تسوق مصادر حكومية وحزبية معينة لخبر اقتراب الفرقاء الحزبيين في الحكومة من الاتفاق على التوقيع على ميثاق الأغلبية، بيد أن مصادر إعلامية تروج لأخبار صعوبة جلوس رؤساء الأحزاب المكونة للأغلبية فوق كراسي للتوقيع على هذا الميثاق. فكرة الميثاق أساسية ومهمة في تقوية الأغلبية الحكومية، وفي تنظيم العلاقات بين مكوناتها بما يضمن وضوح الرؤية في العمل، وهي تستمد مشروعيتها وقوتها من الإرادة التلقائية للفرقاء وصدقية نواياهم في العمل والاجتهاد، بمعنى أن فكرة الميثاق لا يمكن أن تكون فعالة إلا إذا كانت تلقائية للعمل في ظروف عادية. وهي تختص في توضيح معالم العمل في خطوطه العريضة. فكرة ميثاق الأغلبية في التجربة الحكومية الحالية تلبس لبوسات أخرى مختلفة. لا أحد يمكنه اليوم أن ينكر الظروف الصعبة جدا التي أنجبت هذه الأغلبية، ولا غرابة في القول إن ولادتها كانت قيصرية ليس لإخراج المولود في الموعد المحدد، بل لأن خروج المولود تجاوز فترة الحمل الطبيعية، وظل الجسد السياسي الوطني حاملا بجنين ساد الاعتقاد لوقت طويل أنه لفظ أنفاسه الأخيرة في بطن الحمل. لا أحد نسي عبارات السب والقذف التي تواجه بها فرقاء الأغلبية لفترة طويلة جدا، ولا أحد يمكنه اليوم أن يخفي قلقه الشديد من المعطيات الخطيرة التي سادت لفترة طويلة جدا قبل أن يرضخ طرف من الأطراف ويسلم بالأمر الواقع. في مثل هذه المعطيات، وفي ظل هذه الأجواء يصعب الحديث بحسن نية عن الاتفاق على ميثاق أغلبية ينظم العلاقات بين خصوم وأعداء الأمس، لأنه سيكون من الصعب التصديق أن فرقاء الأغلبية الحالية تجاوزوا مخلفات الماضي، وأنهم نجحوا في إعادة العداد إلى نقطة الصفر. إذن، لا جدال في أن الهدف من التسويق لميثاق أغلبية، إعلامي بالدرجة الأولى، ليس أقل ولا أكثر، ولن يكون له تأثير في تجويد العلاقات ما بين الفرقاء الذين يجمعهم السقف الحكومي، ولنا في تجربة سابقة في الحكومة السابقة حينما وقع رؤساء أحزاب الأغلبية ميثاقا، لكن حروب البسوس لم تتوقف بينهم. سيوقعون على الميثاق إن حدث وسينتهزونها فرصة لالتقاط صور تذكارية، وما أن يجف الحبر الذي وقع به الميثاق حتى تعود المدفعيات للقصف، إن لم يحدث ذلك قبل أن يجف ذلك الحبر. *** بقلم // عبد الله البقالي *** للتواصل مع الكاتب: [email protected]