مع إطلاق أشغال توسعة القاعدة المينائية طنجة المتوسط، يكون هذا المشروع العملاق في منطقة الشمال قد جسد الطموحات الكبرى لهذه الجهة وإعطائها بعدا جديدا في المنطقة المتوسطية. وكان صاحب الجلالة الملك محمد السادس قد أعطى فعليا، خلال يونيو الماضي، الانطلاقة لهذا الورش الضخم الذي سيرفع من قدرة ميناء طنجة المتوسط إلى 8.2 مليون حاوية سنويا ليكون بذلك ضمن الموانئ العشرة الكبرى في العالم. وسيتطلب إنجاز الرصيفين الجديدين للحاويات في طنجة المتوسط الثاني ومجموع البنيات التحتية اللازمة استثمارا ضخما بقيمة 9.25 مليار درهم. وقد أسند هذا الورش، الذي سينجز على مرحلتين, بناء على عقد تسليم جاهز، لتجمع مقاولات تقوده شركة «بويغ للأشغال العمومية» بشراكة مع «بيسيكس بيمارو»و«سايبيم» و«سوماجيك». أما الرصيف الرابع للحاويات، البالغ طوله 1200 متر والممتد على60 هكتارا بطاقة استيعابيةتصل إلى2 ر2 مليون حاوية، فقد عهد بنجازه إلى فاعل وطني هو «مارسا المغرب». وبحصولها على هذه الصفقة باستثمار إجمالي يبلغ320 مليون أورو مع ترقب دخول الرصيف حيز الخدمة خلال سنة2014 ، دخلت «مارسا المغرب» منعطفا حاسما في مسيرة تطورها ودشنت ولوجها في مصاف الفاعلين الكبار في مجال الموانئ. أما الرصيف الثالث لطنجة المتوسط الثاني، الذي يبلغ طوله1600 متر ويستوعب3 ملايين حاوية، فسينطلق بناء على طلب الفاعلين الدوليين على مستوى القدرات المينائية للمنطقة. -طنجة المتوسط، رؤية استراتيجة للتنمية- في إطار رؤية استراتيجية تروم إرساء تنمية المنطقة الشمالية على أساس مؤهلات موقع جغرافي متميز, أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس في سنة2002 الانطلاقة لورش طنجة المتوسط الكبير الذي يعد مشروعا واسع النطاقيضطلع بدور القاطرة والمحفز للتنمية في المنطقة. ويعد المركب المينائي طنجة المتوسط قاعدة ذات بعد عالمي تحتضن، إضافة إلى مرفئ للمسافرين والبضائع وآخر للحاويات، مركزا تجاريا قابل للتكيف مع الطلب، وبالخصوص مناطق حرة شاسعة مخصصة لاحتضان الوحدات الصناعية الفاعلة في قطاعات واعدة . ويستهدف هذا المشروع الواسع، المتموقع استراتيجيا في مضيق جبل طارق على أبواب أوروباوفي ملتقى الطرق البحرية الكبرى، سوقا للقرب يضم600 مليون نسمة من أوروبا الغربية وإفريقيا الغربية وإفريقيا الشمالية وكذا أمريكا الشمالية. وبالنظر للنجاح الأكيد للمشروع وتوقعات نمو أنشطة الشحن البحري في هذا الموقع الجغرافي الاستراتيجي, تقرر توسيع المركب المينائي عبر إنجاز ميناء جديد للحاويات تحت إسم «طنجة المتوسط الثاني». ويتضمن «طنجة المتوسط الثاني»، الواقع على الطرف الغربي للميناء الأول، رصيفين جديدين للحاويات في المياه العميقة وكذا160 هكتارا من الأراضي وموقعين نفطيين. وسيمكن ميناءا طنجة المتوسط الأول والثاني معا من بروز مركب مينائي رائد على المستوى العالمي تبلغ طاقته الاستيعابية الإجمالية أزيد من8 ملايين حاوية. ومع انتهاء أشغال هذا المشروع العملاق، ستتمكن حوالي 8.5 حاوية و7 ملايين مسافر و3 ملايين عربة و10 ملايين طن من المحروقات من العبور سنويا في هذه المنشأة المتعددة الوسائط. منطقة صناعية شاسعة مخصصة لقطاعات واعدة تمتد خلف الميناء منشأة صناعية