توزيعُ عناصرها وطبيعة ترسانتها يُظهران تهديدها الجدي لأمن المملكة سلا: عبد الناصر الكواي استعرض عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، صباح اليوم الأحد ترسانة الأسلحة والمواد الكيماوية والأموال التي حجزها رجال المكتب فجر الجمعة الماضي بمدينة الجديدة لدى الخلية المفككة، مؤكدا أن تسريبها تم عبر الحدود المغربية الجزائرية، باستغلال شساعة هذه الحدود وصعوبة ضبطها، وذلك في إطار « أمنيات ». وأوضح الخيام خلال ندوة بمقر المكتب بسلا، أن هذه المحجوزات تتكون من سترتبن بحزامين ناسفين، وبذل عسكرية، وعصي تيليسكوبية، وأربعة سكاكين كبيرة الحجم، وجهازين للاتصال، وسبعة مسدسات ومسدس رشاش، وكمية كبيرة من الذخيرة الحية، ومبلغ مالي مهم، ومواد كيماوية، تم عرضها أمام الصحافيين وشرح مصادرها وكيفية عملها، حيث صنعت الأسلحة بدول أوروبية كألمانيا وإيطاليا، موضحاً أن مصالح الاستخبارات تبذل مجهودات كبيرة لرصد وضبط عناصر الخلية. الخيام يؤكد أن الجزائر هي مصدر ترسانة خلية الجديدة من الأسلحة وكشف الخيام، أن العملية تمت بناء على معلومات دقيقة بعدد من المدن كمدينة بلعوان والكارة وواد أمليل، من خلال التتبع والترصد، فكان التدخل في الوقت المناسب قبل مرور الخلية الموالية لدولة الخلافة للتنفيذ. موضحا أنه في الوقت الحالي يعتقل سبعة أشخاص، فضلا عن آخرين جارِ البحث عنهم. وحول زعيم الخلية البالغ من العمر 20 سنة، قال الخيام إنه كان من الناشطين في الفايس، حيث حاول بدايةً ربط اتصالات مع قياديين في الساحة السورية العراقية، ثم اتصل بمعتنق للإسلامبالجزائر ضمن جند الخلافة، كما ربط اتصالات بقيادات في العراق، حيث يوجد 1600 مغربي ذوو مركز في دولة البغدادي، أمدوه بالوسائل اللوجيستية بتنسيق مع دولة الخلافة بليبيا. وحول مستوى الموقوفين التعليمي، بين الخيام أن أغلبهم ذوو مستوى إعدادي، وواحد مستواه السنة الثانية جامعي، ومنهم عاطلون ومياومون وفلاحون، رابطا ذلك بإيديولوجية التنظيمات الإرهابية التي تنبني على استهداف الشباب من غير المثقفين، ويمكن أشخاص من مستويات اجتماعية مختلفة، ويتم ذلك في الغالب عبر وسائل التواصل الحديثة التي يصعب ضبطها، حسب نفس المتحدث. وشدد الخيام على أن الخلية المفككة، كانت تستهدف شخصيات سياسية وعمومية، وتمثيليات ديبلوماسية، ومواقع سياحية، وفق البحث الأولي، معتبرا في جواب عما إذا كان منتجع مازاغان مستهدفا، « فإننا لن نقول ذلك ». وقال إن الإرهاب يروم إفقاد المواطنين المغاربة ثقتهم في أمنهم وخلق الفوضى وإنشاء فرع له بالمغرب. الخيام يؤكد أن الجزائر هي مصدر ترسانة خلية الجديدة من الأسلحة وفي قراءته لحيثيات العملية، اعتبر محمد أحداف، أستاذ علوم الجريمة بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، أن طبيعة الترسانة التي تم ضبطها تعكس خطورة التنظيم الإرهابي والإجرامي لهذه الخلية، التي تمتلك آليات ووسائل اتصال ولوجيستيك، تعكس القصد الإجرامي والتصميم على التهديد الجدي والخطير لأمن المملكة. وأعرب الأستاذ، عن اعتقاده أن القيام بعملية مسح ومقارنة بين كل العمليات النوعية التي أنجزها رجال المكتب المركزي، وبين تفكيك هذه الخلية يظهر أن هذه الأخير أشد خطورة رغم كون سابقاتها أيضا كانت تكتسي نوعا من الخطورة باستحضار نوعية الأسلحة ووسائل الاتصال واللوجستيك التي كانت تتوفر عليها. وقال أحداف، إن زيادة رشاش أو حزام ناسف وحدها، لا تدفع للقول إن خلية الجمعة أخطر من الخلايا السابقة، لكن خطورتها تنبع من كونها تأتي في سياق وطني دقيق، وسياق دولي واستراتيجي يترجم قصد وعزم المجتمع الدولي على التعاطي مع الظاهرة الإرهابي. وشدد الخبير، على أن التوزيع الجغرافي لأعضاء الخلية، الذي يحكمه منطق لا يدفع لإلصاق النزعة الإرهابية بمنطقة معينة بطبيعة الحال، لكن عملية استجماع أرشيق الملتحقين بداعش والجماعات المقاتلة، تبرز أنهم يتوزعون على مناطق جغرافية محددة، إذ المغزى من هذا التوزيع هو محاولة التمويه وتنويم رجال المراقبة الأمنية، ورجال الدرك والأجهزة الأمنية. وفسر نفس المحلل، كيف يميل عناصر هذه الخلايا ضمن مخططاتهم الإرهابية، إلى الاستقرار في الأرياف والقرى النائية رغبةً منهم في اتخاذ ما يلزم من الاحتياطات لتفادي عيون الأمن. وهو ما يُظهره أن جميع الخلايا التي تم تفكيكها حتى الآن، غالبا ما تستقر بقرى أو مدن صغيرة أو متوسطة التعداد والكثافة السكانية. ووضح أن استراتيجية داعش الإرهابية بسيطة في شكلها عميقة في مضمونها، وهي مبنية على أهداف أساسية ناجحة أوروبيا بدليل كثرة العمليات الإرهابية التي ارتكبت في بلجيكا وفرنسا وألمانيا، غير أنها فاشلة أمريكيا ومغربيا. فاستراتيجية داعش إعلامية بالأساس، حسب أستاذ علوم الجريمة، تعتمد على محدودية الضربات الإرهابية بعلمه بمدى نجاعة تناول وسائل الإعلام الدولية لها، ومن خلالها يحاول التنظيم العودة إلى الصفوف الأمامية بغاية استقطاب وسائل الإعلام الدولية.