* العلم الإلكترونية تهمتان ثقيلتان تلاحقان ساعي البريد متهم بحرق الرسائل بدل إيصالها بمدينة شيشاوة، فقد قرّر الوكيل العام للملك لدى استئنافية مراكش، مؤخرا، متابعته، في حالة اعتقال، بجنايتين تتعلقان ب"انتهاك سرية المراسلات، وإحراق وثائق رسمية"، ومحيلا إيّاه على قاضي التحقيق بالمحكمة نفسها، ملتمسا منه إجراء أبحاثه في شأن اتهامه بالتخلص من آلاف الرسائل عبر إحراقها، دون أن يقوم بما يقتضيه واجبه المهني بإيصالها إلى سكان أحياء المدينة والدواوير المحيطة بها. قاضي التحقيق، من جهته، أيّد، في ختام جلسة الاستنطاق الابتدائي، قرار النيابة العامة بمتابعة المتهم معتقلا، محرّرا أمرا مكتوبا بإيداعه سجن "لوداية"بضواحي مراكش، في انتظار انعقاد جلسة استنطاقه التفصيلي، واستكمال التحقيق في القضية. وقد جاء توقيف المتهم، مساء يوم الأحد المنصرم (30 يوليوز الماضي)، بعد أن كان عمد، ساعات قليلة قبل ذلك، إلى إحراق كمية من الرسائل داخل منزله بالحي المحمدي بشيشاوة، مستغلا غياب زوجته التي كانت في زيارة عائلية خارج المدينة، قبل أن ينتهي من ذلك ويغادر المنزل باتجاه مدينة اليوسفية لممارسة الكرة الحديدية، رياضته المفضلة، معتقدا بأن النيران قد خمدت، غير أن رماد الحريق سرعان ما تحوّل إلى ألسنة نيران أتت على بعض أفرشة المنزل وتجهيزاته، ليقوم بعض جيرانه بربط الاتصال معه هاتفيا وإخباره بالحادث، ليرجع ويجد رجال الوقاية المدينة والأمن الوطني، وهم يتأهبون لكسر باب منزله، لإطفاء الحريق ومنع انتقاله لباقي المنازل المجاورة. وبعد أن فتح لهم الباب وتمكنوا من إخماد النيران، لاحظ رجال الأمن وجود المئات من الرسائل المحترقة، غير أنه حاول إيهامهم بأن الأمر يتعلق بأرشيفه الخاص، الذي قال إنه كان يتخلص منه، بين الفترة والأخرى، عبر إضرام النار فيه. الارتباك الذي كان باديا على ساعي البريد وتصريحاته المتناقضة، دفعت بالمحققين إلى إعادة إجراء تفتيش المنزل، ليواجهوا بمفاجأة من عيار ثقيل، بعد أن عثروا على آلاف الرسائل المكدسة بخمسة أكياس، التي أكد المشتبه به بأنها رسائل خاصة بسكان الدواوير المجاورة لعاصمة الإقليم، وأخرى لسكان لم يعثر على عناوينهم، وأمام محاصرته بأسئلة الشرطة القضائية حول عدم قيامه بإيداعها مركز البريد بالمدينة، في انتظار إعادة توزيعها على أصحابها، وفق ما تقتضيه المساطر الإدارية الجاري بها العمل، لم يجد بدّا من الاعتراف بأنه كان يجلب الرسائل ليقوم بالتخلص منها عبر إحراقها، ليتقرّر وضعه رهن الحراسة النظرية لمدة يومين، قبل أن تجري له الشرطة القضائية بمدينة شيشاوة مسطرة التقديم أمام الوكيل العام للملك بمراكش.