جاء حكم محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة المصري بإسقاط الجنسية عن المصريين المتزوجين من _إسرائيليات_، ليدق من جديد جرس الإنذار تجاه قضية وصفها الكثيرون بالقنبلة الموقوتة التي تهدد المجتمع المصري. وتقول الإحصاءات إن تعداد المصريين المتزوجين من _إسرائيليات_ يتجاوز ثلاثين ألفا. ورغم كون الحكم الأول من نوعه إلا أن إثارة القضية ذاتها لم تكن على خلفية الحكم وحده، وإنما تعود إلى عدة سنوات بدأت مع توقيع الرئيس السابق أنور السادات معاهدة _كامب ديفيد_ مع الكيان الصهيوني، وتصاعدت في تسعينيات القرن الماضي، مع إصدار الحكومة المصرية قراراً عام 1994 برفع القيود الأمنية عن السفر للكيان، وكان يتعين على المصريين الراغبين في السفر الحصول على إذن مسبق من الجهات الأمنية، فيما كانت وتيرة زيارات الوفود السياحية _الإسرائيلية_ بدأت في التصاعد خاصة في مختلف مناطق سيناء. وذكرت محكمة القضاء الإداري في حيثيات حكمها أن الجنسية المصرية صفة غالية وشرف لا يدانيه شرف يترتب عليه تمتع الشخص بحقوق المواطنة والمشاركة في إدارة الشؤون العامة للوطن، وهي تستلزم الولاء العميق والتام. وتجمع آراء الخبراء على أن هجرة الشباب المصري وسفره إلى الكيان، وزواجه من _إسرائيليات_ تعود في المقام الأول إلى أسباب اقتصادية، غير أن هناك إجماعا أيضا على أن السماح لأبناء هؤلاء من _إسرائيليات_ بدخول مصر سيخلق أزمة ولاء مزدوج مع إمكان تورط هذا الجيل الجديد في أنشطة استخبارية تضر البلاد بشدة. ويؤكد الخبراء أن الأمر لا يتم بمحض الصدفة، وأن هناك مساعي مدروسة مخططا لها من جانب الكيان لخلق أجيال موالية في البلاد العربية، تكون سنداً وأداة لخدمة مصالحه وتسريع التطبيع. وسبق أن تناولت دراسات عدة أبعاد وخطورة ظاهرة زواج المصريين من _إسرائيليات_، إذ أشارت الكاتبة الصحافية هالة فؤاد في مؤلف لها بعنوان _مصريون و_إسرائيليات_.. الزواج المحرم_، إلى أن القانون _الإسرائيلي_ يسمح لأبناء هذا الزواج بالحصول على الجنسية بحكم والداتهم، فيما يحق لهم الحصول على الجنسية المصرية بحكم آبائهم، لافتة إلى الإشكاليات في حالة عودة الآباء إلى مصر والتحاق أبنائهم بالتعليم في المدارس والجامعات الحكومية، متسائلة عن الموقف من تجنيدهم في الجيش المصري وإمكان أن يلتحق هؤلاء بوظائف في المؤسسات الحكومية والمراكز السيادية والحساسة، أو مشاركتهم في الأحزاب السياسية. ويقول أستاذ العلوم السياسية جمال زهران إن _إسرائيل_ لجأت إلى هذا السلاح بعد أن رأت أن محاولاتها لتطبيع العلاقات مع الشعوب العربية باءت بالفشل، فسعت إلى إيجاد روابط أخرى لا يستطيع أحد مواجهتها، فيما تلفت فؤاد إلى سبب وصفته بالخطير من ضمن أسباب زواج المصريين ب _إسرائيليات_، وتقول إن بعض أصحاب القرى السياحية في سيناء يقدمون على ذلك لمساعدتهم على جلب أكبر عدد من السياح _الإسرائيليين_، وإن الإغراءات التي تقدمها _الإسرائيليات_ لإقناع الشباب المصري بالزواج تتنوع بين المادية والجنسية، كما أن الكثيرات منهن لا يترددن في قبول إشهار إسلامهن لمزيد من الإغراء وتسهيل الأمر. وشكل هذا الموضوع ولا يزال مجالاً للجدل في الأوساط البرلمانية والقانونية، وثارت دعوات للمطالبة بسن تشريع خاص لإسقاط الجنسية عمن يتزوج ب _إسرائيلية_، فيما طالب فريق بإسقاطها فقط عن أبناء المصريين من أمهات _إسرائيليات_ لإغلاق الطريق أمام جيل يحمل الجنسيتين معا، ودعا فريق ثالث إلى إسقاط الجنسية عن الأبناء من أم ليست من أصول فلسطينية، معتبرين أن ثمار هذا الزواج قنابل موقوتة سيحدث انفجارها ضرراً بالغاً في المجتمع المصري كله، وفيما ظل الحسم التشريعي لهذه القضية غائبا حتى الآن، جاء الحكم القضائي ليثير ترحيباً كبيراً في الشارع المصري في ظل السخط الكبير على الممارسات الصهيونية ضد الشعوب العربية بشكل عام والشعب الفلسطيني بشكل خاص.