أعطى جلالة الملك محمد السادس موافقته بإحداث 13 عمالة جديدة خلال شهر يناير المنصرم، حيث استبشر سكان هذه المدن بالإرتقاء بها إلى مستوى أعلى في الهرم الإداري الإقليمي وتجسيد سياسة القرب وتحقيق مبدأ تقريب الإدارة من المواطنين وإعطاء الاختيارات الكبرى لسياسة إعداد التراب الوطني مدلولها الحقيقي بهدف تأهيلا المجالات القروية والجبلية أو الرفع من قدراتها التنموية، وتعزيز دعائم ومقومات اللامركزية، وتقوية سياسة اللاتمركز الإداري لما فيه خدمة التنمية البشرية في شموليتها وبأبعادها الاقتصادية والاجتماعية وإقرار نوع من التوازن المجالي من خلال إعادة توزيع عادل لخيرات البلاد ومداخيل الدولة ومشاريعها، مادامت هذه الوحدات الترابية المحدثة تشكل أقطابا تنموية جديدة لدعم قدراتها التدبيرية كفاعل أساسي في تدبير الشأن المحلي. وإذا كان إحداث هذه الوحدات الترابية التي تتوفر على مؤهلات اقتصادية متينة ومتكاملة، ونسيج ديمغرافي متجانس ومنسجم لا يعتبر هدفا في حد ذاته، بل وسيلة حتى تكون قاطرة للتنمية المحلية المستدامة ودعامة قوية للحكامة الجيدة ورافعة أساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية في أفق القضاء على مخلفات سياسة «المغرب النافع والمغرب غير النافع»، فإن تحقيق الأهداف المتوخاة من إخراج هذه العمالات والأقاليم الى حيز الوجود يقتضي اتخاذ إجراءات مصاحبة في أفق الاستحقاقات الجماعية التي ستعرفها بلادنا يوم 12يونيو المقبل، بما في ذلك التعجيل بإخراج التقطيع الترابي على المستوى الانتخابي والجماعي حتى يتمكن الجميع من معرفة حدود كل وحدة ترابية محدثة تشرف كل عمالة أو اقليم على سير العمليات الانتخابية الجماعية المقبلة داخل دائرة نفوذها، بما في ذلك انتخاب مجالسها الاقليمية التي ستنطلق يوم فاتح يوليوز المقبل ما دامت مجالس العمالات والأقاليم تشكل جماعات محلية إلى جانب الجماعات القروية والبلدية والجهات كما ينص على ذلك الدستور. ومادامت هذه المجالس الإقليمية تعتبر آلية لتدبير الشأن الإقليمي بالنظر للصلاحيات والاختصاصات المخولة له من حيث النظر في كل مسألة ذات صبغة إدارية أو اقتصادية أو اجتماعية تهم الإقليم، بما في ذلك اعداد الميزانية السنوية، إقرار برامج التنمية والتجهيز، المداولة في مشاريع الاقتراضات والجبايات الإقليمية، وتنظيم جميع القضايا الإدارية المرتبطة بالإقليم، وغيرها من الاختصاصات التي تجعل من مجالس العمالات والاقاليم محركا أساسيا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية على المستوى الإقليمي. كما أن هذه العمالات والأقاليم المحدثة مطالبة بأن تكون ممثلة على مستوى الغرف المهنية، خاصة فيما يتعلق بالغرف الفلاحية التي حددها القانون المتعلق بالنظام الأساسي للغرف الفلاحية في 16 غرفة على مستوى كل جهة على حدة على أساس أن تكون جميع الأقاليم الواقعة في دائرة نفوذ الجهة ممثلة بعدد من الاعضاء داخل الجمعية العامة لكل غرفة فلاحية، مع العلم أن التاريخ المحدد للغرف المهنية هو يوم الجمعة 24 يوليوز 2009. وكذلك الشأن بالنسبة لتجديد ثلث مجلس المستشارين الذي ستجري الانتخابات الخاصة بأعضائه الذي سيشملهم التجديد يوم الجمعة 2 اكتوبر 2009، خاصة بالنسبة لممثلي الجماعات المحلية والغرف المهنية رغم كونها تتم على الصعيد الجهوي. وهذا يعني أن توفير الظروف الضرورية والشروط اللازمة لتمكين العمالات والأقاليم المحدثة من الشروع في القيام بالدور المنوط بها والمهام الملقاة على عاتقها قبل الانتخابات الجماعية المقبلة يبقى ضرورة ملحة حتى لا يقع تعطيل الوظائف الموكولة إلى هذه الوحدات الترابية المحدثة وتحقيق الأهداف المتوخاة من إحداثها أكثر من اللازم ويطول انتظار التجمعات السكنية المعنية وبتأخر انطلاق النهضة التنموية المنشودة من الارتقاء بهذه المراكز الحضرية إلى مستوى عمالات أو أقاليم، خاصة وأن إحداث هذه الوحدات الترابية المتوازنة والمتناسقة يأتي انسجاما مع توجيهات جلالة الملك الواردة في الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى الثالثة والثلاثين للمسيرة الخضراء بشأن وضع إطار قانوني ومؤسساتي لإصلاح شامل للإدارة الترابية انطلاقا من مقاربة تشاركية وشمولية وبناء على معايير جغرافية وسوسيولوجية بهدف تحقيق التجانس والتكامل والتضامن الكفيل بتوفير الأرضية المناسبة للتنمية المحلية المستدامة وضمان تعزيز إدارة القرب لتجاوز بعض المشاكل والمعوقات التي نتجت عن التقسيم الإداري العشوائي القائم على معيار إداري محض كما حصل بالنسبة للجماعات المجاورة لمدينة وزان والتي تم توزيعها على عمالتي سيدي قاسم وشفشاون، مما أدى إلى إبعاد الإدارة من المواطنين في مختلف الميادين التعليمية والقضائية وجميع الحاجيات اليومية للمواطنين. عندما نجد القبيلة الواحدة، نصفها تابع لإقليم والنصف الآخر لإقليم آخر.