مع الناس: "لتذهب إستقلالية القرار الحزبي إلى الجحيم"! بقلم // عادل بن حمزة عنوان عمود اليوم يختصر الوضعية العامة بالبلاد، وهو خلاصة افتتاحية يومية مغربية لأول أمس الإثنين، السؤال هو كيف يصدر مثل هذا الأمر عن جزء من الإعلام المفروض فيه أن ينتصر لإستقلالية القرار السياسي للأحزاب، و أن ينظر إلى هذا الأمر من زاوية تطور الحياة السياسية وبناء الدولة الديمقراطية، و أنه لا ديمقراطية بدون أحزاب، ولا أحزاب حقيقية بدون إستقلالية فيما يخص قرارها الحزبي. لم يقتصر الأمر أول أمس على مهاجمة إستقلالية القرار الحزبي، بل تجاوز الأمر ذلك لمهاجمة الحكومة السياسية، حيث طالب البعض بحكومة لرجال الأعمال…هكذا بدون مقدمات، و أساسا بدون خجل، لكننا على الأقل إكتشفنا أن جزءا من الخطاب المقاوم للاصلاح السياسي، غير البندقية من كتف التقنوقراط إلى كتف رجال الأعمال، حيث أن هؤلاء قادرون إلى حين إلى "تعبئة" أقلام لكي تجيش في إتجاه مصالحها، وهو أمر على كل حال يثير كثيرا من الشفقة على من يقبلون بإستئجار أقلامهم وجرائدهم و مواقعهم لمن يقدر على الدفع أكثر. في كثير من الأحيان يكون العمل في الصحافة مرهقا ومتعبا ولذلك ولأسباب أخرى سميت بمهنة المتاعب.. لكن رغم ذلك فإن المهنية تقتضي تقديم منتوج يحترم القارئ الذي يؤدي من ماله لكي يحظى ليس بالخبر فقط، بل أولا بإحترام ذكائه. أول أمس نشرت جربدة "الصباح" على صدر صفحتها الأولى مادة تحت عنوان " حل وسط لإنهاء الأزمة الحكومية..اقتراح يقضي بوجود وزراء استقلاليين دون الأمين العام للحزب"، وهي مادة توضح المسافة بين "المهنة" (التي يختارها البعض كمجرد "طرف د الخبز") وبين المهنية…فبغض النظر عن صحة المصادر التي اعتمدها صاحب المادة، من عدمها (لأن "التلفيقية" أصبحت مدرسة قائمة الذات في عدد من غرف التحرير ببلادنا)، فإن عبارة: (وفي الإتجاه نفسه ذهبت قيادة الإستقلال…) التي حاول فيها "الصحفي" الربط بين ما تحدثت عنه "مصادره" بخصوص إستبعاد الأمين العام للحزب من الحكومة المقبلة، و بين قيادة حزب الاستقلال، حيث يتضح للقارئ أن الجزء الثاني من المادة، لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد لا بالجزء الأول منها، ولا بالعنوان المثير… في صدر الصفحة الأولى للصحيفة، و إنما تم إقحامه فقط لتحقيق عدد الكلمات اليومية التي يطلبها بعض رؤساء التحرير…لأن الجزء الثاني ببساطة كان عبارة عن تلخيص للندوة التي نظمها المركز العام لحزب الاستقلال نهاية الأسبوع الماضي في موضوع "بناء الدولة الديمقراطية، إستكمال لمهام التحرير الوطني"، والنتيجة كانت مادة من المخجل أن تنشر على صدر صحيفة لها مكانتها رغم كل الملاحظات على خطها التحريري في الشهور الأخيرة. هذا الواقع لا يسيء للصحافة أو للسياسة في بلادنا، بل يسيء لمعنى الصحافة والسياسة معا، و هذا أمر ينطوي على مخاطر ممتدة في المستقبل..لا تنتبه في زحمة الولاءات الطارئة، للطريق الطويل والمتعب الذي قطعته بلادنا، لتصل إلى ما وصلت إليه اليوم. السلطة الرابعة، كأي سلطة قابلة لأن تكون فاسدة وشمولية ومطلقة…، وطبيعي أن تكون في قلب رهانات الأطراف المختلفة، لكنها في لحظات المواجهة حول القضايا المبدئية، فإنها وجوبا يجب أن تنتصر للقيم التي بدونها لا يمكن الحديث لا عن الصحافة، ولا عن الأحزاب، ولا عن السياسة و لا عن الديمقراطية…وهي "اللاءات" التي لا يمكن توقعها سوى في البلدان الشمولية التي كما تعرف بسياسييها، فإنها و بالأساس؛تعرف بصحفييها ومثقفيها الذين يقفون في الطليعة للدفاع عن الديمقراطية ويستحقون لذلك كل الشرف. د. عادل بنحمزة للتواصل مع الكاتب: