في الضفة الغربية. إقتراح الوزيرة الإسرائيلية ليس جديدا بالنسبة للساسة الصهاينة ولكن توقيته يثير عدة تساؤلات. هجمة مكثفة بعد المذبحة جاء في تقرير نشر يوم 2 ديسمبر 2017 من مدينة الناصرة بفلسطين المحتلة: يلاحظ أنه في الآونة الأخيرة زادت تصريحات مسؤولين إسرائيليين كبار عن تأييدهم لفكرة إقامة الدولة الفلسطينية في غزة وشبه جزيرة سيناء، والسؤال الذي يطرح نفسه ما هو سر هذه الكثافة في التصريحات؟ وما هو سر توقيتها؟ هل صفقة القرن، كما يطلق على مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تشمل هذه الخطة الشيطانية لتصفية القضية الفلسطينية؟. الجنرال في الاحتياط، غيورا آيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، والباحث في معهد الأمن القومي الإسرائيلي، كان السباق خلال السنوات الأخيرة في اقتراح خطة جاء فيها أنه يجب إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، بعد مضاعفه مساحة غزة. يشار إلى أنه في الدراسة التي وضعت عام 2008، ونشرها معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، حدد ايلاند شروط وآليات التوصل لاتفاق إقليمي في عدة عوامل، منها ضم مساحة من سيناءجنوبي قطاع غزة، على طول ساحل البحر المتوسط إلى الدولة الفلسطينية الجديدة، وتكون مساحة تلك المنطقة حوالي 600 كيلومتر مربع، وتمتد 30 كيلومترا إلى الجنوب، و20 كيلومترا على ساحل البحر، حيث أن تلك المساحة كبيره بما يكفي لبناء ميناء بحري جديد ومدينة سكنية جديدة تتسع لمليون نسمة، إلى جانب بناء مطار كبير في الجنوب الغربي يكون بعيدا عن الحدود الإسرائيلية قدر الإمكان. وبهذا، قال الجنرال الإسرائيلي في الاحتياط، تكون مساحه تلك المنطقة تعادل ما يقرب من 13 في المئة من مساحة الضفة الغربية، إضافة إلى ضم الأراضي الأردنية المجاورة لنهر الأردن، ما يعادل نحو 5 في المئة من مساحة الضفة الغربية، إلى سيادة دولة فلسطين الجديدة، وستعطى الأولوية للفلسطينيين للعيش في تلك المنطقة، كما يتم تعويض الأردن عن تلك المنطقة عن طريق ضم أراض مجاورة تخضع لسيادة السعودية. الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك ذكر مرة أخرى يوم الأربعاء 29 نوفمبر 2017 إنه رفض مشروعا قدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سنة 2010 واقترح فيه نقل اللاجئين الفلسطينيين الموجودين في المخيمات بلبنان الى شبه جزيرة سيناء ضمن عملية لتبادل الأراضي في إطار اتفاق سلام. وتابع في منشور له على الفيسبوك: لقد وجدت أنه من المهم توضيح الحقائق التاريخية التالية للشعب المصري، لا صحة إطلاقا لأي مزاعم عن قبول مصر أو قبولي لتوطين فلسطينيين بمصر وتحديدا المتواجدين منهم في لبنان في ذلك الوقت. العراق وسوريا صيف سنة 2006 وبعد ثلاث سنوات من غزو الولاياتالمتحدة للعراق وإحتلاله تجددت دعوات وأبحاث غربية بشأن توطين الفلسطينيين في العراق بعد أن كانت الأخبار عن هذا الموضوع قد تكررت خلال عقود السبعينات والثمانينات، فقد جاء في بحث وتحليل لدائرة شؤون الشرق الأوسط البريطانية نشر شهر يونيو 2006: "العراق يتمتع بخيرات