بغض النظر عن الأغلبية والأقلية والتحالفات للظفر بتسيير مكتب مجلس مدينة الدارالبيضاء، فإن المدينة تحتاج الى برنامج عمل واقعي ومضبوط على مستوى العديد من المحاور الاساسية والضرورية مثل تحسين وتطوير الخدمات الاجتماعية لفائدة السكان (نقل، إنارة عمومية، توزيع الماء والكهرباء، النظافة، الحدائق العمومية..) وكذا تطوير وإنجاز البنيات التحتية على مستوي جميع ما يهم التنمية الحضرية للعاصمة الاقتصادية من توسيع الطرق وإعادة تأهيلها وشق طرق ومسالك جديدة وإحداث ممرات تحت أرضية... هذا علاوة على إنجاز مشاريع تنموية لفائدة المدينة وساكنتها وذلك في كل ما يهم التنمية الاقتصادية والاجتماعية سواء في إطار شراكة مع القطاع العام أو الخاص. إن جميع ماهو مطروح إنجازه على المكتب المسير لمجلس مدينة الدارالبيضاء سوف لن يكون له أي معنى إيجابي إذا لم يتم في إطار ترشيد النفقات من حيث كلفة الإنجاز ومن حيث استفادة المواطن البيضاوي من الخدمات الجماعية بثمن يناسب دخله المحدود. وللعلم، فإن المكتب المسير السابق لمجلس المدينة قام بإنجاز عدد من الخطوات على مستوى النظافة والنقل والحدائق العمومية والانارة العمومية وتوزيع الماء والكهرباء (ليديك) لكن بتكلفة عالية جدا تحتاج الى فتح تحقيق غير قضائي وإعادة التقييم والمراجعة ونورد هنا بعض الأمثلة على ذلك شركات جمع الأزبال تتقاضى سنويا مايقارب 14 مليار سنتيم على خدماتها في حين أن العمال تابعون للجماعة وغالبي المستودعات تابعة بدورها للجماعة والخدمات تظل رديئة في عدد من مناطق المدينة، اما تفويت وكالة النقل الحضري لفائدة شركة «ميدينابيس» بدون مقابل في الوقت الذي لم تقم فيه الشركة بالزيادة في أسطول الحافلات لربط عدد من مناطق المدينة مع بعضها والتعامل مع المواطنين ككائنات غير آدمية والزيادة في ثمن التذاكر رغم قيام الدولة بخفض سعر الكازوال، بل الأكثر من ذلك ضخ أموال الجماعة الى الشركة لإصلاح الحافلات بشكل خفي (وهو ما كشفت عنه وثيقة الحساب الاداري الأخير) فالنتيجة من ذلك انه لم تستفد الجماعة من أية أموال اضافية من شركة ميدينابيس» ولم تقم فيه هذه الأخيرة بإنجاز الاستثمار الضروري لشراء حافلات جديدة لمواكبة عملية تخفيف الضغط عن الخطوط والحافلات، والمواطنون يؤدون تذكرة زائدة من حيث السعر عن بعض حافلات الخواص، والجماعة تقوم بضخ أموال غير مشروعة لفائدة الشركة. أما فيما يخص توزيع الماء والكهرباء التي تتولاها شركة «لاليونيزدي زو» (ليديك) في إطار عقد التسيير المفوض فإن عدم احترام التسعيرة ونظام الاشطر عند احتساب كميات ستهلاك الماء والتطهير علاوة على وتيرة الفوترة فيما يخص فاتورة الماء التي تم التراجع عنها من فاتورة الماء كل ثلاثة أشهر الى فاتورة شهرية كل ذلك يتم في اطار خرق لمقتضيات عقد التسيير المفوض هذا دون الحديث عن عديد من الاشكاليات المرتبطة بذلك (الاستثمار بالعملة الصعبة وبرنامج الاستثمارات، مآل أموال صندوق الاشغال، مآل أموال الفوائد البنكية لمبلغ الضمانة، مآل نصيب الجماعة من الأرباح ومن النسبة المائوية لرقم معاملات ليديك كما هو منصوص عليه في العقد، البورصة، تحويل الأموال الى الخارج، مآل تقارير الافتحاص التي