تطوان : يوسف خليل السباعي لم تكن رغبتها سوى في تحقيق حلمها بالهجرة إلى إسبانيا، بأية وسيلة من الوسائل، للهروب من الواقع المزري والبئيس الذي تعيشه. ولم تجد السبيل إلى ذلك، حيث أن وضعيتها لم تكن تسمح لها بالحصول على مبلغ مالي يستجيب لإشباع شهية من سيهجرها. وفي يوم من الأيام سيتحقق لها ما ترغب فيه، حيث ستتعرف بالصدفة على شاب عاد في إحدى المناسبات إلى تطوان لزيارة أسرته، وبدأت تخرج معه ويقضيان لحظات وساعات من الاستمتاع بأوقاتهما إلى أن ترسخت العلاقة بين الطرفين،حيث اعتقد الشاب أنها هي المرأة التي كان يحلم بها دوما ليتمم بها حياته ويرزقان معا بأطفال يملآن عليهما حياتهما، فأحبها بقوة إلى حد أنه كان يختلف مع أي واحد من أسرته في الاعتراض على العلاقة بين الطرفين. وكانت الفتاة التي تبلغ من العمر 20 سنة تتظاهر بأنها تحبه متكتمة عن هاجسها في الهجرة إلى إسبانيا، حيث لم تعد تفكر سوى في مدينة «إبيسا» الاسبانية، والتي كانت تسمع عنها فقط، متخيلة في كل لحظة أنها مرتمية في أحضانها، وليس في أحضان حبيبها، الذي كانت تعتبره جسر عبور لتحقيق مآربها، وبما أنها تهوى التمثيل فقد كانت تلعب أدوارا مختلفة توهم من خلالها الشاب أنها غارقة في حبه، وأنها مستعدة للتضحية بعمرها من أجله لتكون معه على الدوام. ومع اشتداد العلاقة بين الاثنين إلى حد لايوصف فكر الشاب في خطبتها من أهلها، وتم لهما ماكان يرغبان فيه، ثم سافر لوحده إلى إسبانيا، لكنها لم تهدأ وبدأت تنتظر، وملت الانتظار، رغم تواصلهما هاتفيا، غيرأن ذلك لم يكن كافيا، وبدأت تطالبه بالحضور للإسراع بعقد القران، وكان لها ما أرادت، وأقيم الزفاف، واحتفل الجميع، ثم حملا متاعهما وسافرا إلى «إبيسا» المدينة الإسبانية التي كانت تحلم بها. كانت حياتهما عادية هناك، هو منهمك في العمل خارج البيت، وهي في البيت تقضي وقتها في مشاهدة التلفزيون والتحدث في الهاتف من وقت لآخر، وفي أحد الأيام عند عودته من العمل صادفها تتكلم في هاتفها النقال مع شخص غريب، حيث أحس منذ الوهلة الأولى أن مخاطبها ليس أحد أفراد أسرتها، ما دفعه لانتزاع الهاتف من يدها، حيث اكتشف رقما غريبا فاتصل به للتو ورد عليه الشخص الذي كانت تتكلم معه زوجته،كما اتضح له أن مكالمتهما ليست بريئة، ما اعتبره خيانة له من طرف أقرب الناس إليه، وعند استفسارها عن الأمر. ردت عليه بقولها له إن الأمر لايهمك «ماشي شغلك»، فنشب خلاف بين الطرفين نجم عنه خروج الزوجة من البيت لاجئة إلى أقرب مركز للشرطة متهمة زوجها بأنه يتعاطى المخدرات القوية وانه اعتدى عليها، الأمر الذي دفع عناصر الشرطة إلى إيقافه، والاستماع إليه، حيث أنكر مانسبته إليه زوجته من اتهام لاعلاقة له بما جرى بينهما من خلاف أسري. ولم يكن من أمر سوى أن نصب محاميا للدفاع عنه في قضية التهمة التي هو بريء منها، وبعد التحريات وإجراء خبرة طبية على الزوج ثبت أنه لم يكن يتعاطى أي نوع من المخدرات، وأن زوجته قد لفقت له تهمة هو بريء منها. وبعد رجوعه إلى المغرب، وتحديدا إلى مدينته تطوان، شرع في التفكير في تطليقها، وبإرادة قوية، رغم أنه أحبها بصدق ذات يوم، فقدم دعوى طلاق في حقها، وتم له ما أراد بتطليقها غيابيا. وبقيت الفتاة التي كانت تحلم بالهجرة إلى إسبانيا تائهة في دروبها وأزقتها وشوارعها بعدما غادرت بيتها هناك إلى أن تعرفت على أحد الشبان في مكان ما هناك في أبيسا علمها تعاطي المخدرات وشرع في استغلالها أبشع استغلال، ما جعلها تسقط في براثين فساد هذا الشاب وتتذوق مرارة الحياة، فيما خرج الزوج من هذه التجربة التي مر بها بسلام ممتلئا قلبه بالأمل في حياة جديدة.