وثروات كبيرة: "توجد في العراق وسوريا موارد كافية لتغطية حاجات عدد من السكان يبلغ عدة أضعاف السكان الحاليين في هاتين الدولتين كما أن سرعة تطوير العراق مرهونة بزيادة عدد سكانه". ومما يدعم هذه التحليلات، سقوط خيار توطين اللاجئين الفلسطينيين في عدد آخر من الدول العربية كما خلصت إليه الباحثة الأمريكية "دونا أرينز" في كتابها "من لاجئين إلى مواطنين" حيث أن البلدان المجاورة لفلسطين إما أن تكون فقيرة جدا "الأردن" أو غير مستقرة سياسيا "لبنان" أو أنها قلقة كثيراً من قضية استخدام اللاجئين كضمان سياسي في الصراع الإقليمي الطويل الأمد "سوريا". في حين ترفض دول خليجية غنية وأكثر استقرارا "الكويت والسعودية" استيعاب اللاجئين متبعة إستراتيجية الضمان السياسي. وترفض دول غنية أخرى مستقرة استيعاب جماهير وتجمعات سكانية فقيرة مختلفة عنها. مما يعني أن العراق قد يكون الأنسب والأفضل". فتشوا عن إسرائيل هذه المعطيات دفعت الكثير من المحللين خاصة في المنطقة العربية إلى ربط العمليات الإرهابية في سيناء بمشروع إنشاء الدولة الفلسطينية البديلة، خاصة أن تل أبيب لم تعد تخفي أن مصالحها تلتقي مع مصالح التنظيم الإرهابي في سوريا، وكذلك لأنه أصبح من الواضح أن مخطط الشرق الأوسط الجديد يستهدف في المرحلة الحالية مصر بعد أن نجح مرحليا في العراق وسوريا وليبيا. يوم الإثنين 27 نوفمبر 2017 أفاد تقرير استخباري إسرائيلي وبشكل علني، بأن مصالح إسرائيل وتنظيم "الدولة الاسلامية" قد تتلاقى مؤقتا في سوريا بسبب إيران، العدو المشترك للجانبين. وأفاد التقرير الصادر عن مركز "مئير عميت" للمعلومات الاستخباراتية التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية، إن مواجهة الوجود الإيراني في سوريا سيجعل إسرائيل و"الدولة الاسلامية"حليفين بطريقة ما. وأضاف التقرير، الذي نشرته صحيفة جيروزليم بوست الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني، إلى أن إسرائيل لم تعد تخشى "الدولة الاسلامية"، بعد سقوط مشروعها، والآن القلق الرئيسي في تل أبيب يتمحور حول الوجود الإيراني في سوريا. وذكر أن تنظيم "الدولة الاسلامية" ما زال يحتفظ بقدرات قتالية عالية رغم تفككه، وسيعود إلى نمط حرب العصابات، وربما ينفذ هجمات كر وفر ضد القوات الإيرانية في سوريا. وذكر إن إيران والجماعات المسلحة التابعة لها ستحاول فتح جبهة ضد إسرائيل من سوريا، وستعزز قدرات حزب الله اللبناني لمواجهتها. البحرية الألمانية مصادر رصد في العاصمة الألمانية برلين وبناء على معلومات حصلت عليها وحدات البحرية الألمانية المشاركة منذ سنة 2006 في قوات "اليونيفيل" التابعة للأمم المتحدة المكلفة بالسهر على وقف إطلاق النار على الحدود اللبنانية الإسرائيلية والمنطقة البحرية المحاذية لهما، فإن أعداد كبيرة من مسلحي تنظيمي النصرة وداعش الذين عبروا خطوط الهدنة بين سوريا والكيان الصهيوني سواء تحت غطاء تلقي العلاج أو الراحة لم يعودوا إلى ساحة القتال ضد الجيش العربي السوري في منطقة العمليات الجنوبية. نفس المصادر الألمانية والتي تعتمد على عمليات التصنت