أدت عليها الجماعة أموالا طائلة إلخ إن جميع ذلك لم يستفد منه المواطن البيضاوي الذي أصبح يؤدي فاتورة زائدة عن اللزوم ولاتناسب دخله المحدود والجماعة لم تستفد من منجم أموالها لكي يتم توظيفه في برامج لتنمية المدينة. وسوف نكتفي بهذه الأمثلة دون الحديث عن أموال تفويت الإنارة العمومية مقابل الخدمات السيئة ، ولن نتحدث عن تفويت الحدائق العمومية لشركات خاصة في الوقت الذي يعاني فيه المواطن والمدينة من نقص وتردي للخدمات بشكل ملحوظ، كما لانتحدث عن المجازر و...و... إن القاسم المشترك في جميع ما يخص تدبير المرافق الجماعية الأساسية هو التكلفة العالية غير المبررة وعدم استفادة المواطن من الخدمات الجماعية بثمن يناسب دخله المحدود، بل تضييق الخناق عليه أحيانا مثل (صابو) شركة مواقف السيارات وما أدراك ما شركة الصابو. من جهة أخرى لم يقم المكتب المسير السابق بأي شيء يذكر فيما يخص حدائق ألعاب الأطفال المجمدة ولا ببناء مراحيض عمومية لفائدة الساكنة الآدمية وغير ذلك كثير مستوصفات صحية..و...و والجميع يعلم أنه لو لم يكن هناك برنامج التنمية الحضرية الذي أشرف عليه جلالة الملك (2007 2010) وتم تحديد غلافه المالي في 3 مليار و 250 مليون درهم والذي يهدف الى جعل العاصمة الاقتصادية وجهة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية وذلك بشراكة عدة أطراف (الداخلية، المالية، الولاية، المجالس المنتخبة..) والذي جرت وتجري مجمل الاشغال في اطار ذلك البرنامج لما كان هناك شيء يذكر في حصيلة المكتب المسير السابق لمجلس المدينة بحيث ان مجمل المحاور الكبرى للأشغال يتضمنها برنامج التنمية الحضرية (خط المترو، خطوط الحافلات الكهربائية خطوط السكك الحديدية الحضرية، إعادة تنظيم عديد من المداخل والممرات والمسالك الطرقية، حركة السير والنقل.... فبرنامج التنمية الحضرية للدار البيضاء ليس من انجاز مجلس المدينة السابق وإن كان مساهما فيه، بل هو يدل إن صح التعبير عن ملئه لفراغ وقصور في عمل مكتب مجلس المدينة السابق. وبصراحة فإن المهندسين والخبراء وجميع المصالح المعنية قاموا بدورهم في تشخيص الاشكاليات التي تخص مدينة الدارالبيضاء واقتراح الحلول والبرامج ونجد كل ذلك في وثائق التعمير وفي المخطط المديري للتهيئة الحضرية (الصادر في يوليوز 2008) علاوة على ما يتضمنه برنامج التنمية الحضرية للدار البيضاء المشار إليه آنفا. إن مدينة الدارالبيضاء، وبناء على ماسلف ، هي في حاجة الى عمل دؤوب يمكن ساكنتها من خدمات اجتماعية مازالت الى حد الساعة تنتظرها وذلك على جميع المستويات وتطوير لمجمل البنيات التحتية للمدينة علاوة على إنجاز مشاريع تنموية وترشيد لنفقات المال الجماعي العام عبر إعادة تقييم مجمل البرامج والاتفاقيات والعقود وإعادة النظر فيها بما يخدم الساكنة البيضاوية من حيث جودة الخدمات والسعر المناسب للحصول على الخدمة من طرف المواطن إن اختلاف المرجعيات والانتماءات السياسية لمختلف مستشاري مجلس المدينة الذين أفرزتهم صناديق اقتراع 12 يونيو 2009 يجعلهم أمام ضمائرهم فيها يخص البرامج التي تقدموا بها أمام ناخبيهم وهي على كل حال برامج لاتخرج عن الاطار العام للمحاور التي أشرنا اليها.