يعرض ببلادنا حاليا فيلم أمريكي أسترالي بريطاني يحمل عنوان "الملك أرثور : أسطورة الإكسكاليبور" قام بإخراجه وشارك في كتابته وإنتاجه البريطاني غي ريتشي الذي يعود فيه من جديد إلى هذه الأسطورة الكلاسيكية المعروفة المتعلقة بالملك أرثور و أسرته وحاشيته. ينطلق الفيلم الجديد عندما كان هذا الملك صبيا بريئا قبيل اغتيال والديه على يد عمه الحقود "فورتيجيرن" (الممثل البريطاني جيد لاو) بهدف الاستيلاء على العرش، وتم إنقاذ الصبي "أرثور" من القتل و وضعه على مثن قارب صغير رحل به إلى لندن التي ترعرع فيها متسكعا مجهول الأصل. أصبح "أرثور" (الممثل البريطاني شارلي هونان) بعد ذلك شابا يتمتع بقوة جسمانية بين أقرانه، وتمكن تحت أنظار اللاعب الدولي الإنجليزي دافيد بيكام، من استخراج السيف السحري (الإكسكاليبور) الموجود داخل صخرة صلبة، وهو إنجاز خارق للعادة لم يتمكن أي أحد قبله من تحقيقه، إنجاز وجد نفسه إثره ساقطا على الأرض أمام عمه الملك المستبد والشرير "فورتيجيرن" الذي تعرف عليه بالرغم من كون "أرثور" حاول إيهامه بأنه ليس ابن أخيه بل مجرد شاب لقيط و ابن عاهرة ترعرع متسكعا في لندن و لا يعرف والده و أصله، فأمر رجاله بإعدامه أمام الملأ. كل الإجراءات و المراسيم كانت جاهزة لإعدامه بقطع رأسه، وقبيل لحظات من تنفيذ هذه العملية تمكنت الساحرة "ماج" (الممثلة الفرنسية الإسبانية أستريد بيرجيس فيسباي) من إطلاق نسر أسود وضخم قام بإنقاذ "أرثور" من الإعدام ، وبث الفوضى والهلع في عمه الملك و شعبه وجيشه مما دفع بهذا الأخير إلى إصدار أوامره بالحث عنه و الإتيان به حيا أو ميتا. فر "أرثور" و راح يحضر لعملية الانتقام من عمه لاستعادة العرش الذي كان يتقلده والده المقتول، فاستعان بالسيف السحري بعدما تمكن من التحكم فيه وبالساحرة ماج وبمجموعة من المتمردين بزعامة "بيديفير" (الممثل البينيني دجيمون هونسو)، وخاضوا معركة جهنمية حاسمة وطاحنة استعملت فيها مختلف أنواع الأسلحة القديمة من سيوف ونبال وحيوانات ضخمة مفترسة و مخيفة، وشارك و قتل فيها عدد كبير من المقاتلين قبل الوصول إلى النهاية المرغوب فيها و المتوقعة منذ البداية ، نهاية أعيدت فيها الأمور إلى نصابها بالتتويج بعد القضاء على الأشرار المستبدين. الفيلم ضخم من ناحية الإنتاج ، إذ بلغت ميزانيته ما لا يقل عن 175 مليون دولار أمريكي ، وظف فيه عدد كبير من المشاركين على مستوى التشخيص، ووظفت فيه أيضا أحدث المؤثرات الخاصة المرئية و المسموعة و خيول و ملابس وإكسسوارات كثيرة وبنايات مناسبة للفترة القديمة التي تجري فيه الأحداث، هو فيلم فنتاستيكي وتجاري يهدف أساسا إلى التسلية بواسطة الحركة و المواجهات العنيفة المأساوية وجرائم الذبح البشعة في أجواء صاخبة و فضاءات مهيبة و مبهرة . الفكرة مستهلكة بنوعها، والقصة بسيطة وعادية بمضمونها، و قد حاول المخرج أن يقدم شيئا جديدا للمشاهد على مستوى الإخراج من خلال التركيز أكثر على محاولة إبهاره بالإكثار من المؤثرات الخاصة وبالرغم من ذلك فهو كلاسيكي من ناحية الكيفية التي تسرد بها التطورات التي تتناوب فيها لحظات التوتر والاسترخاء كما هي العادة في هذا النوع من الأفلام. الفيلم فرجوي فعلا، قد يبهر المشاهد بشكله وإخراجه، ولكن تطوراته بطيئة و ممططة وسطحية تفتقر إلى التشويق والإثارة القوية، إضافة إلى كونها لا تدعو إلى التأمل و التفكير ولا تحرك عواطف المشاهد نظرا لهشاشة البناء على مستوى الأحداث والشخصيات أيضا. الأموال الكثيرة التي صرفت على إنجاز هذا الفيلم التجاري لم تنفع فيه لأنه لم يتمكن من استرجاعها بسبب الفشل التجاري الذريع الذي لقيه في القاعات السينمائية، ولم يتمكن أيضا من إرضاء النقاد، بل تعرض لانتقادات لاذعة من طرفهم نظرا لغياب الرؤية الإخراجية ولضعفه على المستوى الفني، وعدم الإقناع على مستوى السيناريو والتشخيص والكاستينغ، وقد حاول المخرج إغراء المشاهدين بتوظيف صديقه لاعب كرة القدم الإنجليزي المشهور دافيد بيكام الذي منحه دورا قصيرا في بداية الفيلم، وكان أداؤه سخيفا و غير مقنع، بل إن مشاركته أفقدت هذا العمل مصداقيته، وكما نقول بالدارجة المغربية على سبيل البسط " آ ش داه لشي سينما ". بقلم // عمر بلخمار للتواصل مع الكاتب: [email protected] فيلم الملك أرثور أسطورة الإكسكاليبور: اللاعب بيكام يفشل سينمائيا! بقلم // عمر بلخمار