الألكترونية التي تقوم بها البحرية الألمانية في شرق البحر المتوسط سجلت اتصالات هاتفية من جنوب فلسطين المحتلة وخاصة من منطقة بئر سبع بين أفراد محددين "عبر تقنيات الرصد والتعرف على الأصوات" عبروا خط الهدنة السوري الإسرائيلي. وبعبارة أخرى أن المسلحين المنتمين لدول عديدة والذين يقاتلون في سوريا انتقلوا إلى المنطقة المجاورة لصحراء سيناء المصرية والتي أعلن فيها تنظيم أنصار بيت المقدس ولاءه لداعش يوم 13 نوفمبر 2014. تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل لم تكن رغم كل التصريحات الرسمية المخالفة مرتاحة لمشاركة البحرية الألمانية في حراسة منطقة شرق المتوسط وقد وصل الأمر إلى ما يقارب الإشتباك المسلح بين الطرفين. فيوم 26 أكتوبر 2006 نشرت صحف ألمانية خبرا مفاده ان مقاتلتين إسرائيليتين أطلقتا النار مرتين وهما تطيران فوق سفينة للبحرية الألمانية تقوم بدورية قبالة الساحل اللبناني في إطار قوة دولية لحفظ السلام. وأكدت وزارة الدفاع الألمانية ان حادثا وقع دون ان تذكر تفاصيل. ونقلت صحيفة دير تاجيس شبيغل الألمانية اليومية عن وزير للدولة بوزارة الدفاع الألمانية قوله أمام لجنة برلمانية ان مقاتلتين إسرائيليتين من طراز "اف 16" طارتا على ارتفاع منخفض فوق السفينة وأطلقتا النار مرتين. ونسبت الصحيفة الى الوزير قوله في نشرة مبكرة من طبعة يوم الخميس ان الطائرتين استخدمتا إيضا إجراءات مضادة للصواريخ للوقاية من أي هجوم صاروخي ألماني. يوم 29 أكتوبر 2006 اعتذر رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت عن "سوء التفاهم"، الذي أدي إلى وقوع حوادث كادت أن تصبح خطيرة بين الطائرات الإسرائيلية والبحرية الألمانية. اتهام واضح الكاتب الصحفي المصري جمال الجمل رأى أن ما حدث في سيناء ليس إرهابا، مشيرا الى أن ما حدث وما سوف يحدث عمل استخباراتي واضح المنطلقات والأهداف، وثيق الصلة بصفقة القرن وترتيباتها. وتابع الجمل: "لا توجد فائدة دينية أو سياسية أو تمويليلة لمثل هذا الحادث بحيث تفكر في ارتكابه أي جماعة من جماعات القتل المستند على تفسيرات خاطئة للدين حتى حرب المساجد في العراق كان خلفها وقود صراع طائفي بين الشيعة والسنة. خطة تفريغ سيناء، والتقدم في ترتيبات صفقة القرن ليست بعيدة عما يحدث، فإذا لم يكن الموساد هو الفاعل، فهو المخطط والمدبر، وعلينا أن نفتش عن أدوات التنفيذ، وعن المشاركين بالإمداد أو بالتواطؤ، أو بالعلم والصمت". في السياق نفسه، قال الكاتب الصحفي عبد العظيم حماد في تعليق له كتبه بحسابه على الفيسبوك: "الاٍرهاب الديني في طوره الذي بدأ من سيناء كان جديدا كلية علي مصر. وعملية تفجير مسجد بير العبد اليوم جديدة هي نفسها علي هذا الطور من الارهاب فقد عرفت مصر في الماضي الاغتيالات السياسية وعرفت تفجيرا صغيرا هنا اوهناك اما استمرار تنظيمات ارهابية تعمل لمدة ست سنوات وتتركز في منطقة جغرافية بعينها حتي مع حدوث عمليات في مناطق اخري بين الحين والآخر. فهذا شيء مختلف تماما ولا يمكن فصله عما يخططه مقررو اوضاع الشرق الأوسط لمستقبل سيناء". وتابع حماد: لذا لايكفي