واسعة تمتد على آلاف الهكتارات وتتطور بالموازاة مع التنافسية اللوجيستيكية التي يحدثها مركب طنجة-المتوسط. وهنا أيضا تم الرفع من مستوى التطلعات الأولية. هكذا توسعت المنطقة الصناعية المجاورة للميناء، التي برمجت في البداية على مساحة ألف هكتار، إلى5000 هكتار للاستجابة للطلب المرتقب للفاعلين من مختلف القطاعات المهتمة بتوطين أنشطتها في هذه المنطقة الاستراتيجية التي تقدم العديد من عوامل المنافسة. وكان الحدث الأبرز في «قصة نجاح» المشروع هو الإعلان عن إقامة مصنع تابع لعملاق صناعة السيارات «رونو» على مساحة300 هكتار في المنطقة الصناعية الحرة بملوسة. ورغم انسحاب الشريك «نيسان»، بسبب الصعوبات المالية التي يواجهها هذا الفاعل الياباني، فقد قررت شركة «رونو» الإبقاء على مشروعها في طنجة بالنظر لمردوديته ولكون نتائج استثمارات من هذا الحجم تظهر على المدى الطويل، مهما كانت الظرفية. وهكذا أبقي على مشروع «رونو» بكل حجمه وأبعاده، مع تغييرات طفيفة متعلقة بالآجال والقدرة الإنتاجية لدى الانطلاق، حيث أكد الرئيس المدير العام لشركة«رونو» السيد كارلوس غوسن مؤخرا أن مصنع رونو الموجود حاليا قيد الإنشاء في طنجة سينتج أولى السيارات في يناير2012 . وقال غوسن بعد انسحاب الشريك الياباني, إنه «ليس لدي أدنى شك في أن القدرة الانتاجية لهذا المصنع ستصل إلى400 آلالف سيارة سنويا وأنه في وقت محدد ستلتحق بنا (نيسان) من جديد». وعليه فإن إنتاج هذا المصنع، سينطلق، في مرحلة أولى، بقدرة تصل إلى170 ألف عربة سنويا. وسيركب مصنع طنجة صنفين من سيارات «لوغان»، العلامة الواسعة الانتشار التابعة ل «رونو». ويرتقب رفع هذا المعدل في غضون سنتين لتحقيق هدف 400 آلاف وحدة سنويا، مما سيجعل منهذا المصنع أهم وحدة تابعة ل«رونو» في المنطقة المتوسطية. وميدانيا فقد تم الانتهاء من إنجاز ثلثي أشغال تهيئة الموقع التي انطلقت في خريف2008 . وسيشرع في تشييد البنايات (المصنع ومركز التكوين) في شتنبر2009، حسب رئيس «رونو». وفي ما يتعلق بالتشغيل، سيوفر المشروع في البداية4000 منصب شغل مباشر و24 ألف غير مباشر يرتقب إحداثها، خاصة لدى شركات التجهيز والمناولين الذين سيستقرون قرب مصنع «رونو» الكبير. من جهة أخرى، يضطلع مشروع «رونو» بدور استقطابي بالنسبة لقطاع مدعو للاستثمار بكثافة في المنطقة الصناعية بطنجة المتوسط، حيث أثار المصنع، بالنظر لقدراته الكبيرة، اهتمام العديد من الفاعلين في مجال التجهيز حققوا الريادة في هذا الميدان. وفي مارس الماضي دشن الفاعل الأمريكي في تجهيز السيارات «دلفي أوطوموتيف سيستيمز» بالمنطقة الحرة بطنجة مصنعه الثاني لإنتاج الأسلاك الكهربائية اللازمة لصناعة السيارات باستثمار يفوق300 مليون درهم. وبالاضافة إلى الشق المرتبط بالصناعة والشحن البحري، أعطى ميناء طنجة المتوسط دينامية قوية لقطاعات أخرى في منطقة طنجة التي أصبحت مرتبطة بشبكة واسعة من الطرق والطرق السيارة وخطوط السكك الحديدية والمطارات. ويأتي خط السكة الحديدية الجديد، الذي تكلف3.2مليار درهم، لاستكمال شبكة الربط بالمشروع العملاق طنجة المتوسط والمناطق الصناعية الحرة التابعة له، وهو الخط الذي بدأ استغلاله بعد تدشينه مؤخرا من قبل جلالة الملك محمد السادس.