"مستشارو UMT" يقاطعون السكوري    الحكومة: نتائج التسوية الطوعية للوضعية الجبائية تعكس ثقة المواطنين في الإدارة الضريبية    عملية التسوية الطوعية للوضعية الجبائية مكنت من التصريح بأزيد من 127 مليار درهم (بايتاس)    إسرائيل تتجاوز 46 ألف قتيل بغزة    الجموع العامة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والعصب الوطنية في 13 مارس المقبل (بلاغ للجامعة)    أمن ولاية فاس…توقيف شخص ذوي السوابق القضائية للاشتباه في تورطه في قضية تتعلق بحيازة السلاح الابيض و تعريض حياة المواطنين للخطر    طرامواي الرباط-سلا.. توقف مؤقت للخدمة بين محطتي "قنطرة الحسن الثاني" و"ساحة 16 نونبر"    الحكومة تؤجل تدارس مشروع قانون إحداث وتنظيم مؤسسة الأعمال الاجتماعية لموظفي إدارة السجون    تحليل: تصاعد التوتر بين المغرب وأوروبا يفتح الباب أمام نفوذ روسيا والصين    انتخاب جوزيف عون رئيسا للبنان    بريطانيا تحذر مواطنيها من السفر إلى الجزائر وتصف المغرب ب"الوجهة الآمنة"    تعيينات جديدة في مناصب عليا بوزارات التعليم العالي وإعداد التراب والاستثمار    جلسة عمومية مشتركة للبرلمان لتقديم عرض أعمال المجلس الأعلى للحسابات    رقم قياسي.. 17.4 مليون سائح زاروا المغرب خلال 2024    وفاة الفنان محمد بن عبد السلام    الموسيقار المغربي محمد بن عبد السلام في ذمة الله    أما زال للجزائر دور تقوم به، حتى لا تزرع الفوضى؟    أخبار الساحة    هذه حصيلة التسوية الضريبة الطوعية    إقبال جماهيري غير مسبوق على تذاكر مباراة الجيش الملكي والرجاء الرياضي في دوري أبطال إفريقيا    حوض ملوية.. الإنتاج المرتقب للحوامض يفوق 192 ألف طن    مارلاسكا: دعم المغرب إثر فيضانات إسبانيا يعكس "عمق العلاقات" بين البلدين    الذهب يتراجع بعد أن وصل لأعلى مستوياته في نحو أربعة أسابيع    وست هام يُعيّن غراهام بوتر مدربا للفريق    عبد السلام الكلاعي يحكي الحب في "سوناتا ليلية"    وزير الداخلية الإسباني: دعم المغرب لنا في فيضانات فالنسيا يعكس "عمق العلاقات" بين البلدين    يربط إسبانيا بجنوب المملكة.. شركة ريان إير تدشن خطًا جويًا جديدًا بين مدريد والداخلة    بسبب حملة مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل.. كارفور تعلن إغلاق فروعها في سلطنة عُمان    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    جواز السفر المغربي يسجل قفزة في التصنيف العالمي لعام 2025    وادي "السلسيون": كوميديا الفشل في زمن النيوليبرالية    أخذنا على حين ′′غزة′′!    "بوحمرون" يغزو أسوار السجون ويفتك بالنزلاء    وفاة الموسيقار محمد بنعبد السلام    مندوبية: رصد ما مجموعه 41 حالة إصابة بداء الحصبة بعدد من المؤسسات السجنية    حول الآخر في زمن المغرب ..    تايلور سويفت تتصدر مبيعات بريطانية قياسية للموسيقى    أسعار النفط تواصل خسائرها وسط ارتفاع مخزونات الوقود الأمريكية    أتليتيكو يستغل غياب البارصا والريال    533 عاماً على سقوط غرناطة آخر معاقل الإسلام فى الأندلس    حصيلة حرائق لوس أنجليس ترتفع إلى خمسة قتلى    كيوسك الأربعاء | هيئات سيارات الأجرة تدعو لمناظرة وطنية للحسم في جدل تطبيقات النقل    المنصوري تشرف على توقيع اتفاقيات لتأهيل مدن عمالة المضيق الفنيدق    كأس الرابطة الانجليزية: توتنهام يفوز في ذهاب نصف النهاية على ليفربول (1-0)    مشروع قانون الإضراب.. السكوري: الحكومة مستعدة للقيام ب "تعديلات جوهرية" استجابة لمطالب الشغيلة    المغرب إلى نصف النهائي في"دوري الملوك"    تعيين مهدي بنعطية مديرًا رياضيًا لأولمبيك مارسيليا    طنجة: ثلاث سنوات حبسا لطبيب وشريكه يتاجران في أدوية باهظة الثمن للمرضى    ترامب يقف أمام نعش الراحل كارتر    قريباً شرطة النظافة بشوارع العاصمة الإقتصادية    هجوم على قصر نجامينا يخلّف قتلى    لقاء يجمع مسؤولين لاتخاذ تدابير لمنع انتشار "بوحمرون" في مدارس الحسيمة    السجن المحلي لطنجة يتصدر وطنيا.. رصد 23 حالة إصابة بداء "بوحمرون"    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    منظة الصحة العالمية توضح بشأن مخاطر انتشار الفيروسات التنفسية    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    مدوّنة الأسرة… استنبات الإصلاح في حقل ألغام -3-    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحولات في المشهد السياسي والفكري السعودي