لتفسير جريمة اليوم الأبشع منذ ظهر "هذا الطور من الارهاب القول بأنها انتقام من المدنيين المتعاونين مع الجيش والشرطة او القول بأنها للنكاية في الدولة او القول ثالثا بأنها لإثبات القوة بعد الضربات للارهابيين ولكن فتشوا عمن يريدون اخلاء شمال سيناء من السكان او من يريدون ان يوصلوا المصريين الي مرحلة الاعتقاد بان سيناء عبء مثلما اقتنع شمال السودان بان جنوبه عبء ووافق علي التقسيم". وتساءل حماد: "أليس غريبا وسط كل هذا ان لا نبحث بجدية عن دور إسرائيلي؟. اما اذا قال متحذلق ان اسرائيل تساعدنا ضد الارهاب في سيناء فالرد هو ان الصهيونية كانت تعاون النازيين احيانا في اضطهاد اليهود لكي يضطروا للهجرة الي فلسطين. وان اسرائيل نفسها باعت اسلحة لإيران في اثناء الحرب مع العراق فيما عرف بفضيحة ايران "جيت اوكونترا" جيت. ومساعدة طرفين عدوين ليقتل بعضهما بعضا هي ممارسة متكررة في التاريخ". وخلص حماد الى ان الإقدام علي قتل مصلين من نفس الدين ومن نفس المذهب ليس له تفسير الا ما تقدم، مشيرا الى أن حق الشهداء وأهليهم وحق الوطن هو الفهم والانتباه لكي نسحق الإرهابيين ونقطع الايادي التي تحركهم ونفشل المخطط الذي رسموه. وأنهى حماد قائلا: "ان القلب ليحزن وان العين لتدمع ولكن العقل يجب ان يكون في تمام لياقته وكامل يقظته". أما الكاتب مكرم محمد أحمد فقد قال إن الهدف من الحادثة الاجرامية هو إحباط المصريين. وأضاف أن تلك الحادثة كانت نقلا للمعركة من معركة ضد الجيش الى معركة ضد الشعب، مؤكدا أن المصريين سينتصرون في النهاية ضد الارهاب بفضل تعاونهم ووقوفهم يدا واحدة. وثائق "حسب الطلب" وفي صحيفة "الأهرام" وجه صلاح منتصر اتهاما لأمريكا بأنها وراء الترويج لتوطين الفلسطينيين في سيناء وقال: "من يتابع ما يتردد عن التوصل إلى ما سموه "صفقة القرن" التي تحسم في رأيهم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يشم رائحة مؤامرة عنوانها "تخاريف". هدف المؤامرة تسكين الفلسطينيين في سيناء وتفريغ الضفة الغربية منهم، كي تحتلها إسرائيل وترتاح منهم. بدأ السيناريو بالإشارة إلى حل سيعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أطلقوا عليه "صفقة القرن"، وفي مرحلة تالية خرجت تصريحات من إسرائيل بأن أفضل حل للصراع هو تسكين الفلسطينيين في سيناء، ثم فجأة كشفت بريطانيا عن وثائق تعود لعام 1982 ما أن أعلن مضمونها حتى خرج الرئيس الأسبق حسني مبارك عن صمته، وأعلن تكذيبها ونفي وقوعها، وهو أمر مصدق من رئيس تمسك بكيلومتر مربع واحد من سيناء اسمه طابا، رفض بكل الوسائل التنازل عنها لإسرائيل، ثم يقال حسب الوثائق إنه وافق على توطين الفلسطينيين في سيناء، والمؤكد أنها وثائق "حسب الطلب"، ولا يمكن أن يصدقها طفل لأنها تطلب منا تصديق أن مقاتلا مصريا، سواء كان مبارك أو غيره حارب من أجل سيناء التي ارتوت بدماء آلاف الجنود، سيناء التي تحارب قواتنا حربا عنيفة عليها ضد الإرهاب يمكن أن تشهد وطنيا واحدا تمتد يده لتوقع التنازل عنها تحت بريق صفقة القرن". خالد حنفي رئيس تحرير مجلة "الإذاعة والتلفزيون" وجه الاتهام مباشرة