مريم زدري مع إنتشار الفضائيات وكثرة الأنظمة الرقمية، أصبحت العائلات بابا مفتوحاً على العالم الذي بات يظهر كقرية صغيرة ويدخل جل البيوت، فمعظم العائلات أضحت تتهافت على برمجة المزيد من القنوات العربية والغربية على حد سواء والعمل على إدخالها ضمن نظام مثبتها الهوائي بالإعتماد على تقنيين مختصين في ذلك المجال بهدف الإطلاع على جديد القنوات بمجرد استخدام جهاز التحكم عن بعد (التيليكوموند) تلك الوسيلة التي صنعت ولازالت تصنع الحدث بين العائلات نظراً لدخول العديد من أفرادها في جدالات مستمرة حول القناة المختارة وعدم توصل جميع الأفراد إلى إجماع حول قناة معينة يتم اختيارها بموافقة الجميع. يحدث ذلك مراراً وتكراراً لدى أغلب العائلات ولو لمرة واحدة في الأسبوع إن لم نقل بصفة يومية، ولا تجزم أي عائلة بعدم تعرضها لذلك الموقف ولو لمرة واحدة فأصبحت الشغل الشاغل بين الزوج والزوجة، بين الأب والأبناء، بين الأخ والأخت... وكانت في العديد من المرات مصدراً للمناوشات والنزاعات الكلامية بين أفراد الأسرة الواحدة نظراً لعدم اتفاقهم على مشاهدة قناة معينة، وعادة ما ينتهي الأمر بإطفاء التلفاز من طرف رب الأسرة لإخماد نار الفتنة التي مست العائلة. ولرصد بعض الآراء حول الموضوع، تقربنا من بعض المواطنين تحدثنا إلى السيدة «خديجة» من الدارالبيضاء فقالت إن مشاكل (تيليكوموند) لا تنتهي ببيتها نظراً لعدم اتفاق زوجها وأبنائه على اختيار إحدى القنوات، فزوجها يفضل مشاهدة القنوات الإخبارية الناطقة بالعربية للإطلاع على آخر الأخبار خاصة منها قناتي الجزيرة والعربية، أما أبناؤها فيقع اختيارهم دائما على القنوات الغربية لمشاهدة بعض الأفلام السينمائية الشهيرة مما يجعلهم في نزاع دائم مع والدهم ينتهي عادة بتحطيم جهاز التحكم عن بعد (تيليكوموند) من طرف زوجها لإشفاء غليله بتلك الطريقة، ونظراً لعدم اكتفائهم المادي ليست لهم القدرة على شراء جهاز آخر ذلك من شأنه أن يحل النزاع الدائم والواقع باستمرار على مستوى الأسرة وذلك ما يقلقها ويجعل أفرادها في شجار دائم لأتفه الأسباب. أما (أمينة) وهي متزوجة حديثا فقالت إنها عانت مع أسرتها وأخواتها من استحواذهم على مشاهدة ما يحلو لهم في التلفزة خاصة إخوتها الذكور الذين يقع إختيارهم على القنوات الرياضية التي تمقتها هي وما إن تزوجت حتى تهيأ لها أنها سوف تتنفس الصعداء وتستقل ببيت زوجها وتصبح هي ملكة التلفاز في مملكتها الصغيرة، إلاً أنها اصطدمت بتعنت زوجها فهي في نزاع دائم معه حول التلفاز لكونه مهووساً بالقنوات الإخبارية في حين تفضل (أمينة) القنوات الشرقية وما يبث فيها من أفلام ومسلسلات مصرية وسورية وعادة ما ينتهي ما تختاره هي من برامج فهو لا يسعه اغضابها وهي في بداية حياتها الزوجية. وقد اشتكى الرجال واشتكت النساء وحاسمة الأمر الأولى والأخيرة هي أزرار (التيليكوند) فالغلبة أمامه للأقوى لاقناع الآخرين بمشاهدة قناته المفضلة.