لأول مرة في تاريخها ... تعيين وزيرة في قطاع التربية والتعليم
نشر في العلم يوم 03 - 03 - 2009


أ. د محمد جابر الأنصاري
لا يملك أي مهتم بالشأن العربي والإسلامي إلا أن يقف أمام مغزى القرارات التي اتخذها الملك عبد الله بن عبد العزيز بشأن تطوير بعض المؤسسات الهامة في المملكة العربية السعودية. وإذا كان بعض تلك القرارات يندرج ضمن «المعتاد السياسي» كتعديل مناصب وزارية وعسكرية وإعادة تشكيل «مجلس الشورى» ، فإن قرارات أخرى يمكن اعتبارها ذات بُعد «إصلاحي وتاريخي»، وأبرزها:
* تعيين سيدة مسؤولة عن تعليم البنات لأول مرة في تاريخ السعودية برتبة وزير في وزارة التربية والتعليم التي تولاها في الوقت ذاته وزير ذو ثقافة حديثة.
* إعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى بمشاركة أوسع لمذاهب إسلامية في انفتاح فكري وفقهي إسلامي حان وقته، هذا مع الاهتمام بتطع يم الجهاز القضائي بإشراف وبعناصر شابة أقدر على سرعة الحركة والبت.
* تكييف المؤسسة الدينية، متمثلة في جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ذات الصلاحيات الواسعة، بتعيين مسؤولين أقرب إلى فهم طبيعة المتغيرات والمستجدات في المجتمع والعالم.
وفي حقيقة الأمر، فعندما كتبنا في هذا الموضع قبل أسبوعين عن نهج القفزات العالية في السياسة السعودية الذي استنه الملك عبد الله بن عبد العزيز لم نكن نتوقع صدور قرارات جديدة بهذه «القفزات العالية» في وقت قريب للغاية. ولكن من يتأمل في توقعات وتطلعات التطور والتغيير لدى الأجيال السعودية المختلفة، يدرك مدى الحاجة الى صدورها في أقرب وقت.
ويمكن لدى النظر في أية تطويرات جذرية مقاربتها من زاوية سياسية ومن زاوية تاريخية. والرؤية الآنية لها يمكن أن تتفاوت تقييماً وقبولاً. أما الرؤية التاريخية فلها معاييرها وتقييمها المختلف.
وقد تبدو التطورات السعودية، بالنسبة لمجتمعات عربية أخرى، أتيح لها أن تمر بمسارات أخرى في التطور، تطورات اعتيادية للغاية. لكنها حسب مواضعات المجتمع السعودي وواقعه، ليست كذلك. والمعول دائما على مدى استعداد البيئة المجتمعية وتقبلها للتغيير والتطوير. ومن يعرف المجتمع السعودي معرفة قريبة وحميمية يدرك أنه يضم قوى وعناصر تواقة للتغيير وملحة عليه، وقوى وعناصر أخرى ترفضه وتقاومه بشدة، وتريد البقاء على قديمها الذي نشأت وتثقفت عليه. وإن هذه القوى المحافظة هي الأقدر على الاحتشاد والضغط والتأثير، بينما القوى التحديثية الأخرى كمثيلاتها في العالم العربي والإسلامي لا تملك أسناناً سياسية!... لذلك فإن قرارات الملك عبد الله بن عبد العزيز، تستحق أن ينظر إليها من زاوية مدى الدور الذي يمكن أن تضطلع به الدولة العربية في الوقت الحاضر في القيام بالنقلة التطويرية والإصلاحية التي لابد منها في حلقات التحرك الانقاذي لتجاوز ترسبات الماضي الانحطاطي المعيق. (وهو غير الماضي الحضاري المجيد الذي توقف للأسف منذ قرون، ويتوهم الكثيرون من العرب والمسلمين إنه مرشح للعودة، هكذا اعتباطياً وعشوائيا، وبحلول سحرية!).
ولا يملك الملاحظ للتطورات سياسة وتاريخاً وهو ينظر في مغزى القرارات التطويرية التي اتخذها الملك عبد الله بن عبد العزيز إلا أن يتذكر زمن التأسيس الأول للدولة المركزية في شبه الجزيرة العربية الذي أنجزه الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود والشجون والهموم التي واجهته وتصدى لها، ويمكن الرجوع الى الباحث السعودي تركي الحمد في دراساته بشأن الوضع السابق للدولة في الجزيرة العربية، ومغزى إقامتها. كما رصدنا ذلك في كتاب (تكوين العرب السياسي ومغزى الدولة القطرية، إصدار مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1994 ، ص 111).