وبالاسم إلى أمريكا بقوله: "أهم من يظن أن الحرب على الإرهاب توشك على الانتهاء، وأن الإرهابيين يلفظون أنفاسهم الأخيرة، وأنهم وصلوا لمرحلة اليأس عندما ارتكبوا مذبحة الساجدين في بئر العبد، مثل هؤلاء لا ينفد لهم سلاح ولا ينفد لهم مال، ما دامت هناك جهات دولية وعربية ترعى وتدرب وتمد بالسلاح والمال. لن يموتوا بسهولة أن لم نحكم قبضتنا تماما على حدودنا الغربية والشرقية، لن يموتوا أبدا إن لم نؤمن جميعا بأن الحرب على الإرهاب هي حربنا هنا وهنا فقط يجب علينا ألا ننتظر دعما ولا تأييدا من دولة كبرى تظن أنها تحب مصر وتدعمها وتساندها في المحن لمجرد أن رئيسها يتغزل فينا وفي تاريخنا وفي أهمية بلادنا". وزير الخارجية وزير الخارجية سامح شكري وحسب "المصري اليوم" صرح مؤخرا أمام منتدى حوار دول البحر الابيض المتوسط: "سيفاجئكم أن تعرفوا أن مصر ممنوعة من الحصول على بعض معدات المراقبة وأجهزة كشف المتفجرات، وأريد أن أسأل لماذا؟ ونتساءل: لماذا لا تمد الدول يد العون لمصر لمساعدتها في الحصول على كل ما تحتاجه في كفاحها ضد الإرهاب، وهو ما سيؤدي إلى استعادة الأمن والاستقرار، الذي طالما كان من المظاهر الأساسية للمجتمع المصري، والذي سمته أن ينأى بنفسه عن الطائفية وطبيعة مصر تتماشى مع طبيعة شرق المتوسط والحضارات القديمة؟". هذا اتهام واضح وهو موجه أساسا إلى دولتين هما أمريكا وبريطانيا لأن روسيا وفرنسا متعاونتان عسكريا مع مصر. يذكر أن واشنطن طلبت قبل سنتين السماح لطائراتها بالتدخل في سيناء بعد منحها مطارا على الارض المصرية، الطلب تم رفضه. وفي 19 أبريل 2017 أفاد موقع "ديبكا"، الذي يصنف بأنه مقرب من دوائر الاستخبارات الإسرائيلية أن واشنطن قد تعرض على مصر قيام الأسطول الأمريكي المتواجد في البحر المتوسط، بتوجيه ضربة عسكرية في سيناء بصواريخ توما هوك كبديل لحصول الجيش المصري على معدات عسكرية جديدة. بدعة القرن كتب الصحفي والمحلل اللبناني سمير أحمد: في الوقت الذي احتفلت فيه بريطانيا بمئوية "بدعة القرن" المسماة "وعد بلفور"، التي أعطت فيه أمة لا تملك، لأمة لا تستحق، أرض أمة ثالثة الشعب الفلسطيني لتقيم عليها كيانا يهوديا عنصريا إستعماريا وظيفيا... وفي الوقت الذي تمعن فيه رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي وكبار المسؤولين الإنكليز باستفزاز مشاعر الفلسطينيين والأمتين العربية والإسلامية والأحرار في العالم، ونفتخر بدورها في تأسيس دولة "إسرائيل". في هذا الوقت تتقدم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمبادرة لم تحدد معالمها وخطوطها بعد لتسوية الصراع الفلسطيني "الإسرائيلي" أطلق عليها "صفقة القرن". وبين "بدعة القرن" البريطانية و"صفقة القرن" الأمريكية، عوامل وسمات مشتركة واستهدافات تصيب في الصميم الأمتين العربية والإسلامية وفي القلب منها القضية الفلسطينية... التضليل في المعارك التي تخوضها القوى الإستعمارية ضد المنطقة العربية يلعب التضليل الاعلامي دورا قد يعتبره البعض رئيسيا مثل المواجهة العسكرية. ابتكرت الإدارة الأمريكية في عهد جورج دبليو بوش أكبر