احتضن يوم الجمعة الماضي قصر المؤتمرات ببلدية مكناس اللقاء الافتتاحي الرسمي لندوة التمرين، التي تنظمها هيئة المحامين بجهة مكناس تافيلالت. وحضر هذا اللقاء ذي الطابع المهني والحقوقي مجموعة من الفاعلين في الحقل القضائي والحقوقي والجمعوي على الصعيدين الوطني والمغاربي والأوروبي. حيث تميز الافتتاح الرسمي لندوة التمرين بتواجد شخصيات وازنة كنقباء المحامين بالجزائر وليبيا وتونس وموريتانيا وفرنسا وممثل وزير العدل مدير الشؤون المدنية بالوزارة ومسؤولين قضائيين بجهة مكناس تافيلالت ونقباء العديد من الجهات والمدن المغربية ومحاميي المنطقة. وخلال بداية هذا الافتتاح قرأ الحاضرون الفاتحة ترحما على بعض المحامين المنتسبين إلى هيئة مكناس تافيلالت والذين وافتهم المنية أخيرا، ليتناول بعد ذلك الكلمة نقيب الهيئة الأستاذ عبد الواحد الأنصاري والذي عبر عن قناعة المحامين بالهيئة بضرورة تنظيم مثل هذه اللقاءات لما تحمله من شحنة علمية تتداول مفاهيم قانونية حقوقية صرفة تؤكد على وجوب التسلح بالعلم والمعرفة فيما يؤهل المحامي ويضمن له القدرة على مواجهة تحديات ومتغيرات العولمة الكاسحة. وهو ما يبرر انكباب هيئة مكناس على التكوين والتأطير المتواصل للشباب الذي اعتبره الأستاذ الأنصاري ضمانة حقيقية لاستمرارية وتطوير الممارسة المهنية لما يجعلها مواكبة لمفاهيم العولمة. وأكد الأستاذ النقيب التزام الهيئة بنهج خطى ثابتة على درب الحق والحرية والإنصاف والعدالة بمفهومها الواسع، ووعيها بالمسؤولية الملقاة على عاتقها والتي تكبر وتزداد بكبر حجم طموحات الشباب الوافد على المهنة وكذا بكبر آمال المواطنين في إسهام ومشاركة المحامين في إقرار الحق والعدل داخل القضاء وفض النزاعات بالطرق الحبية بما يحافظ على الاستقرار في المعاملات وخلق الثقة والاستقرار في نفوس هؤلاء المواطنين. وأفاد عبد الواحد الأنصاري على أن كل هذه المسؤوليات جعلت من أعضاء الهيئة يفكرون في خلق نقاش جدي بفتح نافذة للمحامي على محيطه ويجعله فاعلا فعالا في المجال الذي يعيش فيه، حيث برمجت الهيئة موضوعين أساسيين لنقاش المحامين بصفة عامة والمتدربين بالمنطقة على وجه الخصوص تجلى الموضوع الأول في قضية التعمير والبيئة بمدينة مكناس التي عانت على امتداد عقود من انحلالات عمرانية جسيمة شوهت جماليتها وإعمارها وطالت حدائقها وثرواتها المائية مما أدى إلى تلوث نقاء وصفاء أجوائها ومحيطها. أما الموضوع الثاني فيتعلق بدور المحامين في إيجاد الوسائل البديلة لحل النزاعات، والذي يعد دورا إيجابيا فعالا يوصل الحقوق إلى أصحابها في زمن معقول، ويخفف عن القضاء ما يصل إليه من تراكم للقضايا وبطء في البت فيها. وأشار الأستاذ عبد الواحد الأنصاري في كلمته الافتتاحية إلى أن هيئة مكناس تافيلالت للمحامين ارتأت أن تجعل من الوسائل العلمية منهجا لطرق عمل كل المتمرنين حيث حفزتهم من أجل إعداد عروض في المواضيع السالفة الذكر، وهو ما تأتى للهيئة حيث قام المحامون المتمرنون بإنجاز بحوث علمية أكد الأنصاري على أنها تطمئن باستمرار مهنة المحاماة في أداء رسالتها النبيلة. وكان الافتتاح الرسمي لندوة التمرين فرصة ليعتبر من خلالها الأستاذ البشير الصيد عميد نقباء المحامين بتونس مدينة مكناس المنطقة الأولى لبروز مولود هيئة المحامين في المغرب العربي وهو حلم ومطلب عريق طالما انتظره المحامون في بلدان المغرب العربي الخمسة. وأكد البشير الصيد في كلمة ألقاها باسم عمداء المحامين بالمغرب العربي، أن المرحلة تستدعي التلاحم وتضافر الجهود من أجل إخراج مشروع هذه الهيئة إلى النور، والتي ستسهر على تحسين أوضاع المحامين ماديا وأدبيا. ودعا عميد المحامين بتونس إلى تحديد رؤية وبرنامج للولوج إلى المنظمات الدولية وإبراز قضايا أوطان وربوع المغرب العربي. كما أشار إلى أنه من الواجب أن يفتح نقاش حول مسألة الدفاع عن الدفاع الذي بدأ يواجه مخاطر التضييق على هامش الحريات ويبارز مشاكل خطيرة في مجملها كمسألة عدم استقلالية القضاء كسلطة ينبغي لها أن تأخذ مقاليدها من قوة القانون وأن لا تتلقى التعليمات من أي جهة كانت. وعمل المنظمون لهذا اللقاء على تقديم كافة المحامين المتمرنين بجهة مكناس تافيلالت والذين يعدون بالعشرات ويعملون بالمحاكم الابتدائية للجهة. كما لم تدع هيئة مكناس الفرصة تفوت دون الأشادة بالجهود التي بذلها مجموعة من قيدومي مهنة المحاماة بالمنطقة وعملوا على تكريمهم. ومن بين المكرمين في هذه المناسبة النقيب محمد برادة والنقيب محمد باحجي والأستاذ المختار مصمودي والأستاذ محمد الأنصاري. وقد تم تقديم شواهد تكريم لهؤلاء الرموز وتذكارات أراد من خلالها أعضاء الهيئة أن يثنوا على المجهودات التي بذلها المكرمون من أجل حفظ كرامة المهنة والسهر على إقرار العدل والحق والدفاع النزيه عن المظلومين. وتضمن اللقاء محاكمة رمزية تولى تجسيدها مجموعة من المحامين المتمرنين حول موضوع «البيئة والتعمير بمدينة مكناس» والتي أبرز خلالها المترافعون أهم المخاطر التي باتت تهدد بيئة وعمران مكناس، كما عملوا من خلال هذا الأسلوب الحديث على التحسيس بما آلت إليه العاصمة الاسماعيلية والبحث عن الحلول والوسائل البديلة لإنقاذها. ودعوا إلى تضافر جهود كل المعنيين بمسألة الشأن المحلي من أجل رد الاعتبار لمكناس. وفي ختام اللقاء وزعت هيئة مكناس للمحامين جوائز تحفيزية على الفائزين في مسابقة كانت قد أعلنت عنها الهيئة وهي عبارة عن بحث في موضوع «دور المحامي في الوسائل البديلة لحل النزاعات». وقد فاز بهذه الجوائز تباعا الأساتذة المحامون المتمرنون أحمد أنور الناجي والملياني خالد ومريم جمال الادريسي.