ولقد عدت هذه الأيام الى شيء من تاريخ ذلك التأسيس ولفتني في خطاب الملك عبد العزيز ثلاثة أمور:
الأمر الأول: حرصه على الانفتاح على المذاهب الإسلامية والحديث عن مؤسسيها بالتقدير والحب، وذلك في معرض نفيه لانحصار السعودية في بوتقة «المذهبية الوهابية» التي ينفي عنها كونها «مذهباً» مخالفاً لمذاهب المسلمين، ويتهم خصومها بتسميتها بذلك.
والأمر الثاني: اهتمامه الشديد «مجلس الشورى» التاريخي الذي كان قائما في عهده على ممارسة صلاحياته الشورية المقررة في مناقشة ميزانية الدولة ومشروعاتها وقراراتها وحرصه على افتتاحه في كل دوره بخطاب يلقيه بنفسه أو من ينوب عنه. وفي ذلك الوقت المبكر (الثلاثينيات من القرن الميلادي المنصرم).
أما الأمر الثالث: ؟؟؟ مواطن سعودي لديه شكوى أياً كانت على التقدم بها إليه مباشرة، حتى لو كانت شكوى على أقرب المقربين في السلطة، مع تبيانه في بيانات بارزة منه لآليات توصيلها وعدم اطلاع أي مسؤول عليها (يراجع كتاب المصحف والسيف، جمع وإعداد: محي الدين القابسي) هذا بالإضافة الى الاهتمام اللافت لدى الملك عبد العزيز بشرح تطورات مختلف الأحداث للرأي العام العربي والاسلامي بما يكشف عن فهمه الفطري المتقدم لأهمية تأسيس الدولة المركزية الحديثة، والدفاع عنها، وخطورة الإعلام السياسي وأهميته البالغة في الوصول الى عقليات الناس في مجتمعه والمجتمعات الأخرى.
ويستغرب القارئ لتاريخ الملك عبد العزيز كيف أن قوى المحافظة استطاعت التأثير وتحويل مجرى الأحداث بعد غيابه وجهة مختلفة، وذلك ما يجعل لقرارات الملك عبد الله التطويرية أهمية تاريخ في إعادة المجرى الى نبعه الأول مع الأخذ في الاعتبار متغيرات الزمن ومستجداته.
والواقع إنه لابد من نهج «التطور»... أي نهج الإصلاح المتدرج أحببنا هذه الكلمة أم لم نحبها ! فالجمود انتحار تاريخي لا يمكن للأمم التي تود البقاء الاستمرار فيه. كما أن الطفرات الراديكالية «جربها عالمنا العربي ورأى محاذيرها ومخاطرها، فلابد إذن من نهج «التطور» الذي علينا أن نفهم أنه ضرورة تاريخية لامفر منها...
ومن المؤسف ان مدرسة التطور «بأدبياتها وأفكارها وما تتضمنه من ضرورة تطوير النظم والحياة ككل لم نأخذ منها كعرب ومسلمين الى اضعف عناوينها وهي «الفرضية» التي لم تثبت علميا بأن (الانسان أصله قرد!) فخسرنا فكر التطور كله تحت تأثير الوهم المضحك (وشر البلية ما يضحك «التطور» في تلك الفرضية المنفرة!..
وفاتنا أن تعاقب الأديان السماوية ، نبيا بعد نبي، ورسولا بعد آخر بمثابة «تطور» أراده الله للبشر. وإن حديث القرآن الكريم عن الأحوال التي يتدرج فيها «الجنين» الى أن يكتمل هي حلقات «تطور» جديرة بالتأمل... والتأمل الصحيح لمغزاها ومعناها...!
ومن محاسن الصدف إن قرارات الملك عبد الله التطويرية صدرت يوم احتفال البحرين بذكرى «ميثاق العمل مرسى» في الرابع عشر من شهر فبراير الجاري. وكان ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، عندما يسأل، عن موقف الجارة الكبرى القريبة، المملكة العربية السعودية، من الإصلاحات في البحرين يجيب (في ملمح ينم عن مدى القرب المتميز بين البلدين): «إننا في هذه المنطقة على نهج الملك «المصلح» عبد العزيز... لا أكثر ... ولا أقل!.
ويبقى أن أحداثا كبيرة وقريبة قد تمر بالمنطقة العربية، وتلهي الناس عن تطورات السعودية التي تمثلت في قرارات الملك عبد الله بن عبد العزيز ، ولكن التاريخ، ومعه المجتمع السعودي المعني بها، سيحكمان في النهاية على جدواها. وهي في تقديرنا لها ما بعدها... حيث لايمكن ان يتوقف تطور الحياة الذي هو نبضها وتنفسها من أجل الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.