قد يبدو غريبا التطرق لهذا الموضوع الذي اخترت الحديث عنه وإن في سياق كلماته وجمله يميل إلى وضع تساؤلات أكثر من محاولة التعمق فيه لأني أرى ترك ذلك لذوي الاختصاص في علم الاجتماع الذين تنصب دراساتهم على مختلف الظواهر التي تعاني منها أنماط البشر ببقاع العالم. تساؤلاتي التي تثير فضولي كمواطن مغربي تضعني في حيرة كغيري من أغلب المغاربة المهمومين بما يجري ونلمسه جميعاً من تنامي ظاهرة لأخرى دون الوقوف على حقيقة الأمور للعمل على التغيير المفترض للإقلاع عن هذا السلوك أو ذاك. وحتى لا أطيل الكلام فسؤالي ضمن ما يروج بخلدي مرتبط أساسا بمدى اهتمام عباد الله المغاربة بما هو موجود على الساحة من ثقافة وفن ورياضة وسياسة ونحن بدون مغالاة شعب لا يقرأ الصحف ومعدل قراءتها لا يتعدى 13 نسخة لكل ألف مواطن. كما أن قراءة الكتب نسبتها أضعف مما ساهم في قلة إصداراتها بشكل مريب، وما دون القراءة فمسارحنا إن ما تبقى منها بات الاقبال عليها محدوداً، وندواتنا الفكرية والثقافية أصبحت حكراً على منظميها وأقاربهم وأصدقائهم، وملاعبنا الرياضية التي كانت تعج بعشرات الآلاف من المتفرجين عرفت هي الأخرى عزوفا مهولاً أزم الوضعية المادية لأنديتنا، أما خطاباتنا السياسية فنصيبها، من الهروب ظاهرة عدم الاكتراث كرد فعل لعملية تيئيس سابقة حبكت خيوطها لفقد الثقة عند المواطن في الخطاب السياسي والتي تحتاج اأي الثقةب لوقت طويل لإعادتها للنفوس والعقول. قد يذهب البعض إلى أن تفشي هذه الظاهرة المتمثلة في أنواع هذه العزوفات مردها للمعاناة اليومية للمواطنين ومعركتهم المتواصلة مع متطلبات الحياة وارتفاع كلفتها بمختلف المجالات، وهذا الطرح قد يكون الأقرب إلى الحقيقة والابتعاد عن (صداع الرأس) كما يقول المثل الشعبي باللجوء إلى جلسة بالمقهى واحتساء قهوة سوداء وقراءة مختلف الجرائد بالمجان، وصب الاهتمام بها على كل ما يتعلق بالجريمة والجنس. مابقي لي في الأخير غير حتمية مراجعة ذواتنا، فلاشعوب قوية واعية بدون ثقافات تتنوع مشاربها، أما العزوف عنها فهو هروب من المواجهة القادرة على التغيير المنشود الذي تفصلنا عنه مسافة طويلة.