شرعت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط (قسم جرائم الأموال) في استنطاق المتهمين الثلاثة الموظفين بإدارة السجن في ملف تداعيات رشوة قاضي بمبلغ 50 مليون من أجل التدخل لفض نزاع معروض على القضاء. وتركزت أسئلة رئاسة الهيئة القضائية حول طبيعة عمل المتابعين، الذين يوجد منهم إثنان ملحقان بوزارة العدل ومحكمة النقض، وكيفية استقبال المتقاضين، والجهة المعنية بمعالجة الشكايات، وكيفية حصول المشتكي على هاتف بعضهم، والغاية من مغادرة متابع مقر عمله للذهاب مع المشتكي لمنزل القاضي، وكذا مدى توصل هذا الأخير بمبلغ الرشوة، وظروف العثور على مبلغ 5 آلاف درهم، إضافة تمحور الحديث حول «الأمانة» التي أكد متهم أنه كان يعني بها إحضار «السَّمن» وليس مبالغ مالية. وقد نفى المتهمون واقعة تسلم أي مبالغ مالية، حيث اعتبر أحدهم أن هناك مؤامرة ضده، في حين أكد الضحية واقعة تسليم الرشوة للقاضي بمنزله، والذي زاد قائلا له: «تهَلاَّ في هذا الولد» في إشارة للشخص الذي جاء معه. وكان دفاع المتابعين قد تدخل بعد التأكد من هوية الأظناء وطالب بإبطال محاضر الشرطة القضائية وقرار الإحالة لقاضي التحقيق، وبالتالي رفع حالة الاعتقال عنهم ومحاكمتهم في حالة سراح، بالنظر لانتفاء حالة التلبس، خصوصا وأن اثنين من المتابعين كانا في عطلتهما السنوية، وانتهاك سرية الاتصالات الشخصية ضدا على مقتضيات الفصل 24 من الدستور والمادة 108 ويليها المتعلق بشروط التقاط المكالمات الهاتفية، إضافة إلى إنكار المنسوب إليهم، رغم أن ضابط شرطة قضائية نسب لمؤازر واحد كلاما لم يصرح به أثناء المواجهة. في هذا الصدد شدَّد الدفاع على ضرورة إبراز الحقيقة القضائية وتوفير شروط المحاكمة من خلال أولا إحضار الكاميرات المبثوثة في محل استقبال المتقاضين بمقر وزارة العدل للوقوف عما ما راج من حديث بين موكله والمشتكي، وثانيا استدعاء ضابط الشرطة الذي أجرى المواجهة لأنه مارس الإكراه على متهم وكان يسعى ل «جْبَدْ مَنُّو الاعتراف». كما أكدت محامية أن حالة التلبس صنعتها وزارة العدل. أما ممثل النيابة العامة فاستغرب لملتمس إبطال محاضر الشرطة القضائية وقرار الاحالة لخرقهما مقتضيات التقاط المكالمات الهاتفية، في الوقت الذي لا وجود أصلا لذلك في الملف، باستثناء ما أدلى به المشتكي، وطالب من جهة برد الدفوع لعدم جديتها، وأن هناك مساطر للطعن بالزور مع إثباته بوسائل مادية وليس مجرد تصريح متهم، ومن جهة أخرى التمس إرجاء النظر في باقي الدفوع. وقررت هيئة الحكم ضم الدفوع إلى الجوهر واسترسال في المناقشة، التي أجلت المرافعة فيها لجلسة قادمة، والتي كانت تتكون من الأساتذة: محمد كشتيل: رئيسا، وعضوين: رشيد وظيفي والجيلالي بوحبص، والعناز: ممثلا للنيابة العامة، والتاقي البشير: كاتبا للضبط.