وأخطر حملة تضليل إعلامي وسياسي في التاريخ تمهيدا لغزو العراق. فهي الحملة الأكبر لما سخرت لها من امكانيات هائلة، وأوكلت مهمة قيادتها إلي مسؤولين من أعلي درجات المسؤولية في هرم السلطة. وهي الأخطر لأنها ابتدعت منظومة متكاملة من الأكاذيب التي بررت، في أذهان الأمريكيين غزو العراق. لقد اقتضت ضرورات توسيع عمليات التضليل وإتقانها أن يستحدث دونالد رامسفيلد في أوائل عام 2002 "مكتب التأثير الاستراتيجي"، بالتزامن مع الإجراء المماثل الذي اتخذه في لندن آلاستير كامبل، المدير الاستراتيجي لتوني بلير. وسارع منتقدو البيت الأبيض وقتها إلي تسمية الأشياء بأسمائها في أن "التأثير الاستراتيجي" إنما هو تلطيف للتضليل الإعلامي، وأن رامسفيلد بذلك يقترح تأسيس أول وزارة بروباغندا في البلاد. ولم يكن "مكتب التأثير الاستراتيجي"، الذي تم إلغاؤه لاحقا تحت الضغوط، سوي الآلية العلنية لمنظومة التضليل التي كانت تشتغل غالبية آلياتها سرا. الأعلان عن إلغاء المكتب لم يكن كذلك سوى كذبة فمهامه أوكلت لمؤسسات أخرى في سرية. رامسفيلد قال بعد الاعلان الرسمي عن إغلاق المكتب "الجيش سيواصل اسقاط منشورات على ساحات المعارك، وبث برامج من طائرات العمليات الخاصة، وتقديم معلومات اخرى كما فعل طوال عقود. وسيتعين علينا انجاز هذا من خلال المكاتب الموجودة من قبل". ما كان يفعله المكتب لا يزال مطلوبا اليوم رغم انه انهى حياته البارزة والقصيرة جدا". سلاح خطر عرف الباحث ذياب الطائي التضليل الاعلامي بثلاث نقاط هي عدم تقديم المعلومات إلى المتلقي كما هي، وإجراء تعديلات في النص أو في الصورة بشكل مدروس ومنهجي، مما يؤدي إلى تغيير في المفاهيم، بهدف صنع واقع جديد لا علاقة له بالواقع المتحقق، لأجل خدمة مصالح أو أعراض خاصة. ويرى الباحث الفرنسي فرانسوا جيريه في كتابه "قاموس التضليل الإعلامي" أن عملية التضليل الإعلامي تتم دائما بصورة واعية، من أجل صوغ رأي عام مؤيد لأولئك الذين يصدر عنهم هذا التضليل، إذ يعتمد على مشروع منظم يهدف إلى تشويش الأذهان، والتأثير على العقل، كما على العواطف والمخيلة. هذا التضليل ليس له سوى هدف واحد هو إدخال الشكوك، وصنع الإضطراب، وهدم المعنويات، مضيفا أنه يجب التمييز بين التضليل الإعلامي بإعتباره "فن التستر وراء قناع"، وبين الدعاية التي تسعى إلى تأكيد وجهة نظر ما، ونشر مقولات، وأفكار أيديولوجية وعقائدية، مثلما تفعل الأنظمة الشمولية، وتهدف إلى خداع العدو، ودفعه إلى إقامة حساباته على معطيات خاطئة. وبإلقاء نظرة إلى المنطقة العربية والإسلامية نجد أنها تتعرض لهجمة إعلامية غير مسبوقة، بات المهيمنون فيها على الإعلام يمارسون عملية "غسل دماغ" جماعية على مستوى شعوب بأكملها، في قضايا مصيرية لا يستهان بها، برغم حاجتنا أكثر من أي وقت مضى إلى توظيف الإعلام للنهوض بالأمة، ومواجهة الأخطار الخارجية، ومجابهة المُعيقات الذاتية، والداخلية. وتستند صناعة التضليل الإعلامي إلى تقنيات في التأثير والإقناع لتوجيه المتلقي للإيمان بأفكار معينة تخدم "رعاة الضلال"..