أزيد من 200 ملف أمام القضاء بسبب مستحقات قيمة بعضها تفوق 500 ألف درهم الرباط: عبد الناصر الكواي "لن نتوانى عن اللجوء إلى كافة السبل القانونية واللجوء إلى سلطات عليا إذا اقتضى الأمر، لاسترجاع حقوق الناس الضائعة.."، بهذه الكلمات وبلهجة حازمة رد إسماعيل منقاري، مدير عام المكتب المغربي لحقوق المؤلفين على منتقدي الحملة "الساخنة" التي أطلقها المكتب خلال الفترة الأخيرة لضبط وتحصيل المستحقات المتراكمة لدى مئات المؤسسات المستغلة للمصنفات الأدبية والفنية بشكل غير مشروع، مما خلف ويخلف ردود أفعال متباينة. منقاري، الذي عين في منصبه قبل نحو نصف عام، كشف ل"العلم"، أنه وبعد استيفاء مساطر التبليغ والآجال والتمديد لتحصيل هذه المستحقات، لجأ مكتبه للقضاء في ملفات أزيد من مائتي مؤسسة كبداية، منها المقاهي والمطاعم، والفنادق ودور الضيافة، والمحلات التجارية والمعدة للخدمات، بما في ذلك الأندية والقاعات الرياضية والمهرجانات والمصحات ووسائل إعلام، ومؤسسات الاتصالات وشركات النقل.. حيث بلغ حجم ما تراكم على بعض هؤلاء ازيد من 50 مليون سنتيم في السنة. ورغم أن الإجراء شمل مجموعة كبيرة من المؤسسات، فإن أرباب المقاهي كانوا السباقين إلى رد الفعل بالتعبير عن غضبهم من التوصل من المكتب بإشعارات تلزمهم بأداء مبالغ مالية كمستحقات عن حقوق المؤلفين، والتي تتجاز في بعض الحالات 5 آلاف درهم يجب على أصحاب المقاهي أداؤها كمستحقات عن استغلال المصنفات الأدبية والفنية. ما زاد من امتعاض هؤلاء، هو مطالبة المكتب لهم باحترام آجال التسديد وإلا سيكونون أمام غرامات التأخير، وتتضمن الإشعارات الموسيقى المسموعة والتلفزيون والفلكلور وموسيقى الأفلام والمسرح والاستنساخ الآلي السمعي والاستنساخ السمعي البصري. بيدَ أن مدير المكتب لمغربي لحقوق المؤلفين، يفسر تأثر أرباب المقاهي أكثر من غيرهم بكون محلاتهم متاحة لمراقبة أعوان مكتبه المحلفين أكثر من غيرها. في هذا السياق، يشدد منقاري على أن مؤسسته تعمل وفقا للقانون، حيث يشير الظهير الشريف رقم 1.00.20 الصادر في 9 ذي القعدة بتنفيذ القانون رقم 2.00 المتعلق بحقوق المؤلفين والحقوق المجاورة كما تم تغييره وتتميمه، وبناء عليه وجه المكتب للمعنيين إعلانا يخبرهم بضرورة الحصول على ترخيص مسبق منه لاستعمال المصنفات الأدبية والفنية. وأعرب نفس المسؤول، عن استغرابه من كون مسؤولي مجموع المؤسسات المعنية يتجاهلون تماما شيئا اسمه مستحقات استعمال المؤلفات، ضاربا لذلك مثلا بمدينة سلا التي فيها أزيد من 400 مقهى لم تؤدِ أيّ منها أبدا سنتيما واحدا من هذه المستحقات. ما خلق معادلة عكسية تبين أن ما كان يستخلصه المغرب عن هذه الحقوق سنوات 1986 و1987 و1988 هو 10 أضعاف ما يستخلصه اليوم، وذلك ربما لأن المكتب كان تابعا لوزارة الداخلية وليس لوزارة الاتصال. وبين المدير، أن مكتبه مجرد وسيط مهمته استخلاص هذه الأموال التي بذمة المستغلين وتوصيلها لمستحقيها من أصحاب المصنفات الذين قدموا خدمات جليلة للوطن، وتجد فئة منهم تعاني الفقر والمرض، ما دفع الملك محمد السادس في عدد من الحالات