دخلت الجزائر رسميا على خط سباق المنافسة الفعلية لميناء طنجة المتوسطي وأعلنت عن مشروع استثماري ضخم لتوسيع و هيكلة ميناء وهران غرب الجزائر لتحويله الى مركز لمعالجة ومناولة الحاويات و سفن الشحن الضخمة على مساحة إضافية تقدر ب32 هكتارا بالمياه العميقة لتأهيل الميناء المذكور على استقبال ما لا يقل عن 1,3 مليون حاوية سنويا . وكان مسؤول شركة تسيير الموانىء بالجزائر التي تتردد أنباء حول عزم الحكومة الجزائرية تفويتها لشركات خاصة خليجية و أوروبية قد صرح قبل سنتين أن الجزائر مدعوة بإلحاح لمواجهة تداعيات الطفرة النوعية التي يشهدها المغرب في مجال تجديد و إنشاء البنيات المينائية الضخمة، وأعلن عن وجود مشاورات مكثفة مع شركاء إسبانيين و خاصة على مستوى ميناء الجزيرة الخضراء للتعاون و تنسيق الجهود لمواجهة واقع المنافسة الشرسة التي يمثلها ميناء طنجة المتوسط فيما يتعلق بكفاءته و أهلية موقعه الاستراتيجي لتحقيق هيمنة و تفوق استراتيجي فيما يخص استقطاب السفن التجارية العابرة لمضيق جبل طارق. ويقتضي المخطط الاستعجالي لترقية ميناء وهران تزويده في الأشهر القليلة المقبلة ب 8 رافعات عصرية إضافة الى عتاد جديد سيمكن من تفعيل النشاط التجاري بالميناء باستثمار أولي يفوق 3 مليار دينار جزائري في محاولة لاستقطاب جزء من حركة الحاويات التي تعبر المتوسط إنطلاقا من مختلف قارات المعمور في اتجاه مضيق جبل طارق . وتعول السلطات الجزائرية على مشاريع شبكة الطرق السيارة وخاصة منها مشروع مسار الصحراء الممتد الى موريطانيا وعمق الصحراء الافريقية لجذب السفن المحملة بالبضائع الموجهة الى بلدان إفريقية و مناولة حاوياتها و قطع الطريق على الميناء المغربي للاطلاع بهذه المهمة . وكانت أول محطة للحاويات بطنجة قد افتتحت صيف 2007 بعد فترة خمس سنوات من الأشغال بتكلفة ناهزت غلاف 2 مليار أورو. وبجانب ميناء الحاويات تم بناء مرفإ للعبّارات يخدم 5 ملايين راكب و 500 ألف عربة . إضافة الى مرافئ للسلع و المواد النفطية . ويمثل ميناء طنجة المتوسط مشروعا لبنية تحتية متكاملة، بحسب تقرير صادر عن الوكالة الخاصة به. كما يهدف إلى بلوغ حركة نقل 3.5 مليون حاوية في أفق 2020، وجلب استثمارات القطاع الخاص بقيمة مليار أورو بالإضافة إلى خلق 145 ألف منصب شغل. ويرى العديد من المتتبعين الإسبان أن الطفرة النوعية التي يشهدها شمال المغرب من حيث تأهيل البنية التحتية وإقامة المشاريع التجهيزية والطرقية الضخمة يشكل انشغالا سياسيا كبيرا للإسبان ، و هو ما قد يبرر تقاربا و تعاونا بين سلطات تدبير الموانىء بالجزائر و جنوبإسبانيا للقيام بمبادرات من شأنها الحد من كافة أشكال الهيمنة الاقتصادية البحرية التي يمثلها ميناء طنجة على المدى القريب و المتوسط.