الرباط: عبد الفتاح الصادقي يواجه المغرب تحديا كبيراً على المستوى الطاقي، حيث يلبي حاجياته الطاقية باستيراد حوالي 97%، وتجعل تبعية المغرب شبه المطلقة للخارج، يتأثر بالتقلبات المتواترة للأسواق العالمية وعدم استقرار الأسعار. وقد أكدت أمينة بنخضراء وزيرة الطاقة والمعادن والماء والبيئة، في استعراضها لمضامين الاستراتيجية الطاقية الجديدة للمغرب، خلال المناظرة الوطنية الأول للطاقة المنعقدة يوم الجمعة 6 مارس 2009، أن سنة 2008 شهدت ارتفاعاً صاروخيا في أسعار البترول الذي يمثل 61% من استهلاك الطاقة الأولية ، مشيرة إلى أن الفاتورة الطاقية الوطنية ارتفعت إلى حوالي 71 مليار درهم، وهو ما اضطرت معه الدولة إلى تخصيص 23 مليار درهم لدعم المواد النفطية من أجل الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين والحفاظ على تنافسية الاقتصاد الوطني، وهو ما يمثل اقتطاعا من الثروة الوطنية المحدثة، ويظهر من المعطيات المتوفرة أن هذه الفاتورة تضاعفت أكثر من ثلاث مرات بالمقارنة مع سنة 2003 حيث كانت في حدود 21 مليار درهم. وذكرت الوزيرة أن الطلب على الطاقة الأولية عرف خلال العشرية الأخيرة نمواً بنسبة 5% سنويا ناتجة بالأساس عن ارتفاع استهلاك الكهرباء خلال الخمس سنوات الأخيرة بوتيرة 8% في السنة نتيجة برامج تعميم الكهربة القروية والدينامية الاقتصادية التي تعرفها بلادنا، مبرزة أن المغرب سيعرف خلال السنوات القادمة قفزة نوعية في نموه الاقتصادي والاجتماعي مع إنجاز الأوراش الكبرى المبرمجة وتوقعت الوزيرة اعتمادا على السيناريو المرجعي المرتبط بالتطور غير المسبوق للاقتصاد الوطني، مضاعفة الطلب الطاقي الأولى والاستهلاك الكهربائي أربع مرات، حيث سينتقل على التوالي من 15 مليون طن مقابل بترول و 24 جيكاواط /ساعة في سنة 2008 إلى حوالي 43 مليون طن مقابل بترول و 95 ميكاواط/ساعة في أفق سنة 2030، مع قدرة كهربائية منشأة تعادل 12 ألف ميكاواط، واعتماد السيناريو العالي من المنتظر أن يرتفع الطلب الكهربائي إلى 133 جيكاواط/ ساعة في أفق سنة 2030 مع قدرة منشأة تصل إلى حوالي 20 ألف ميكاواط.. وأوضح ابن خضراء أن الاستهلاك الوطني للكهرباء سيتضاعف 4 مرات على الأقل و 6 مرات على الأكثر مابين 2007 و 2030، كما أن القدرة الكهربائية المنشأة ستتضاعف ثلاث مرات. وباعتبار وزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة الفاعل المسؤول عن التنمية الطاقية في المغرب فقد حددت مجموعة من الأهداف التي تهم تأمين التزويد وتوفير الطاقة، وتعميم الولوج إلى الطاقة بأثمنة تنافسية، والتحكم في الطلب، وامتلاك التكنولوجيات المتطورة وانعاش الخبرة، والمحافظة على البيئة. وأبرزت الوزيرة أنه من أجل تحقيق هذه الأهداف عمل قطاع الطاقة بتشاور مع جميع المتدخلين على بلورة استراتيجية جديدة تعتمد على ستة مرتكزات أساسية تهم تشكيل باقة كهربائية مثلى تأخذ بعين الاعتبار خيارات تكنولوجية موثوقة وتنافسية، وتطوير حصة الطاقات المتجددة التي تصل نسبة مساهمتها في الميزان الطاقي إلى 10% وفي الميزان الكهربائي إلى 18 % في أفق 2012، واعتماد النجاعة الطاقية كأولوية وطنية، وتعبئة الموارد الوطنية، والاندماج في المنظومة الطاقية الجهوية، وخلق توازن بين الإنتاج الوطني والواردات. وأوضحت أمينة ابن خضراء ان هذه الاستراتيجية تم تفصيلها عن شكل مخططات وبرامج على المدى القريب والمتوسط والبعيد، فعلى المدى القريب تم اعتماد المخطط الوطني للتدابير ذات الأولوية لملاءمة العرض والطلب على الكهرباء خلال الفترة من 2008 إلى 2012، وعلى المدى المتوسط يتم التوجه نحو استعمال الفحم المصدر والغاز الطبيعي المسيل، حيث سيتم تشغيل وحدتين بكل من الجرف الأصفر بقدرة 700 ميكاواط وأسصفي بقدرة 1320 ميكاواط مابين 2012 و 2014، وكذا تطوير الطاقة الريحية، وانعاش مصادر التصدير وتقوية الربط الكهربائي، وعلى المستوى البعيد تمت بلورة برامج متفاعلة تهم تنمية التكنولوجيا النووية بانطلاق دراسات لانجاز محطة نووية في أفق سنة 2025، وتطوير واستغلال الصخور النفطية، واعتماد اليقظة الاستراتيجية لمشاريع استعمال الطاقة الشمسية، واستكشاف واستغلال الطحالب والنباتات الزيتية الأخرى، وإنتاج الكهرباء بواسطة النقابات العضوية. وأكدت الوزيرة أن المغرب سيواصل مجهوداته من أجل تقليص تبعيته للبترول، عبر تكثيف أشغال التنقيب عن الهيدروكاربورات مع شركائه باستعمال تقنيات أكثر تطورا من أجل الوصول إلى اكتشافات في مستوى المجهودات المبذولة والآمال المعقودة، وتوقعت انخفاض حصة المواد البترولية في الميدان الطاقي الوطني عبر مجموعة من التدابير من 61% حاليا إلى 44% سنة 2020 و 38% سنة 2030، إضافة إلى تحقيق اقتصاد في الطاقة بنسبة 12% في أفق سنة 2020.