حتى إنك تجد أكثر من وسيلة إعلامية تقدم الأكذوبة نفسها، كأنهم تواصوا بها، بينما ما يحدث أن أنهم تخرجوا في مدرسة واحدة، بمناهج واحدة، وتوجهات واحدة، ومدرسين لا يتغيرون..إنها مدرسة "التضليل الإعلامي". وقد صدق الكاتب الأمريكي هربرت شيللر حين قال في كتابه "المتلاعبون بالعقول": "من يسيطر على وسائل الإعلام..يسيطر على العقول". المسيطرون في هذا السياق يذكر أن 90 بالمائة من وسائل الإعلام الأمريكية من صحف ومجلات ومحطات إذاعةوتلفزة وشبكات إعلامية ومعظم استديوات السينما مملوكة فقط من طرف ست شركات، وهي شركة كومكاست، ووالت ديزني، وفياكوم، ونيوز كورب لروبرت مردوخ، وتايم وارنر، و"سي بي اس" التي تملكها شركة وستينغهاوس التي تصنع المحركات للطائرات النفاثة والمفعلات النووية. التمركز في ملكية وسائل الإعلام جعل من الإعلام سلطة فعلية تطيح بقيادات وترفع قيادات. ومداخيل هذه الشركات تجاوزت 275 مليار دولار لعام 2010 بينما عدد المسؤولين التنفيذيين الذين يرسمون سياسات تلك الشركات لا يتجاوز 280 شخصا فيصبح كل مسؤول في تلك الشركات يوجه إذا جاز الكلام حوالي 900 ألف مواطن أمريكي فيا يقرأه ويفكر به. وبما أن الشركات المالكة لوسائل الإعلام مؤسسات خدماتية ومالية، وبالتالي قريبة جدا من اللوبي الصهيوني بسبب هيمنة المسؤولين فيها من الصهاينة، وبما أن الشركات الصناعية التي تملك أو ملكت وسيلة إعلامية كشركة "وستنغهاوس" التي تملك "سي بي اس" أو كشركة "جنرال الكتريك" التي كانت تملك شبكة "ن بي سي" حتى عام 2013 حيث حلت مكانها شركة "كومكاست"، فيصبح التحالف الإعلامي بين المؤسسة المالية والمجمع العسكري الصناعي واللوبي الصهيوني هو من يقرر ماذا يجب أن يعرف المواطن الأمريكي وبماذا يجب أن يفكر. الهيمنة المطلقة في الثالث من شهر أكتوبر من العام 2001، عندما كان أرئيل شارون، رئيسا للوزراء في إسرائيل، عقد المجلس الوزاري الأمني المُصغر اجتماعا لتدارس الدعوة الأمريكية لإسرائيل بوقف إطلاق النار في الضفة الغربية المحتلة أثناء الانتفاضة الفلسطينية. شيمعون بيريس، حذر في الجلسة عينها من أن عدم موافقة إسرائيل على الطلب من شأنه أن يعود سلبا على العلاقات الأمريكية الإسرائيلية. شارون، بحسب التقارير الإعلامية الإسرائيلية، والتي لم ينفها رئيس الوزراء آنذاك، رد على مطلب بيريس بالقول: لا تقلق بشأن الضغط الأمريكي، نحن الشعب اليهودي نسيطر على أمريكا، والأمريكيون يعرفون ذلك. وتابع شارون في الجلسة عينها: أنا أُدرك جيدا كيف أنه من المستحيل تقريبا تنفيذ السياسة الخارجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، إذا لم تتم الموافقة عليها من قبل اليهود الأمريكيين. ولفت شارون أيضا إلى أن اليهود بأمريكا يتحكمون بشكل رائع بوسائل الإعلام الأمريكية، وحتى أنهم يتحكمون بأعضاء الكونغرس، إذ أنهم لا يسمحون للكونغرس باتخاذ أي قرار ضد إسرائيل. النفوذ اليهودي، زاد شارون، يهيمن تماما على الساحة الأمريكية، واختتم قائلا إن سفارة تل أبيب في واشنطن هي التي تملي عمليا أجندتها على الكونغرس، من خلال اليهود الأثرياء جدا في أمريكا، قال شارون لبيريس. عمر نجيب [email protected]