للتدخل شخصيا للتكلف بمصاريفهم، والحال أن لهم مستحقات تُستغل بدون وجه حق، ممثلا لذلك بمؤلفي وملحني أغاني وطنية والنشيد الوطني ونحوه.. وبالأرقام دائماً كشف مصدرنا، أن الرباط وحدها كانت تستخلص أزيد من مليون درهم عن هذه الحقوق في الثمانينات ليتراجع هذا المبلغ إلى مائتي ألف درهم أو أقل الآن، موضحا أنه على مدى خمس سنوات الأخيرة، لم يكن بجهة الرباط على سبيل المثال مندوبا للمكتب، ما معناه أن الاستخلاص لم يكن يتم وهذا ضياع لحقوق الناس، يقول الأستاذ الجامعي الباحث في علم الاجتماع، وسلا لم تكن تؤدِ أي سنتيم للمؤلفين. وكشف الدكتور، أن الأطقم التابعة للمكتب التي تقوم بجرد المحلات المعنية بالأداء، كثيرا ما يطرد اعضاؤها ويشتمون ويهددون في سلامتهم وحياتهم، منوها بعملهم على قدم وساق على الأقل لتبليغ هؤلاء المعنيين، رغم أن عدد العاملين في المكتب في المجمل بمجموع مندوبياته العشر لا يتجاوز 45 شخصا، مقابل أكثر من 100 شخص بساحل العاج وأزيد من 300 بالجزائر، ما يظهر عجزا بينا لتغطية كامل التراب الوطني، فهم "مناضلو المكتب "، حسب تعبير منقاري. يذكر أن هذه الحقوق لا تسقط لا بالتقادم ولا بتغيير المُلاك، ومكاتب الملكية الفكرية يحكمها القانون الدولي الذي لا يتعارض مع القوانين الوطنية في هذا الإطار، بل قد تأتي لمرونة استعماله في السياق الوطني بالنظر لكون المصنفات المحمية عابرة للقارات، فهي ملك شخصي للناس حينما يتم استعمالها في أمكنة عمومية، حيث تتراوح قيمة ما على أصحاب هذه الأمكنة دفعه سنويا ما بين 300 إلى 2500 درهم بالنسبة للمقاهي مثلا، وذلك وفق سلم أداء بمعايير مضبوطة ومحددة دوليا. وللمكتب استراتيجية عمل تقوم حاليا على زيارة المواقع والوقوف على أشكال الاستغلال، إذ يُعطى المسؤولون عن هذه المؤسسات وثيقة تثبت أنهم يستغلون بشكل غير مشروع هذه المصنفات المحمية، بعدها يتوصلون بإشعار بالأداء يتضمن قيمة ما عليهم دفعه، ثم إن لم يتم الدفع في الوقت الذي يسمح به القانون، تتم مراسلتهم مرة أخرى بالإشعار الثاني مرفوعا من طرف المكتب بواسطة عون قضائي، فإن لم يلتزموا يتم تحويل الملف إلى القضاء. وحمّل منقاري، المصالح الولائية والعمالات ونظيراتها من المرافق، نصيبها من المسؤولية لأنها لا تطبق القانون الذي يلزم المقبلين على افتتاح هذه المؤسسات بالحصول على رخصة من المكتب المغربي لحقوق المؤلفين، موضحا أن شهر مارس المقبل سيشهد حملة تحسيسية بحقوق أصحاب المصنفات المحمية عبر وسائل الإعلام تُختتم بالاحتفال باليوم العالمي للملكية الفكرية، حيث يُحتفى بعدد من الفنانين والمبدعين. عدم استخلاص حقوق المؤلفين، يطرح مشكلا للمكتب مع جهات خارجية كذلك، وهو ما يوضحه منقاري، من خلال مثال المهرجانات وعددها 52 ببلادنا، التي ما أن تنتهي حتى تطالب الدول التي ينحدر منها الفنانون الذين تستقطبهم بحقوق المؤلفين، والحال أن المهرجانات والمسارح وغيرها من المستغلين لا تؤدي هذه الحقوق حسب محدثنا، بل إنها ترفض التحاور مع المكتب من الأصل رغم أنه الوحيد الموكل له الاستخلاص وفق القانون وليس أي وسيط آخر.