أنس بنغموش / رشيد الدويبي يواصل العبث ألاعيبه بمدينة سلا في مساعي مفضوحة لتحويل الانتباه عن عمق التردي وهزالة النتائج التي يقود إليها سوء التدبير وضعف التسيير في مجلس المدينة، بعد أن تخلت عن الرئيس أغلبيته التي كابدت الأمرَّين طيلة المدة الانتدابية، واضطرت في كثيرمن الأحيان أن تصطف مع المعارضة في التصدي إلى أسلوب الارتجال والعبث والفردانية والتجاوزات.. مما يعرض مصالح المدينة وسكانها للضياع، وينذر بأوخم النتائج على بنياتها ومؤهلاتها لتعطيل إمكانيات التنمية، وشغل المجلس بالتفاهات والمناورات التي ابتعدت به عن مسايرة الأوراش الكبرى المفتوحة ورهاناتها وفي مقدمتها برامج تهيئة ضفتي أبي رقراق والتأهيل الحضري وإنقاذ المدينة العتيقة والتنمية البشرية وحل مشاكل التعمير والسكن وتحفيز الاستثمار. لقد وقف تقرير المجلس الجهوي للحسابات بشكل واضح على كل هذه الاختلالات، وأعلن بدقة النسب الهزيلة في إنجاز البرامج: * مثل برنامج تأهيل المدينة (2009/2005) الذي لم تبلغ نسبة تحقيق أهدافه في سنته الأخيرة سوى 33% بالنسبة للطرق والمدارات، و2.7% لمرافق القرب و2.99% للمشاريع المدرة للدخل و8.11% لتلجهيزات الجماعية. * ومثل غلاف الاعتمادات المنقولة في ميزانية التجهيز لسنة 2008 التي ناهزت 62 مليار سنتيم، وكأن هذه المدينة الغارقة في المشاكل والاحتياجات مكتفية وغنية عن هذه الإمكانيات. * ومثل وضعية التعمير حيث أن جل التصاميم التهيئة قد انتهت صلاحياتها، وأن مقرر اقتناء الأراضي المخصصة لتجهيزات لم يطرح للمصادقة إلا شهرا فقط قبل أجل انتهاء الصلاحية المشار إليها. * ومثل التماطل المكشوف في بناء المقرات لمجالس المقاطعات، التي يثقل كراؤها كاهل المدينة منذ سنوات. * ومثل التهاون في تدبير القبلي لبعض المنازعات في مواجهة الجماعة مما يستنزف إمكانياتها بصدور أحكام قضائية في مواجهتها ذات عبء مالي كبير كما هو الشأن في مشروع تابريكت الوسطى الذي ستكون الجماعة ملزمة بأداء 45 مليون درهم للمقاول بعد صدور الحكم بدل من 12 مليون درهم المتنازع حولها. * ومثل الإصرار على إقبار القانون الإطار الخاص بالتوظيفات، والسعي إلى استعمال التوظيف في إطار حملة انتخابية في الوقت الذي ينبغي استثمار مكسب التدبير المفوض لعدد من المرافق لمراجعة خريطة الموارد البشرية ولتطعيم الجماعة بما تحتاجه حقا من أطر في الهندسة والمعلوميات لعصرنة الإدارة المحلية. * ومثل ضخ 20 مليار سنتيم ليلة الانتخابات في إطار برنامج تأهيل المدينة لصرفها على أشغال التزفيت والطرقات علما بأن الجماعة ليس لديها ما يكفي من الأطر لتتبع الإنجاز في ظرف شهرين، مما يندر بأشغال مرتجلة ليست فيها أي ضمانات لاحترام المواصفات التقنية الضرورية. تلك مجرد أمثلة ناطقة بتغليب الهواجس الانتخابية في التعاطي مع قضايا المواطنين والمدينة؛ كما تأكد ذلك خلال انتخابات 7 شتنبر وبمناسبة الميزانية السنوية وكما تدل على ذلك المؤشرات الحالية ونحن على بعد شهرين من الانتخابات الجماعية ل 12 يونيو. إن عمدة سلا في مأزق حقيقي، فأغلبيته التي طالما تجرعت بمرارة أساليبه ووسائل تجييشه للمستشارين من أجل تمرير حسابه الإداري، تقف اليوم صفا واحدا مع المعارضة التي نددت دائما بهذه الوضعية، وليس آخرها البيان القوي الصادر في السنة الماضية (فبراير 2008) عن المستشارين الاستقلاليين بمجلس مدينة سلا، الذين نبهوا إلى ضرورة اعتبار أزمة المجلس ذات عمق يتجاوز تعثر الدورات الذي ما هو إلا مظهر من مظاهر التخبط والارتجال، حيث لاتوجد أي مؤشرات لإنجاز مكاسب تنموية أو تفعيل إيجابي لمفهوم وحدة المدينة، مما يستدعي مساءلة الرئيس عن حصيلة التسيير ومقارنة الاعتمادات مع المنجزات الهزيلة والتنديد بسوء تدبير مجمل الملفات وتسجيل غياب نظرة شمولية للنهوض بالمدينة والخروج بمشروع التأهيل الحضاري عن سكته الصحيحة والتزاماته الموقعة أمام جلالة الملك والتي لم ير مجملها النور. لقد أكد المستشارون الاستقلاليون من صف المعارضة وكذا بالحوار الموضوعي مع مكونات الأغلبية المشاركة في التسيير، على حسن النية في عدد من القضايا من خلال تقديم مقترحات بدون جدوى وبدل المساعي مع أطراف الأغلبية لتحسين الأداء داخل المجلس والتفعيل الأمثل لأشغال اللجن ولاسيما اللجنة المالية لتقديم ميزانية أفضل. ولكن كل هذه المساعي لم تجد أي آذان صاغية لدى الرئاسة، الأمر الذي أدى إلى الباب المسدود وإلى الحصيلة السلبية المعروفة لدى الجميع لدرجة أن الحساب الإداري اليوم مرفوض من الأغلبية ذاتها. ولن ينفع العمدة وكل الذين يلفون لفه كل ألاعيب التشكيك ومحاولات إرباك الموقف الحازم والصارم المعارض والرافض لأسلوبه في التدبير ولذلك تتجدد الآن مناشدة كل مكونات المجلس والمهتمين من الفعاليات الجمعوية والنخبة المحلية لوقف العبث بمصالح المدينة والمواطنين، وهي دعوة مفتوحة ومن الآن للتصدي لكل ما يمس مصالح المدينة وساكنتها من ممارسات وأساليب منافية لروح الديموقراطية المحلية ومبادئها من أجل وضع حد لما يعيشه مجلس مدينة سلا من أزمة حقيقية وتجنيبه الوقوع في كارثة مماثلة في الاستحقاق القادم. ويبدو أن جبهة عريضة متراصة من كل الطيف السياسي بالمدينة ستجعل ضمن أولويات معركتها في الانتخابات الجماعية القادمة، تخليص مدينة سلا من هذا الواقع الذي تسلط عليها على مدار السنوات الست الماضية.